|
الأربعاء 24-4-2013 ولا الإلحاح الأجنبي على تعميق الانتماء القطري فيها، استطاع أن يغيّب الذاكرة الجمعية فيها، أو يشطب الفصل الأكثر يقينية في تاريخها الحديث ، ولهذا السبب فإن عدم الاستقرار كان هو الطابع المهيمن على مرحلة ما بعد سايكس – بيكو في عموم دول بلاد الشام، بما فيها الوطن الفلسطيني المحتل، وعلى امتداد قرابة قرن من الزمن، شهد سلسلة من الانتفاضات والثورات والحروب التي صمدت فيها حقائق التاريخ كثوابت غير قابلة للشطب، بينما ازداد قلق الجغرافيا تحت ضغط محاولات العبث فيها، من داخل أقاليمها كفلسطين ولبنان، ومن الخارج الغربي الاستعماري خصوصاً، عبر إلحاحه الدائم على ربط هذه الأقاليم بعجلة مصالحه الاستراتيجية! ظل واقع الاحتلال في فلسطين مصدر توتر واضطراب في المحيط السوري بالمعنى التاريخي، وانعكس هذا الواقع على المخاضات اللبنانية المتوالية التي تجلت في بعض الأحيان على شكل حرب أهلية ، فرضت على سورية كقوة مركزية في أقاليم بلاد الشام وفي المنطقة، أن تتمرد على سايكس – بيكو، وترسل قواتها المسلحة إلى قلب العاصمة اللبنانية بيروت، لإطفاء حريق الحرب الأهلية، وإعادة بناء المؤسسات التي يشكل الجيش اللبناني عمودها الفقري، وفي وضع مشابه عام 1970، كادت سوريا تخاطر بتدخل عسكري مباشر فيما سمي مجازر أيلول التي شهدها الأردن في أيلول من ذلك العام، في مواجهة طاحنة بين السلطات الأردنية وقوى المقاومة الفلسطينية التي كانت حينذاك تتخذ من عمان مركزاً لقيادتها، ومن أغوار الأردن منطلقاً للعمل الفدائي ضد كيان الاحتلال الصهيوني، وبالفعل فإن وحدات من الجيش العربي السوري وصلت الى مشارف إربد في ذلك الوقت، في مهمة قومية تجنب المقاومة خطر التصفية على يد الشقيق الأردني، وتقطع الطريق على أي مغامرة قد يذهب إليها العدو الصهيوني للاقتصاص من فصائل الثورة الفلسطينية التي كانت تخوض معاركها في عمان وظهرها إلى الحائط! نستذكر اليوم هاتين الواقعتين من تاريخ بلاد الشام الحديث، على إيقاع ما يجري في سورية، القوة المركزية في الأقاليم المجاورة وفي المنطقة، ونستحضر الدور السوري في كل من لبنان والأردن، في محطتين متقاربتين نسبياً لكي نوقظ ذاكرة من يعتقد انه يستطيع الآن تحت جنح الحرب المعلنة على سورية، أن يصفي شيئاً من حساباته معها، بانخراطه في هذا الحشد متعدد الجنسيات الذي أوقد نار الأزمة في سورية قبل أكثر من عامين، فننبه حواسه الخمس الى خطورة العبث بالجغرافيا السورية، لأنها الجغرافيا الوحيدة التي ما زالت تعرف كيف وأين تقاوم الاحتلال الصهيوني، والجغرافيا الوحيدة التي تسطيع أن ترفع مبضع سايكس – بيكو عن خارطة بلاد الشام عندما يحين الوقت، فسورية هي المركز وهي القوة البشرية والعسكرية، والانضواء تحت لواء العدوان عليها مكلف ومدمر، خصوصاً حين يتعلق الأمر بشريكها في الهوية والتاريخ غرباً أو جنوباً، وإن كنا في مطلق الأحوال واثقين أن الوقت قد تأخر على من استفاق اليوم ليشارك في صب دلو من الزيت على الحريق، فلقد حوصر الحريق ويكاد لا يبقى منه على الأرض سوى الرماد! |
|