|
ثقافة ليلى.. اسم لم يحدث وان اهمله تاريخ العشق.. لكننا حتماً اعتدنا الى حد ما اهمال ذكرى بعض الشعراء الحقيقيين ربما بسبب ظرف قدري حاسم لم يكن الى صالحهم قط..
وربما لولا ان الفنان المبدع كاظم الساهر لم يحدث وان غنى اغنيته الشهيرة ( انا وليلى) لما اعيد الالتفاف الى كاتب هذه القصيدة الراحل خالد الشطري. قام مؤخرا نجله وليد خالد الشطري بجمع بعض من قصائده او الاصح ما تسنى جمعه من اعماله التي ضاع معظمها ضمن المجموعة الكاملة لأعماله الشعرية قبل طباعته ? فصدر ديوان ( انا وليلى) مؤخراً عن اتحاد الكتاب العرب. قبل الحديث عن هذا الديوان لا بد من ايجاز لمحة عن حياته التراجيدية..? فقد ولد في مدينة الشطرة جنوب العراق سنة 1932 ولم يكمل دراسته الجامعية بسبب الاوضاع السياسية السائدة آنذاك.. فعمل على تثقيف نفسه من خلال المطالعة وشغفه بالقراءة.. في الخمسينات زج في السجن اكثر من مرة ونفي الى السجن الصحراوي( نقرة السلمان) لمدة عامين وعندما خرج عمل مصوراً شمسياً في مدينته( الشطرة) ثم انتقل الى بغداد ليعمل محرراً في احدى المجلات ثم عمل مشرفاً لغوياً في المؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون. نظم ا لعديد من القصائد الوطنية والعاطفية والاجتماعية .. فقد ديوانه الاول ولا يعرف مصيره.. وتوفي سنة 1992 بعد خروجه من السجن مريضاً وفاقداً للذاكرة..? تم اعتماد موشحه( أجفوة أم دلال) ليدرس في معهد الدراسات النغمية في بغداد.. ولأن الامكنة هي ذكرى غاشمة وجميلة ولأن ( المكان ا لذي ولدنا فيه محفور بشكل مادي في داخلنا ) ولا توجه عن حبه فإن خالد الشطري اهدى ديوانه هذا :( ( الى ابناء مدينتي الحبيبة(الشطرة)). ( عيناي ظامئتان .. عيناي عالقتان بالدرب .. يلهث فيهما قلبي لوجهك الصبوح.. زوقته شهرزاد ) . هذا مقطع من قصيدة حملت عنواناً كلاسيكياً ( قلق وشوق) حيث اتقن الشطري الجمع بين لغة مشغولة بجهد وتوتر صعب . وبين لغة يومية سهلة ...كما انه لم يتوانَ عن ا لغنائية في شعره.. لأن الماضي بحر انموذجي للكتابة.. يمنحنا الايقاع المتناقض مثلما يلهمنا الخرافة والنفحة الرحبة لمأساة وجودنا واسطورة كناها لنحتفظ بأسرار موعودة.. لم يتورع الشاعر عن الاعتراف بقصة ب .. اشهارها بوجه ذاكرته ..حتى لا تحرقه نيران لجة حقيقة. واكثر من انهزام . حيث تتربص حكايا الحب ( الشخصية) منذرة بالعواصف.. فتتنفس برئات الشعر المثيرة...في قصيدته بغداد يطالعنا بكبرياء الشاعر المفجوع بكلمات رائعة التنسيق: (بغداد .. بغداد لا تخافي ان تري وجهي.. نقالة موتى حملت عليه . . ألف ألف ألف شهيد كي تسعد الرموش الحوالم.. كي يغني الصباح لضحكة ناعورة..) في كل قصائده يلمح التشنج الخفي اثر طعنة غادرة في الخاصرة.. ليظل ذلك الشاعر عبقرياً يشم في البعيد اثر جرحه القادم . ووجعه المقبل.. ويشم النهاية مثل برعم متغطرس يتفتح رغم كل شيء.. والى مفارق المأساة يمضي لتلمع شرارة شيء مجهول يأتي دائماً. ( ليلى) هذا الاسم الذي يمكن ان نعده معادلا رمزياً للعاطفة المتفجرة.. منذ طفولة الشعر والحب العربي فكل الشعراء تهامسوا باسم ليلى.. رفعوه الى اعلى الافق وصوب كل الازمنة لهذا قال لنا .. أو خاطبنا خالد الشطري آمراً ناهياً: اشطبوا كل الاسماء..انا وليلى.. يحتفي بنا التدوين وللشاعر وحده شرف تثوير الجرح في وجه كل زمن وكل حكاية.. في ختام حديثه عن هذا الشاعر لا يسعني غير التذكير بشاعرآخر قضى منتحراً هو الشاعر ماياكوفسكي حين قال: ( كيف لا اغني نفسي, انا المعجزة الحقيقية) .. نعم كل شاعر يستمد حقيقة موهبته .. من صدق موقف.. وألم نهاية.. وهكذا كان خالد الشطري.. |
|