|
ثقافة في السنوات الأخيرة ساهمت المكتشفات الأثرية العديدة والنادرة إلى جعل الحضارة السورية تبلغ ذرا عالية على المستوى العالمي بفضل حركة النشاط الأثري الذي تديره البعثات الأثرية الوطنية والمشتركة والأجنبية والتي تنتشر في العشرات من المواقع الأثرية التي تغطي كافة أرجاء القطر والتي تشير الأرقام الأخيرة وبشكل خاص بعد القيام بالعديد من الكشوفات والمسوحات الأثرية الأخيرة إلى أن هناك ما يزيد عن الستة آلاف موقع أثري معروف في القطر العربي السوري وهو بلا شك أعلى نسبة في العالم بينما الملاك العددي يصل إلى ألف وخمس مائة. ومصر لديها مواقع أقل من سورية ولديها أربعة وثلاثون ألف عامل في الآثار. المديرية العامة للآثار والمتاحف في القطر العربي السوري هي التي ترعى كافة الأعمال التي تتعلق بالكشف على الممتلكات الأثرية سواء ما كان منها في باطن الأرض أو على سطحها ثم الحفاظ عليها ودراستها وعرضها في المتاحف الوطنية. وسورية جنة للآثار والآثاريين في العالم وقبلة للدارسين والباحثين في تراث الحضارة الإنسانية .للمزيد من إلقاء الضوء على واقع المديرية العامة للآثار والمتاحف وأثار سورية كان لنا الحوار التالي مع الدكتور بسام جاموس المدير العام وهو باحث أثري.
>أرجو أن تعطينا فكرة عن عمر سورية وعمقها في التاريخ القديم والحديث. >> اليوم وبعد أن شهدت سورية فترة ازدهار كبيرة في ميدان الاكتشافات الأثرية, نستطيع القول ان سورية هي (أرض الحضارات) لقد دلت الأعمال الأثرية التي جرت على أن سورية قد شهدت ظهور إنسان العصر الحجري القديم, أي منذ حوالي مليون سنة خلت, في منطقة (ست مرخو) في حوض النهر الكبير الشمالي وحوض الكوم في بادية تدمر. وحوالي الألف الثانية عشرة قبل الميلاد توصل الإنسان في سورية إلى الاستقرار الدائم في مجموعات صغيرة. لقد استمرت النهضة في العصور اللاحقة دون انقطاع حتى أصبحت سورية قلب الحضارة المدنية أو الثورة المدنية حيث شهدت ولادة المدن المسورة بالتحصينات القوية والمزودة بالمعابد والقصور والمباني العامة الأخرى. ومع الألف الثالثة قبل الميلاد شهدت سورية ميلاد المدن والدول والممالك والامبراطوريات السومرية والأكادية والأمورية والآرامية. ومع مطلع القرن الثامن الميلادي أصبحت سورية في قلب الامبراطورية العربية الإسلامية وخلال كل العصور الوسطى لعبت سورية دوراً مفصلياً كونها على مفترق طرق الحضارات. > ما هي أهم الآثار التي ظهرت في سورية وأعجب بها العالم من حيث الأهمية التاريخية أولاً والغنى المادي والمعنوي ثانياً? >>لا شك أن الغنى التاريخي والأثري لسورية قد ظهر خلال الفترة القليلة الماضية بعد أن كشفت معاول البعثات الأثرية الكثير من الآثار الهامة على المستوى العالمي وإذا تجولنا في هذا الفردوس الحقيقي لابد من أن تبهرنا تلك الكنوز الأكثر فخامة والأشد إبهاراً كالهيكل العظمي لطفل نياندرتالي يرقى تاريخه إلى مئة ألف عام عثر عليه المنقبون في كهف الديدرية في منطقة عفرين شمال شرق سورية, وعلى ضفاف الفرات وفي مواقع جرف الأحمر وتل العبر اكتشفت مؤخراً أقدم الألواح التصويرية المعروفة حتى الآن يعتقد أنها ألواح كتابية تمثل رموزاً لنهر الفرات ولطائر النسر تعود إلى الألف التاسعة قبل الميلاد كما اكتشفت أقدم أبجدية في العالم لا تزال معروفة حتى الآن في مدينة أوغاريت على الساحل السوري وهي تعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد. كما قدمت سورية عدداً مدهشاً من الرقم المسمارية من ايبلا وماري وتل ليلان وتل بيدر وأوغاريت وابن هاني والمشرفة (قطنا) كان من بينها تلك التي تضم أقدم معاهدات بين دول العالم القديم. وهناك معابد ماري وأوغاريت وايبلا وتدمر وبصرى وهي من أقدم المعابد المعروفة تاريخياً وظهرت فيها أقدم المنحوتات الحجرية والفخارية والعاجية والعظمية والبرونزية ومن بين هذه المنحوتات الفائقة الشهرة تمثال ربة الينبوع وتماثيل ملوك ماري وايبلا وأرباب أوغاريت وملوكها وملوك قطنة الأمورية وتماثيل الآلهة وأرباب الميثولوجيا مثل فينوس ومركور وزيوس وربة العدالة والانتقام نيميزيس والمنحوتات التدمرية المترفة وأقدم تعرفة جمركية في العالم كانت تزين مدخل تدمر تعود إلى عصر ازدهار تدمر في القرن الثالث الميلادي معروضة اليوم في متحف لينيغراد, إلى جانب تماثيل الأباطرة السوريين في العصر الروماني منهم تمثال الرخامي لامبراطور روما فيليب العربي المكتشف في مدينة شهبا.
> ما هي الخطط المستقبلية للمديرية من ناحية الترميم والأرشفة ونشر آخر النتاج? >> من جهة ثانية, ولأهمية النتائج الأثرية الحديثة فسيتم التركيز على متابعة البحث العلمي في العديد من المواقع الأثرية ذات الأهمية العالمية مثل مواقع ايبلا, حيث تم اكتشاف أقدم أرشيف ملكي في العالم مكون من قرابة الستة عشر ألف رقيم مسماري, وماري على الفرات الأوسط حيث الأرشيف الملكي الضخم وكذلك موقع أوغاريت على الساحل السوري حيث تم اكتشاف أقدم أبجدية في العالم, وكذلك موقع المشرفة بالقرب من حمص حيث بدأت تظهر للوجود آثار المملكة العمورية من خلال المدفن الملكي, ومواقع الإنسان القديم في حوضة الكوم في تدمر ومغارة الديدرية حيث تم اكتشاف أقدم هيكل عظمي لطفل في سورية وتل بيدر وآفس وخراب سيار والعشرات من المواقع الأخرى والتي بلغ عدد البعثات الأثرية العاملة فيها إلى حوالي المئة وثلاثين بعثة أثرية وطنية ومشتركة وأجنبية. > هذا الكم الهائل من الآثار يحتاج إلى كادر مؤهل .ما هو مستوى الكادر لديكم? >>يحتاج الإرث الحضاري الهام والمتنوع الذي تزخر به الأراضي السورية إلى الحماية والصيانة والحفاظ والتأهيل والفتح للجمهور, وتتطلب هذه الأعمال الهامة والحاسمة إلى كادر بشري كبير ومؤهل يعمل على مدار الساعة للقيام بواجباته في هذا القطاع الهام الذي أصبح الدخل الذي ينتج عنه بديلاً عن النفط في أنحاء كثيرة من العالم. وقد أقرت زيادة الملاك العددي للعاملين فيها من ناحية, أما من ناحية أخرى, وهي الأهم, فهي تعمل على تدريبه وتأهيله من الناحية الإدارية والفنية والأثرية واللغوية عن طريق الدورات التدريبية المحلية المصممة خصيصاً للمديرية أو التي تقدمها المراكز المختلفة, أو عن طريق الايفادات الخارجية والمنح إلى الدول المختلفة في مجالات الترميم والدراسات والتنقيب والمتاحف سواء أكانت تدريبية أو منحاً دراسية. > ما هو موقع المديرية العامة للآثار والمتاحف في رفد حركة الاقتصاد الوطني? >> إن التحولات الكبيرة التي تشهدها الاقتصاديات العالمية في الآونة الأخيرة والتي زاد فيها الاعتماد على النشاط الثقافي يعتبر أحد أهم المؤشرات الكثيرة التي تشير بوضوح إلى أهمية المؤسسات الثقافية كمصدر هام في تنشيط العجلة الاقتصادية للبلدان ذات المصادر التنموية المحدودة. إن حركة السياحة الثقافية التي تنمو وتطرد في القطر العربي السوري واعتمادها على الموروث الشعبي والتراث الأثري الغني في القطر بما يحويه من مواقع أثرية ذات شهرة عالمية ومتاحف وطنية تحوي كنوز القطع الأثرية الفريدة يساهم بشكل فعال في إعطاء المديرية العامة للآثار والمتاحف دوراً أساسياً في تعجيل دوران هذه العجلة الاقتصادية. لقد أصبحت سورية في السنوات السابقة القليلة, حيث بدأت خطط الاهتمام بتنشيط السياحة الثقافية تأخذ طريقها إلى التنفيذ سواء عبر العمل الوطني أو العمل التعاوني مع الدول الصديقة وكمثال على ذلك المشروع الأخير التي تقوم به المديرية العامة للآثار بالتعاون مع مجموعة دول الاتحاد الأوروبي في الاهتمام بالعديد من المواقع الأثرية الهامة وتخديمها سياحياً وكذلك العمل على تسجيل العديد من المواقع الأثرية الوطنية على لائحة المواقع ذات التراث العالمي وكذلك الاهتمام ببناء المتاحف الجديدة في المناطق المختلفة إحدى أهم المناطق السياحية في المنطقة مما زاد من نسب السياح الوافدين لزيارة القطر وبالتالي المواقع الأثرية وهو بالتالي يستلزم القيام بشكل مستمر العمل على رسم صورة مستقبلية واضحة للدور الذي يمكن أن تلعبه المديرية العامة للآثار في هذا المضمار حيث يتم تفعيل المنتج السياحي المعتمد على موارد المديرية العامة للآثار والبدء بتحويل هذه الصروح الثقافية (مواقع أثرية ومتاحف) إلى مصادر مالية ثابتة تسهم في تنشيط الاقتصاد الوطني. > ماذا حققتم في عام 2005? >> يتنوع عمل المديرية بتنوع النواحي التي تؤثر على حسن سير العمل في الحفاظ على الآثار, ومنذ بداية العام, قمنا بما يلي: ˆ تنظيم الدورة التطبيقية حول إدارة مواقع الإرث الحضاري بالتعاون بين منظمة الإيكروم, والدول الثلاثة سورية ولبنان والأردن. ˆ تنظيم ورشة عمل عن قلعة حلب بالتعاون مع مؤسسة الآغا خان. ˆ تنظيم ندوة البحث الأثري السوري - البريطاني في المتحف الوطني بدمشق. ˆ افتتاح معرض تل العمارنة في بلجيكا الذي سيتم نقله إلى بولونيا الشهر المقبل. ˆ افتتاح متحف حمص بعد تجهيز العرض فيه وتزويده بالقطع الهامة التي تمثل تاريخ سورية الوسطى. ˆ افتتاح معرض كنز المشرفة. ˆ تجهيز خطة نشر الثقافة الأثرية لعام .2006 ويتم حالياً التحضير لتفعيل منحة الصوت والضوء اليابانية المقدمة إلى متحف تدمر, وافتتاح قاعة المومياءات في المتحف نفسه, كما يتم التحضير للبدء بتنظيم العرض في متحف درعا الجديد, وتنظيم العرض والمستودعات في متحف اللاذقية, وبدء العمل بالتعاون مع الجانب الإيطالي في متحف دمشق وادلب وقلعة ymarhassan@hotmail.com">دمشق. ymarhassan@hotmail.com |
|