تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


معاهدة الحظر النووي والاستثناء الإسرائيلي.. إلى أين؟

أخبار
الأربعاء 25-7-2012
وضاح عيسى

تعد معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي وقعت في تموز 1968، ودخلت حيز التنفيذ بتاريخ 5 آذار 1970 إحدى ركائز النظام الأمني الجماعي وضرورة لابد من تحقيق بنودها للحفاظ على السلام والأمن الدوليين،

وتمثل هذه المعاهدة الدولية التعهد الملزم الوحيد في صورة اتفاقية متعددة الأطراف، التي تهدف إلى تعزيز نزع الأسلحة النووية من الدول الحائزة لها، ومنع انتشارها وتكنولوجيا إنتاجها، ودعم التعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.‏

ومن أجل ذلك تم عقد مؤتمرات لاستعراض عمل المعاهدة كل خمس سنوات، وذلك منذ دخولها حيز التنفيذ بهدف التوصل إلى اتفاق على إعلان ختامي من شأنه تقييم تنفيذ أحكام المعاهدة وتقديم توصيات بشأن التدابير الرامية إلى زيادة تعزيز ذلك، إضافة إلى دراسة القضايا الملحة بهذا الشأن من حيث عالمية المعاهدة، ودعم الاستخدام السلمي للطاقة النووية والسلامة والأمن في العالم، من خلال تنفيذ قرار مؤتمر 1995 بشأن الشرق الأوسط، ومعالجة الانسحاب من المعاهدة، وزيادة سبل تعزيز عملية الاستعراض والمشاركة مع المجتمع المدني عبر تعزيز قواعد عدم الانتشار وثقافة نزع الأسلحة.‏

لكن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية باتت شبه عالمية، في ظل عدم انضمام إسرائيل والهند وباكستان إليها، إضافة إلى انسحاب كوريا الديمقراطية منها وفي كانون الثاني 2003، وهناك خمس دول حائزة على الأسلحة النووية وقامت بالتجريب قبل 1 كانون الثاني 1967، وهي: فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وروسيا وبريطانيا والصين، إضافة إلى دول غير حائزة للأسلحة النووية (جميع الدول الأخرى)‏

هناك تقارير صحفية استندت لمعلومات استخباراتية يتم تسريبها دون الكشف عن هوية أصحابها، تتحدث من حين لآخر عن امتلاك إسرائيل دون سواها في المنطقة لمفاعلات وأسلحة نووية غير معروفة النوع والكم، وسورية التي كانت من أوائل الدول التي وقعت على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية في عام 1968 طالبت المجتمع الدولي منذ عام 1987 بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل ودعت إلى ضرورة الضغط على إسرائيل للانضمام إلى الاتفاقية دون قيد أو شرط وإخضاع كل منشآتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ودعت الدول الأطراف إلى الامتناع عن فرض أي قيود على نقل المعدات والتكنولوجيا النووية السلمية المتقدمة إلى الدول الأطراف التي لديها اتفاقات ضمانات شاملة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فيما شدد خبراء وباحثون دوليون على ضرورة إلزام إسرائيل بالانضمام لمعاهدة منع الانتشار النووي، ودعوا إلى إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وأكدوا أنه من غير المقبول بأن يقال إن إسرائيل تفعل ما تشاء لأنها غير طرف بمعاهدة منع الانتشار النووي، وفي المقابل يتم ملاحقة دول أخرى طرف بهذه الاتفاقية، ولفتوا إلى ضرورة إحداث اختراق على صعيد جعل المنطقة نظيفة من أسلحة الدمار الشامل من خلال إحراز تقدم من قبل الأطراف الدولية التي تملك أسلحة غير تقليدية وتقديم ضمانات بعدم استخدام هذه الأسلحة ضد دول المنطقة، وانتقدوا بشدة التركيز الإعلامي على دولة مثل إيران تمتلك قدرات نووية سلمية، وغض الطرف عن إسرائيل التي بات من المؤكد عسكرة برنامجها النووي، محذرين من مخاطر سياسة الكيل بمكيالين والنتائج العكسية التي تأتي بها لأن النتائج والانعكاسات ستكون وخيمة.‏

وطالبوا بوضع حد لازدواجية المعايير الغربية والأميركية في التعامل مع قضايا الانتشار النووي وذلك عبر منع إيران من امتلاك الطاقة النووية السلمية، ورفض الولايات المتحدة الأميركية ودول غربية أخرى، طلب سورية من الوكالة الدولية إجراء دراسة جدوى لإنشاء مفاعل نووي للأغراض السلمية وحصولها على مساعدات فنية بالرغم من أن مضمون المادة الرابعة من معاهدة حظر الانتشار ينص - بشكل واضح غير قابل للتأويل- على حق الدول الأطراف باستخدام الطاقة النووية في كل المجالات السلمية، وترك إسرائيل التي تمتلك مفاعلات وأسلحة نووية تفعل ما تريد في هذا الخصوص ودعوا إلى التركيز على الشك في من يمتلك السلاح بدلا من التركيز على الشك في نيات الدول.‏

ورأى الباحثون أنه لابد من ضمان ألا تدخل منطقة الشرق الأوسط بصراع لا يعرف مداه وطالبوا أيضا بإحداث تحولات للوصول إلى توازن نووي مطلوب من خلال تضافر الجهود الدولية لإلزام إسرائيل بتفكيك وتدمير ترسانة أسلحة الدمار الشامل التى تمتلكها، وكانت الدول الأوروبية قد أبلغت إسرائيل بشكل فردي عدم رضاها عن نشاطها النووي، لكن ذلك لن يتحقق ما لم تبذل كل الدول جهودا حثيثة وواقعية لإقناع إسرائيل بضرورة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، لكن إسرائيل التي صمت آذانها لم تتخل عن ترسانتها ولم تلتزم بالانضمام لمعاهدة منع الانتشار النووي، رغم قناعتها التامة بعدم مقدرتها على استخدام ترسانتها غير التقليدية ضد دول المنطقة متسلحة بالرعاية الأميركية لها ولترسانتها النووية، في حين يتم التركيز على ملف إيران النووي بشكل متعمد ومدروس من اجل لفت أنظار العالم إلى عدم التزام إسرائيل بوقف الاستيطان واستمرارها بالقتل والتصعيد وإشغاله بملف آخر.‏

كما أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية(CIA) تعلم منذ اللحظة الأولى لإنشاء مفاعل ديمونة النووي، أن الهدف من إقامته في منطقة قاحلة في صحراء النقب هو تطوير سلاح نووي، وإنّ استثناء إسرائيل من الانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية يعني السماح لها بالتفوق الاستراتيجي على العرب، وإطلاق يدها للهيمنة على المنطقة كلها، وإبقاء العالم العربي تحت رحمة التهديد الإسرائيلي المستمر. والشيء الملفت للانتباه أنّ الإدارة الأميركية، التي تضغط على الدول العربية لمنعها من امتلاك أية إمكانية نووية، تجهد نفسها لتبرير عدم توقيع إسرائيل على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وبالتالي عدم إتلاف مخزونها من هذه الأسلحة.‏

ترى ألم يحن الوقت للمطالبة بتحويل امتياز حيازة السلاح النووي إلى الحق في نزعه كلية وليس فقط حظر انتشاره لأن حظر الانتشار يكرس مبدأ اللامساواة واللاعدالة الذي يتاقض مع مبادئ ميثاق الامم المتحدة وصولا إلى تحقيق الأمن والسلم العالمي وتعزيزه !.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية