|
قضايا الثورة والاستنتاجات القائمة على فرضيات الاتهام المغرض ضد سورية تواجه فشلا ذريعا على خلفية التطورات الأخيرة التي أشارت إلى أن المحقق الدولي قد أبدى ضجره من تلك الاستنتاجات التي لا تعتمد في معظمها على أي معلومة, سوى الفبركة بغرض خلق جو من الشحن السياسي والإعلامي المتعمد للضغط باتجاه توظيف أي معطى صغيرا كان أم كبيرا على نحو ضاغط للتضييق على لجنة التحقيق. من هنا لا بد من السؤال الجوهري الكامن في هذه التطورات, وهو لماذا هذا الاستهداف المباشر ما دام التحقيق الدولي لم ينجز بعد, ولماذا كل هذا التشويش والذهاب في بعض الأحيان إلى تقويل التحقيق الدولي ما لم يقله, وإلى تحميله ما لا طاقة له على حمله? الإجابة لا تتعلق بسيناريو تتم تنفيذ خطواته تباعا, بل أيضا في سلسلة من التقاطعات التي تكشف بعض جوانب الخطأ في الانزلاق الذي تورط فيه قسم من اللبنانيين حين تسرعوا في الاتهام,وقسم آخر تورط في الاندماج معهم عن غير قصد, وقسم ثالث اعتقد أن ركب الموجة ولو كان متأخراً أفضل من البقاء خارج حلبة المتاجرة, دون أن يدركوا جميعا أن الخيط الذي يربطهم رغم أنه واهن ولكنه يوصل إلى النتيجة ذاتها. والدليل ذلك التناغم في البحث عن بدائل كلما لاحت في الأفق بوادر على إفلاس بهذا الاتجاه أو ذاك, حتى أن هناك ما يشير إلى أن فريق التنسيق المشرف على التقاط نقاط التقاطع تلك, ينكب هذه الأيام على البحث عن خطوط رجعة كان قد قطعها. والمسألة لا تتعلق بضعف الأدلة التي قدمتها لجنة التحقيق الدولية للقضاء اللبناني بخصوص التوقيفات التي تمت في بيروت فحسب, بل أيضا في هشاشة المعلومات التي قدمت للجنة التحقيق الدولية حول الاتهامات ذات البعد السياسي, والتي لم يكن بمقدور اللجنة أن تدافع عنها, أو أن تستمر في تبنيها, ما ينذر بأزمة قضائية تلوح مؤشراتها في الأفق, عبرت عنها على الأقل حالة الارتباك التي تنتاب الأوساط اللبنانية. وإذا كانت تصريحات المحقق الدولي ميليس الأخيرة عن عدم وجود أي مشتبه سوري في القضية,تأتي في وقت بات فيه الجميع على قناعة بأن الأجواء التحريضية التي أعقبت اغتيال الحريري ضد سورية كانت مفتعلة, والاتهامات كانت كاذبة, والأدلة التي قدمت للجنة التحقيق الدولية كانت مضللة, إذا كان كل ذلك ينكشف في هذه المرحلة, فإن أحداً لا يشك بأن ثمة الكثير من الأضاليل ستكشفها الأيام اللاحقة, والكثير من الأكاذيب ستفضحها التطورات القادمة. على ضوء كل هذا لابد من التوقف عند أسئلة قيل أن المنطق يطرحها, والتمعن في الإجابات التي يقدمها الواقع, لقراءة المساحة التي تفصل الحقيقة عن الوهم, ولمعرفة البون الشاسع بين الاتجاهات التي كانت تحكم عمل لجنة التحقيق الدولية لحظة وصولها إلى بيروت, وتلك التي تعمل عليها اليوم, والفرق بينهما يكفي للاستنتاج بأن ما كان يراهن عليه الكثير من المغرضين والمستهدفين قد فشل في حلقته الأولى, على الأقل..!! |
|