|
قضايا الثورة فخروج عشرات الآلاف من المتظاهرين في الأرجنتين حيث التأم انعقاد قمة الدول الأمريكية, احتجاجاً على وجود ومشاركة الرئيس بوش ونعتهم له ب (الفاشي والإرهابي), والاستقبال غير الودي الذي قابلته به جماهير البرازيل بعد أيام قليلة على المظاهرات الحاشدة المماثلة, التي شهدتها العديد من الولايات الأميريكية بالإضافة إلى مناطق أخرى في العالم,آثرت رفع صوت في وجه (اليانكي الجديد) وعقيدته الحربية المسلطة على الشعوب, مثلت صفعة قوية وضربة مؤلمة لنهج إدارة بوش وأدائها, وتعرية لعدوانيتها وعربدتها واستباحتها للمحرمات واستهزائها بالقانون الدولي, ولاسيما أنها أتت لتزيد في تعميق عزلة لم تعد تملك هذه الإدارة إزاءها وفي مواجهتها أي رصيد. إذ أن الحرب على العراق المثقلة بفضائح بالجملة تتوزع ما بين الفساد والاتهامات بالكذب والتضليل, وحجب الحقائق عن الناس والتلاعب بالمعلومات وفبركتها تسويقاً وتبريراً للحرب ودفعاً بالأمريكيين لخوضها, والكشف عن مواقع وسجون سرية للاستخبارات المركزية لاحتجاز السجناء في الخارج وفي بعض بلدان أوروبا الشرقية, وتسليط الضوء على الفظائع والانتهاكات التي مورست وتمارس تحت لافتات مكافحة الإرهاب, ومزاعم الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان, من أعمال تعذيب وقتل وحشي وإبادة عرقية وتعد على حقوق الشعوب وحرياتها واستقلالها, تشحن الأجواء وتسمم العلاقات حتى بين الأميركيين أنفسهم, الذين يتوازعهم الانقسام الحاد بين معارض للسياسات الحمقاء والمغامرة ومؤيد لها انخفض اليوم إلى مستوى الثلاثينات, وهي موضع استياء واستهجان الأمريكيين قبل غيرهم بشهادة الرئيس السابق جيمي كارتر الذي كال الاتهامات لإدارة بوش, واصفاً إياها بأنها تسببت بانحطاط المعايير الأخلاقية لسياسة الولايات المتحدة. وردود الفعل هذه مؤشرات وضعت المحافظين الجدد أمام أزمات سياسية وأخلاقية حادة وتجاه مواقف لا تحسد عليها, وشكلت رغم المكابرة ومحاولات التجاهل والقفز والتذويب والإلهاء, استفتاء حقيقياً ومحطات كبح ينبغي التوقف عندها من قبل إدارة بوش, باعتبارها المعنية بإجراء مراجعة شاملة للأخطاء والسياسات المدمرة, وتصويبها والتكفير عنها لا بالاعتراف المتأخر الذي لا يكفي لاندمال الجروح الكبيرة, ومسح المعاناة والآلام التي تسببت بها لشعوب وأوطان كثيرة, وإنما بإجراءات سريعة وتغيير للسلوك يترك للشعوب حرية تقرير شؤونها ومستقبلها بنفسها, ويترجم مقولة السلام العادل والشامل ويجعل منها حقيقة وواقعاً معاشاً في هذه المنطقة وغيرها من العالم. وبالتأكيد فإن الديمقراطية التي يتاجر بها بوش ويزاود ليست شعاراً وكلاماً مجرداً يطلق, وإنما فعل والتزام تقتضي أبسط قواعدها وشروطها الاحتكام إلى الشارع ورأي الأكثرية الساحقة, الرافضة لعقلية الحروب والاجتياحات والعودة بالعالم إلى عهود القهر والاستعباد, لا المشاكسة والعناد والاستمرار في السباحة بعكس التيار, وتستوجب الإقلاع عن ممارسة دور الشرطي العالمي وتصدير الموت والحرائق, التي ما ارتدت ولن ترتد بغير الكوارث وتفجر براكين الكراهية والعداء لأميركا. |
|