تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عبر التاريخ .. حكمهــا الآكاديــون والبابليـون والآشـــوريون.. وسيطر عليها الفرس و البرتغاليون والعثمانيون

قاعدة الحدث
الخميس 19-7-2012
إعداد: منهل إبراهيم

سكنت منطقة القطيف منذ آلاف السنين حيث نشأت حضارة غامضة عرفت بدلمون، و كانت القطيف في معظم فترات تاريخها عاصمة إقليم البحرين الذي شمل تاريخياً جزر أوال (دولة البحرين)

والقطيف والأحساء وامتد من الكويت حتى عمان شاملاً الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية، ففي عصور ما قبل التاريخ عرفت القطيف هجرات تاريخية من والى المنطقة لما تمتعت به من موقع استراتيجي ومن ثروات فقد هاجر منها الكلدانيون والآشوريون والبابليون والحثيون والفينيقيون ،و تدل الآثار أن المنطقة كانت مسكونة منذ العصر الحجري.‏

وفي نحو سنة 3000 ق.م قامت دولة في إقليم البحرين تحدثت عنها النصوص السومرية والآكادية والآشورية، هذه الدولة خضعت لحكم الآكاديين حيث أخذت القطيف موقع القلب وبعد سقوط الآكاديين استقلت المنطقة, ولكنها خضعت فيما بعد للبابليين،واستقلت المنطقة مرة أخرى بعد أن حطم الحثيون قوة الدولة البابلية وقامت في الخليج مملكة مستقلة ومستقرة تسمى مملكة (أرض البحر)، وفي 1440 ق.م تمكن الكاشيون من تدمير مملكة أرض البحر بعد أن دامت 370 سنة ولكن حكمهم لم يكن مستقرا، بعد ذلك سيطر الآشوريون على المنطقة من نحو 1000 ق.م إلى 600 ق.م.‏

وجاء الملك البابلي نبوخذ نصر وسيطر على المنطقة من 600 – 560 ق.م. وأتى بعده الملك الفارسي قورش من 560 – 520 ق.م ليبني الدولة الفارسية التي سيطرت على الخليج وحولته إلى بحيرة داخلية ،وفي 331 ق.م عاد الازدهار للمنطقة عندما حطم الاسكندر المقدوني الدولة الفارسية وأمر بتجهيز أسطول لاحتلال المنطقة ولكن وفاته و اختلاف خلفائه بدد هذا المشروع.‏

وبين 46ق.م و 266 م قدمت إلى المنطقة قبائل عربية أخرى وتوحدت مع القبائل العربية في المنطقة ما شكل قوة سيطرت على المنطقة حتى جاءت قبائل عبد القيس وفرضت سيطرتها على كامل إقليم البحرين وفي سنة 266 م أسس الملك الفارسي أزدشير بابك الدولة الساسانية وكانت منطقة القطيف تحت تأثير المعسكر الفارسي،لكن هيبة الدولة الساسانية ضعفت عندما زحفت قوات يمنية على المنطقة في سنة 300 م وهاجمت الفرس و أدت هذه الأعمال إلى إضعاف حكم الدولة الفارسية ما أدى إلى قيام سكان المنطقة بغزو الفرس في عقر دارهم واستولوا على بعض سواحل بلاد فارس، وفي سنة370 م شن الملك سابور الثاني الفارسي حملة انتقامية وعبر الخليج إلى القطيف وتوغل في جزيرة العرب وقام بتهجير القبائل وفرض عليها الإقامة الجبرية واستمر خضوع المنطقة للفرس حتى دخولها في الإسلام.‏

في السنة السادسة للهجرة أرسل النبي محمد (ص) العلاء بن الحضرمي بكتاب إلى والي القطيف والبحرين من قبل الفرس وهو المنذر بن ساوى بن الأخنس العبدي يعرض عليه الإسلام ويشرحه ويدعو أهل البحرين إلى الإسلام. اقتنع المنذر بالإسلام ودخل فيه ودعا قومه فأسلم أغلبهم وبقي بعضهم على ديانته فلم يجبرهم على تركها وأصبح المنذر والياً على البحرين، وبعد وفاة الرسول الكريم (ص) ظهرت نزعة للانفصال عن الدولة المركزية في المدينة فتمردت قبائل ربيعة وتوجت المنذر بن النعمان بن المنذر ملكاً وزحفت على القطيف وهجر.‏

واحتلتهما حتى وصل العلاء الحضرمي بإمدادات من المدينة فحرر القطيف وهجر ومعظم بلاد البحرين، وفي خلافة الصحابي الجليل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام قدامة بن مطعون بإتمام تحرير كامل البحرين والقضاء على من بقي من المتمردين.‏

حكم الأمويون القطيف من40 – 67 هـ حيث قام الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بهزيمة الخوارج الذين دخلوها واحتل كامل البحرين، وفي 105هـ غزا الخوارج اليمامة بوسط الجزيرة ولكن الحاكم الأموي هزمهم وواصل الحرب حتى أعاد البحرين للحكم الأموي .‏

وفي العصر العباسي قام العباسيون في 151هـ بقمع بلاد البحرين عندما ثارت وقضى على ثورتها الخليفة العباسي المنصور، وفي الفترة مابين 281-287 هـ قدم للقطيف رجل اسمه يحيى استمال إليه البدو فكونوا جيشاً قوياً من عدة قبائل بدوية وهاجموا القطيف واحتلوها وكونوا دولة القرامطة، وهرب كثير من الأهالي وانضموا للجيش العباسي الذي أرسله الخليفة المعتضد ولكن جيوش القرامطة هزمت العباسيين، وفي نفس السنة هاجموا الأحساء واحتلوها وعلى إثر ضعف القرامطة سنة 398 هـ وتقلص نفوذهم ومواردهم تمردت القبائل البدوية التي كانت حليفتهم وعلى رأسها بنو ثعلب فزحفت على الأحساء وأنهت دولة القرامطة، وأسسوا دولة الثعالبة التي بسطت نفوذها على القطيف، وفي حوالي 450 هـ أسست قبائل بني عقيل دولتها في البحرين على أنقاض دولة الثعالبة.‏

خلال حكم العيونيين في500 هـ نقل الفضل بن عبد الله العيوني العاصمة للقطيف سنة 513 للهجرة ثم إلى جزيرة أوال (البحرين في العصر الحاضر) وامتدت الدولة في عهده إلى الكويت، ثم تعرض محمد بن الفضل حاكم العيونيين سنة 531 هـ للاغتيال وتجزأت الدولة إلى اثنتين واحدة في القطيف والأخرى في الأحساء. وبعدها اضطربت الأحوال في القطيف وقل الأمن وكثرت الاغتيالات،و نتيجة للاضرابات الداخلية بين الأسرة العيونية تمكن بنو عصفور من إسقاط دولة العيونيين وإقامة دولة بني عصفور سنة 640 هـ وفي سنة820 هـ حكم بنو جبر القطيف والأحساء ونجد واستتب الأمن في حكمهم.‏

وفي سنة 927 للهجرة احتلت البرتغال القطيف والبحرين وأنشأ البرتغاليون قلاعا كثيرة لايزال بعضها باقيا إلى الآن مثل القلعة البرتغالية في تاروت وفي941هـ (1535 م) طلب أهل القطيف المساعدة من السلطان العثماني سليمان القانوني فهزم الأسطول العثماني البرتغاليين في اليمن وعمان،ونجح أهل القطيف بالثورة ضد البرتغاليين وتحرير القطيف وتسليمها للقوات العثمانية، وفي957 هـ (1550 )م هاجم البرتغاليون القطيف مرة أخرى واحتلوها ،ثم قام العثمانيون بمهاجمة البرتغاليين بمساعدة القراصنة فتمكنوا من استرجاع القطيف والاحساء.‏

دخلت القطيف تحت حكم العثمانيين الذين أرهقوا المواطنين بالضرائب والاضطهاد فكانت المنطقة تعاني من الفساد والاضطراب طوال حكمهم الذي استمر إلى عام 1080 هـ، حيث سبب نظام الاقطاع باكتفاء الدولة بتحصيل الضرائب وكانت السيادة والإدارة بيد الولاة المحللين الذين عينتهم الدولة العثمانية وبدؤوا بالاستقلال والانفصال عنها مع ازدياد ضعفها.‏

وفي سنة1073 هـ استولى بنو خالد بقيادة براك بن غرير على القطيف وطردوا الوالي العثماني وذلك بمساعدة حاكم البصرة وفي سنة1076هـ،أجبر العثمانيون بني خالد على التخلي عن القطيف للوالي محمد باشا إلى أن احتلها بنو خالد وأبعدوا العثمانيين عنها سنة1080 هـ وفي سنة 1206 هـ احتل قائد جيش السعوديين ابن عفيصان القطيف، وفي سنة 1207 هـ قام سعود بن عبد العزيز بتصفية آخر معاقل الخوالد في بوادي الاحساء وإنهاء دولة الخوالد .‏

نجحت جيوش محمد علي باشا والي مصر بقيادة ابنه إبراهيم باشا في غزو نجد في سنة 1233 هـ وتم القبض على آل سعود ونفيهم إلى مصر، وقام قائد الحملة المصرية بإسناد ولاية القطيف والأحساء للخوالد، لكن القائد المصري لم يثق بهم وخشي تكوين دولة قوية للخوالد واستقلالهم عنه فجهز حملة قوية احتلت القطيف والأحساء بمساعدة البريطانيين،وكانت السيطرة على القطيف والأحساء البعيدتين عن مصر عملية مكلفة فآثروا الانسحاب وتركوا الخوالد ولاة على البلاد، وفي سنة 1245 هـ (1830 م) هاجمت الدولة السعودية الثانية التي تكونت في نجد الخوالد واحتلت القطيف، وخلال فترة حكمهم تعرضت القطيف لغزوات من قبيلة العماير التي احترفت القرصنة لكن آل سعود تمكنوا من هزيمتهم وفي سنة 1287هـ تمرد سعود بن فيصل على أخيه الأمير فيصل وقام باحتلال القطيف والأحساء .‏

جهز والي بغداد مدحت باشا حملة في سنة1288 هـ (1871 م) نجحت باحتلال القطيف، وتميز حكم الأتراك خلال هذه الفترة بالاضطراب فألحقت القطيف والأحساء بولاية البصرة والعراق،وفي سنة1327 هـ. (1910 م) حاولت بريطانيا استغلال الوضع فعرضت الحماية على زعماء القطيف ولكنهم رفضوا وفي سنة 1331 هـ. (1913 م) قام جيش الملك عبد العزيز آل سعود باحتلال الأحساء وأرسل سرية للقطيف و أقنع زعماء القطيف الوالي التركي بالانسحاب فانسحب الأتراك ودخل السعوديون سلماً.‏

وبعد سقوط الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى وقعت معاهدة القطيف سنة 1334 (1915 م) بين الملك عبد العزيز و ممثل بريطانيا برسي كوكس شبيهة بمعاهدات الحماية مع إمارات الخليج، واعترفت بريطانيا في عام 1927م بالسيادة والاستقلال لعبد العزيز كملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها، وفي سنة 1351 هـ. (1932 م ) صدر مرسوم ملكي وحد مملكة الحجاز وسلطنة نجد تحت اسم (المملكة العربية السعودية) وكان مقر الإمارة في القطيف وأصبحت القطيف محافظة سنة 1412 هـ ( 1992 م) تحت نظام إدارة المناطق والمحافظات .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية