تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


انتفاضة القطيف.. عشرات القتلى ومئات الجرحى وأكثر من 600 معتقل

قاعدة الحدث
الخميس 19-7-2012
إعداد: سائد الراشد

احتجاجات شبه يومية تشهدها منطقة القطيف شرقي السعودية، هي نتيجة لعقود طويلة من الممارسات القمعية وسياسات كم الأفواه والاعتقالات التي ينتهجها نظام آل سعود، إضافة للتهميش وغياب العدالة الاجتماعية والديمقراطية، الأمر الذي مهد لقيام انتفاضة وثورة عارمة ضد الظلم والاستبداد.

شهدت القطيف منذ بداية العام الماضي سلسلة مسيرات شعبية طالبت بإطلاق سراح سجناء سياسيين غير محكومين منذ سنوات طويلة إلى جانب مطالبة الحكومة السعودية بإصلاحات سياسية ورفع أي نوع من أنواع التمييز، هذه المسيرات الاحتجاجية تواصلت بشكل سلمي تأكيداً على إصرار المتظاهرين على مطالبهم المشروعة بالإصلاحات، وتنديداً بسياسة القتل والقمع والتمييز والتغييب التي تنفذها السلطات السعودية منذ أمد بعيد ضد الشعب.‏

لكن قيام قوات الأمن مؤخراً بإطلاق النار على رجل الدين الشيخ نمر النمر في العوامية لتصيبه بجروح ومن ثم اعتقاله، رفع حدة التوتر وأدى إلى اندلاع مسيرة احتجاجية حاشدة في قرية العوامية شارك فيها آلاف الأشخاص، واجهتها السلطات السعودية بالرصاص الحي، ما أدى إلى استشهاد اثنين على الأقل وإصابة أكثر من عشرين آخرين، وقد غصت القطيف بعشرات آلاف المواطنين لتشييع الشهيدين محمد الفلفل وأكبر الشاخوري، بحسب ما أوردته تقارير إعلامية محلية بالمنطقة.‏

وزارة الداخلية السعودية أقرت بإقدام عناصر أمنها على إصابة الشيخ النمر بالرصاص في رجله أثناء اعتقاله، وكعادتها في ممارسة القمع وكم الأفواه وتلفيق الاتهامات لكل ذوي الرأي الحر والمعارضين لنهجها القمعي بررت في بيان للمتحدث باسم وزارة الداخلية نقلته وكالة الأنباء السعودية «واس» أن سبب اعتقال إمام مسجد العوامية بدعوى إثارة ما اسمته بالفتنة.‏

كما عمدت قوات الأمن إلى تعزيز قواتها بعدد كبير من آلياتها وعناصرها إضافة إلى القوات المعسكرة في المنطقة بهدف قمع التحركات السلمية في القطيف، علماً أنه سبق أن وجّهت شخصيات رسالة إلى رئيس الحرس الوطني متعب بن عبد الله يناشدونه فيها «منع تواجد المصفحات العسكرية في الشويكة بالقطيف وقرب الكلية التقنية، لأن تواجدها سبب البلاء وسقوط الشهداء قبل أشهر وقبل أيام أيضاً».‏

في حين أصدر رجال الدين السعوديون بياناً وقّعه 37 منهم، ونقلته وكالة الصحافة الفرنسية تضمن أن أهالي المنطقة الشرقية لم يجدوا وقفة جادة من الجهات الرسمية لمعالجة مشكلاتهم التي تزداد تعقيداً وعمقاً بسبب سياسة التهميش والتجاهل والسعي الدائم لفرض المعالجات الأمنية على المنطقة، مشددين على رفضهم اعتماد وسائل العنف باحتجاجاتهم وداعين الشبان إلى عدم الرد على استفزاز قوات الأمن وجرهم إلى العنف، قائلين لهم: «إنكم أصحاب حق فلا تفسدوا حقكم بفساد الوسيلة التي تطالبون بواسطتها بهذا الحق»، كما طالبوا بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وبينهم السجناء المنسيون والشيخ نمر النمر والشيخ توفيق العامر، من جهته قال رجل الدين تيسير النمر «إن مسيرة الحراك المطلبي لن تنتهي لكننا سائرون على نهج اللاعنف الذي طالما دعا إليه الشيخ نمر النمر».‏

وكان تقرير لمركز العدالة لحقوق الإنسان ذكر الشهر الماضي أن قوات مكافحة الشغب السعودية، أطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين، وعلى بعض المواطنين في الطرق العامة وكان نتيجة ذلك إصابة 36 شخصاً إصابات بعضهم خطيرة، ومع سقوط الشهيدين الأخيرين الفلفل وأكبر الشاخوري يرتفع عدد الشهداء إلى تسعة سقطوا برصاص قوات الأمن منذ شباط الماضي، وتقول منظمات حقوقية إن قوات الأمن اعتقلت أكثر من 600 شخص في القطيف منذ ربيع العام 2011.‏

من جانب آخر قتل شاب سعودي في بلدة العوامية في محافظة القطيف يوم الجمعة الماضي برصاص قوات الأمن السعودية ما يرفع عدد الذين قضوا في القطيف إلى أكثر من عشرة بحسب إحصاءات المصادر الرسمية.‏

وكانت السلطات السعودية في بداية شباط قد وصفت ما يحدث في محافظة القطيف بأنه «إرهاب جديد»، واتهمت جهات خارجية بتحريكه، مؤكدة أن رجال الأمن سيواجهونه «بيد من حديد»، وقد أطلقت قوات النظام الرصاص على مسيرة سلمية وسط القطيف، ما أدى إلى استشهاد الشاب السعودي منير الميداني وجرح أربعة عشر آخرين بينهم طفل، فيما استشهد زهير آل سعيد خلال مشاركته بتظاهرة تطالب بتسليم جثمان الشهيد الميداني.‏

اعتبرت المعارضة السعودية الدكتورة مضاوي الرشيد الأستاذة المحاضرة في جامعة كينجز كوليج بلندن أنه ليس بجديد أن يستخدم النظام السعودي لغة العنف والرصاص في معالجة التظاهر السلمي فهو يمنع هذا التظاهر ويذكر بأنه من المحرمات وأنه يؤدي إلى فتنة، كما أُدينت أحداث القمع من قبل شريحة اجتماعية وسياسية بينها العديد من الشخصيات الإصلاحية، ومن بينهم الإصلاحي السعودي البارز محمد سعيد الطيّب الذي منع من السفر لأنه وقّع على بيان أحداث القطيف، هذا البيان الذي أدان استخدام العنف ضد التظاهرات السلمية في هذه المنطقة.‏

هذه الاحتجاجات في المنطقة الشرقية - التي يعيش فيها نحو مليون شخص يعانون من التمييز والحرمان ويواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على أماكن بالجامعات أو وظائف حكومية إدارية وعسكرية وخصوصاً في المراتب العليا للدولة - بدأت منذ العام الماضي إلا أنها تعرضت للقمع والتعتيم الإعلامي بسبب سيطرة حكام السعودية على غالبية وسائل الإعلام والفضائيات، ومحاولة بعضهم الآخر نيل رضا هؤلاء الحكام.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية