تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قد قلتِ حقاً.. ولكن ..

ثقافة
الثلاثاء 8/11/2005م
ديب علي حسن

في سهرة تلفزيونية تابعت جانبا منها بدا فنانونا المبدعون كعادتهم متألقين في الحضور الاعلامي, كما في اعمالهم الدرامية,

وهنا اتوقف عندما اشارت إليه الممثلة ( شكران مرتجى) وقد حمل نوعاً من العتب الموجه الى وسائل الاعلام التي لم تعطها حقها, وربما كان هذا صحيحاًَ, وكما ظلمت هي ظلم الكثيرون من المبدعين المتميزين فنانين, مخرجين, كتاباً.‏‏

وربما كان المشهد الثقافي يدل وبغير خجل على ان ما يجري في الكثير من اللقاءات والحوارات ليس الا محاباة ومجاملات غالباً ما هي مدفوعة الثمن , ان لم نسىء الظن, اقصد ثمناً, معنوياً , فالامر يتعلق بشلة الاحباب والاصحاب, وعلى مبدأ ( هذا العراق بستان لنا..).‏‏

ومع ذلك كله يبدو انه ما من احد راض عن الاداء الاعلامي من حيث المتابعة لهذا النشاط او ذاك , فالشاعر الذي لا يعرف احيانا النصب من الرفع يرفع عليك سيف عنترة ان لم نقل انه اشهر من المتنبي وانه اتى بما لم يأته احد من قبله او بعده, وكذلك بعض كتاب القصة والرواية, كاتب روائي لم يقرأ رواية واحدة طوال حياته, يريدنا ان نحتفي به اكثر من ماركيز.. وناقد مبدع لا يحفظ من اسماء النقاد العرب اسماً واحداً, ولا يعرف النقد الا من خلال وجوه المبدعات الجميلات اللواتي يغفر لهن جمال الشكل وخواء الروح ..هكذا المشهد او جزء منه على الاقل.. وفي الطرف الاخر ( الإعلامي ) ثمة من ينتظر هكذا فرصة, من يقتنص ويعيد, ويأتي صيده وفيراً..بين الجهتين ثمة هوة سحيقة ادعياء ابداع لا يرضون بغير المديح المتواصل وثمة من يكتب دون ان يمتلك الف باء الكتابة.. ويبدو ان المهم في الامر هو الإثارة والاثارة فقط وربما في احسن الاحوال ( حصاد وفير ...)‏‏

النقد البناء الحقيقي ضائع الى حين من الزمن..والى ان يتحقق ذلك نقول :اننا نعتز بمبدعينا جميعا, ولفنانتنا المتميزة شكران مرتجى التحية والمحبة, ومع كل هذا الوافر من الحب الذي نكنه لمبدعينا لا يسعنا الا ان نشير الى ان بعضهم يرقصون فوق الجراح ويشعرون ان الاخرين دمى يحركونها كما يريدون ...‏‏

الرقص فوق الجراح ...‏‏

لا اظن ان انساناًعاقلاً في هذه الدنيا يغادر موطنه الاول اذا توفرت له اسباب النجاح والبقاء, لا يغادر مهاجراً ولو من مدينة الى اخرى , او من قرية الى بلدة.. اذا توفرت له اسباب العيش الحر الكريم , وبالمثل العامي ( اينما ترزق تلزق)... هكذا هي حال ا لكثيرين الذين تركوا قراهم ,مدنهم واحياءهم بحثا عن امل جديد. . تجمعوا من شتى اصقاع الوطن , حملوا معهم عاداتهم, تقاليدهم عفويتهم, لكنهم ليسوا بمثل هذه الهمجية والغباء اللذين يصر صناع الدراما السوريون على تصويرهم بها .‏‏

كم شعرت بالاسى والحزن والقرف, نعم القرف بالقاف المشددة اكثر من اللازم, حين رأيت حلقة من ( بقعة ضوء ) عرضت على شاشة ( ديرة ) وهي بعنوان : ولك شاهين .. لا ادري كيف يبرع هؤلاء الذين يدعون انهم مبدعون, كيف يبرعون في الايغال بالاساءة والتهريج.. نعم حق للفنان , للكاتب , للمبدع حق للطبيب ان يجري ا لجراحة ان يداوي, حق للمبدع ان ينقل من الحياة من الواقع ويقدم فناً راقياً ينهض بالمجتمع , لكن ان يتحول الامر الى تهريج ورقص فوق الجراح.. لقطة وتظهر منطقة مخالفات شعبية اظن انها ( عش الورور) وكأن ما جاء في اللوحة التي بدت وكأنها رسالة اهانة موجهة ومدروسة بعناية ودقة كأن هذا لا يكفي , مللنا هذا التهريج الذي حمل الكثير من الاذى واذا كان هؤلاء المبدعون لا يتواصلون مع الناس لا يعرفون ردة الفعل التي شهدنا الكثير من تفاصيلها ..‏‏

أيها الدراميون.. ثانية من حقكم ان تبدعو اوتقدموا رؤاكم ولكن ليس هكذا , واتمنى ان تجيبوا لماذا كانت لوحة ( ولك شاهين . .) وماذا تعني في المحصلة.. ماذا تعني المبالغة اكثر من اللازم في ترديد جمل لا معنى لها الا ارسال اشارات اساءة .. منذ ايام كان الكاتب الكبير اكرم شريم ضيف صفحتنا الثقافية , واشار الى نقطة في غاية الاهمية الا وهي ان البعض يسعى قصداً ودون قصد الى الايماءات التي تنال من الاخرين, والغمز بالطبقات الفقيرة.. كم كنا نود لو ان تهريجكم الذي لا يليق بمستواكم كفنانين تحول الى معالجة قضايا اجتماعية حقيقية .. لسنا في سباق مع من هو الاقدر على حمل مبضع الجراح الجاهل واسالة الدماء.. رفقاً ايها المبدعون فلستم ملائكة وغيركم من سلالة ادنى من سلالة البشر , كما وددتم ان تقولوا:مازلنا بشراً, مازلنا على الارض , وما زلتم تمارسون التهريج, ولا احد يقول لكم كفى . .. ان لكم آن تشعروا ان الرسالة قد وصلت وفهمنا ماذا تريدون ان تقولوا...‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية