|
حديث الناس ورصدت له 52.2 مليار ليرة سورية, يصرف منها مليارا ليرة العام القادم, بهدف تحويل 1.2 مليون هكتار من الري التقليدي إلى اعتماد تقنيات الري الحديث, وتطوير الشبكات الحكومية, وذلك خلال مدة عشر سنوات. والمشروع الحالي ليس الأول الذي تطلقه الحكومة, فسبق أن أطلقت مشروعاً مماثلاً ما بين عامي 2000 و ,2004 وجاءت نتائجه متواضعة.. حتى إن المساحات الممولة خلال تلك الفترة, كانت بالمعظم بفعل مبادرات فردية لم تستفد من القروض التي رصدت لهذه الغاية. وسبق أن تم إطلاق صيحات مبكرة, نبهت إلى التدهور المتصاعد للأحواض المائية, بفعل النمو السكاني الكبير, واتساع المساحات المروية والاعتماد على المياه الجوفية عبر حفر المزيد من الآبار والتي بمعظمها غير نظامية, ولا تخضع لأي رقابة, حتى غدت المياه المستجرة من الآبار للزراعة بحدود 7.1 مليارات م3 سنوياً, وهي تقارب نصف المياه المستخدمة في الزراعة والبالغة 14.05 مليار م3 في السنة, وهذا المشهد يظهر الوضع الكارثي للمياه الجوفية. وتسبب الاستنزاف الجائر إلى تدهور الأحواض المائية, فتناقصت حصة الفرد من المياه لأقل من حد الفقر المائي, وتراجعت الحصة من 1015 م3/سنة إلى 747.5م3/سنة, ووصلت في سنوات الجفاف إلى 577.2 م3/سنة. وبالمقابل يحقق التحول إلى الري الحديث وفراً في استخدام المياه على مستوى الحقل بحدود 40% حسب نوع المحصول, ويطول الوفر أيضاً أقنية الري في حال التزمت وزارة الري بتجهيزها فنياً, وهي مسألة غاية في الأهمية فمن دونها لا يمكن نجاح المشروع الوطني للري الحديث. وفي حال توفير الكميات المتوقعة من المياه يمكن أن تتحقق زيادة في حصة الفرد تتجاوز حد الفقر المائي, ما يؤسس للانتقال إلى مرحلة الكفاية, ويمكن معها زيادة المساحات المروية, إضافة لتجدد الأحواض المائية, وتوفير السبل لإدارة مثلى ومرشدة للمياه, وفسح المجال أمام ترخيص الآبار على الأحواض المائية التي تعاني الاستنزاف حالياً. ويأتي المرسوم الصادر الشهر الماضي, والقاضي بإحداث صندوق تمويل المشروع الوطني للتحول إلى الري الحديث المرتبط بوزير الزراعة, ليظهر النية بمواجهة الأزمة المائية, والمهددة لمستقبل التنمية في سورية. ولكن النيات وحدها لا تفضي إلى نتائج ملموسة, ولابد لها من أن تقترن بخطط عمل تتضافر فيها جهود الجهات المعنية كافة, من وزارات الزراعة والري والصناعة والمالية والمصرف الزراعي واتحاد الفلاحين ونقابة المهندسين الزراعيين. ويقتضي إنجاح المشروع الوطني إيفاء الجهات بالتزاماتها, فعلى وزارة الزراعة إنجاز الهيكلية المتعلقة بمديرية المشروع وفروعها في المحافظات التي من المقرر أن ينطلق فيها المشروع في البداية, وتفعيل دور الإرشاد الزراعي وتنفيذ حملة إعلامية تشرح أهمية التحول للري الحديث, وتشير إلى أن الوفر الذي يمكن تحقيقه يصل سنوياً إلى 3.795 مليارات م,3 إضافة لكون الري الحديث يرفع الإنتاجية ويخفف الخدمات المطلوبة ويحد من الأمراض التي تواجه المحاصيل, وعلى وزارة الري وضع برامج زمنية محددة لإعادة النظر بشبكات الري المكشوفة, والتي تتسبب بهدر كميات كبيرة من المياه, إضافة لكونها لا تسمح بتطبيق المشروع الوطني, وعلى وزارة الصناعة التشدد بقمع المصانع المخالفة للمواصفة المعتمدة بتجهيزات الري الحديث, والمأمول أخيراً أن يتخلص المصرف الزراعي من الروتين القاتل المطبق على جهات القطاع العام. |
|