تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حول النص والمبدع

ثقافة
الأربعاء 25-7-2012
تتباين آراء الأدباء حول ماهية الأدب فأغلبهم يرى أن الأدب هو انعكاس حقيقي لذات الأديب وما يدور في داخله من انفعالات وتفاعلات مع العالم المحيط يسقطها خلال موهبته على نتاجه الابداعي

وبعضهم يرى أن الأدب أشمل من ذلك ويعتمد على رؤية إنسانية شاملة ليس بالضرورة أن يكون لها علاقة بذات الأديب.‏

وفي تقرير أعدته سانا ونشرته قالت: إن الأديب مالك صقور يرى أن الانسان ابن زمانه ومكانه ومن البديهي ان يتأثر منذ طفولته بكل ما يحيط به ويقول: انا تأثرت بالبيئة التي ولدت فيها وانعكست بعض أشيائها في كتاباتي التي انجزتها في القصة وظهر كثير من حراكها وتحولاتها والحياة القائمة عليها بسلبياتها وايجابياتها على كتاباتي وهذا ما حصل ويحصل عند معظم الكتاب والادباء الذين وصلوا إلى القمة في كتاباتهم والذين مازالوا في الطريق اليها.‏

أما القاص مفيد احمد فيعتقد أنه لا يمكن لعمل أدبي ان يخلو من الذاتية والذاتية، حسب رأيه تعني مسيرة الحياة بشكل كلي او جزئي منظورا اليها من داخل الكاتب مبيناً أن اعادة انتاج السيرة كتابيا تلعب دورا كبيرا في اصباغ أهمية ما عليها او افقارها وهنا تبرز اهمية الكاتب و سويته الفنية.‏

ويضيف أحمد أن الرواية هي الجنس الأدبي الأكفأ على استيعاب السيرة كمساحة وكقدرة على رصد تبدلات الشخصيات الروائية علما انه ليست كل سيرة تصلح لأن تكون عملا ادبيا ففي حال لم يتوفر لها معالجة فنية تقدمها جماليا ستصبح عادية ورتيبة لافتاً إلى ان الادب السوري فقير بهذا النوع الكتابي ومن كتب في هذا المجال عمد إلى تجميل سيرته واعادة انتاجها وفق ما يريد أي انه كتب السيرة العربية بشكل عام بعيدة عن الاعتراف وهذا ما يفقدها اهميتها بعكس كتب السيرة العالمية كاعترافات جان جاك روسو مثلا.‏

بدورها تقول الأديبة هالة المحاميد.. لا بد للكتابة ان تخرج من الذات وان تجسد عواطف الكاتب و طموحاته المشتعلة في أعماقه وإن كانت الفكرة قادمة من الخيال أو من مفردات الحياة الاجتماعية ولكن يجب أن يبنى على هذه الفكرة خلجات وعواطف تخص الكاتب حتى تصبح قريبة من الانسان الذي سيرتبط بالإنتاجات الادبية عاطفيا وانسانيا نظرا لما هو مشترك بينهما.‏

وأوضحت المحاميد انها تعرف ابطالها فهم مقربون منها حتى ولو كانوا من خيالها وتشعر أن هناك علاقة حميمية بينها وبينهم حيث تعمد إلى لقاء بعض أبطال قصصها وتقيم معهم علاقات ودية تمكنها من اقتناص البوح الشفاف الذي تعتبره جزءا هاما من شخصيات قصصها موضحة انه لا يمكن أن يخرج الكاتب من ذاته ابدا.‏

من جهته يعتبر الاديب صبحي سعيد أنه لا وجود لما يسمى ادبا ذاتيا قائلاً.. اذا كان هناك ادب فهذا يعني اننا امام واقع عميق ومتسع يستشرف لنا المستقبل أمام ما يسمى الادب الذاتي الذي اذا وجد فهو لا يستحق مرتبة الادب وهذا يعني ان الاديب لم يستطع ان يخرج من ذاته ازاء العالم المحيط به لان الكاتب او الاديب المبدع يتعامل مع الظواهر الحياتية بكل اتساعها وعمقها وافاق تطورها مبينا أهمية إدراك أن الاديب الذي يستطيع أن يتعامل مع هذه الظواهر بصورة ابداعية خلاقة يكون قادراً على الكشف وليس على الوصف فقط لان الوصف لا يدخل في جوهر الأدب وعالمه الابداعي الذي يفتتح الطريق إلى المستقبل، فاذا قلنا عن الادب المستقبلي انه ذاتي فهذه شتيمة من وجهة نظري لان دور الاديب يخرج من الخصوصية وفق شروط الابداع التي يجب أن تنطبق عليه ليكون محذرا ومنذرا من أي حالة مرضية.‏

والأدب الذاتي عند الروائية لينا هويان الحسن خدعة تشبه الحرب فهي تكتب ذواتها المتعددة التي تختبئ داخلها وتتوارى وراء جدران وهمية مراوغة وكل ابطالها يشبهونها في شيء ما فالبعض يشبهها كثيرا والبعض الاخر قليلا حيث لا تتردد ابدا في كتابة ما تعتقده ذاتها.‏

وتقول الحسن إننا نكتب لنكتشف ذاتنا ولنجول في الاخاديد العميقة التي تتوغل في الذاكرة لتعود خائبة إذا ما قررت الغرف من ذاتها او ماضيها او اجندتها المخفية ففي روايتي (سلطانات الرمل) البطلات متخفيات بذاتهن وفي مجموعتي القصصية (نمور صريحة) كان التعبير عن نفسي بوضوح ومباشرة.‏

بدورها تبين الشاعرة سوسن رضوان أنها عندما تلجأ للكتابة تحرص على الموازنة بين علاقتها بالواقع والهدف من عرضها فهي قد ترصد بعض الحالات التي يعاني منها أفراد المجتمع خلال حراكهم فتسقط الضوء على بعض الازمات التي يعيشها الانسان خلال تواصلها معه بشكل او باخر مبينة ردة فعله العاطفية والوجدانية فيما يتوافق مع ما تتأثر به خلال منظومات تربوية و نفسية موجودة في عالمها الداخلي.‏

أما الشاعر محمد عبيدو فأوضح انه لا يذهب إلى الكتابة الا بعد ان يعيش الحالة الشعرية لعدة ايام وهذه الحالة قد تأتي فجأة بفعل المحرضات النفسية والداخلية التي تكون الحافز الاهم والاقدر على دفعه إلى كتابة النص ومن المفترض ألا يكتب الشاعر الا بعد وصوله إلى الحالة الاكثر توترا وانفعالا حينها تخرج القصيدة بما تتضمنه من مفردات وعبارات من خلال نتاج الشاعر الثقافي والحضاري والاجتماعي ما يؤكد ذاتية الادب عند الشاعر.‏

وفي الاتجاه ذاته يرى الشاعر محمود حامد أن المضمون الشخصي للشاعر هو المضمون الغيبي الخفي الذي يطلع بالاهام والايحاء إذ يقول.. إن كتاباتي لها علاقة بمكنوناني الداخلية لكن الجدير بالذكر أن الاديب عندما يكبر تطغى شخصيته على نصوصه وقد تظهر بشكل ايحائي ولا تكون الشخصية غائبة لكنها تفعل كما تفعل النحلة خلال صنعها للعسل فالأديب يعتمد على النظرية الجمعية تتجمع الاشياء وتنمو في داخله ثم تتراكم وتمتزج بثقافته لحظة الانفعال القصوى التي تعبر المخاض الحقيقي لولادة الكلمات.‏

ويضيف حامد أن هناك علاقة جدلية بين الشاعر وكينونة الوجود فالشاعر رابط موحد بين الخفي وبين الجمال الموجود على الطبيعة وهذا الوجود والخلود يربط بينهما الشاعر.‏

أما الشاعر فرحان الخطيب عضو اتحاد الكتاب العرب فيرى أن الأدب الذاتي هو رحيق وجدان الشاعر ومرج من الازهار المتنوعة وربما تخترق هذه الازهار حزمة من الأشواك لكن يبقى كل هذا بذات الانسان والأديب الحق هو الذي ينتح من هذا المعين مضيفا أن تعرية الذات أمام الذات نفسها هي محطة تسورها الشجاعة النادرة.‏

ويضيف الخطيب أن الموضوع الذاتي في الشعر هو ما يبحث عنه النقاد لسبر اغوار شخصية الشاعر على اختلاف الموضوعات التي يكتب عنها سواء الفخر أو الرثاء أو المدح أو الغزل لافتاً إلى أن شعراءنا الاقدمين قدموا انفسهم لنا عبر بوح شعري جذاب ينهل من معين ذواتهم العظيمة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية