تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ما هي الصحة النفسية؟ وكيف يتعافى الإنسان نفسياً ؟

مجتمــــع
الخميس 19-7-2012
خلود حكمت شحادة

كل يسعى لتبقى صحته الجسدية في أحسن حالاتها ويحرص على أطفاله من أي مرض أو برد أو حتى ارتفاع في الحرارة وتكاد تصبح الأم طبيب الأسرة تعلم الدواء المناسب لحالة طفلها وهذه ثقافة صحية ولكن ما تجهله الكثير من الأسر

هو الصحة النفسية للطفل والتي لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية ولكن أمية تربوية تحيط بدوائر التربية التي يدور فيها ذاك الطفل ، الأم والأسرة والمجتمع سواء مدرسة أو جماعة أقران وغيرها.‏

وكان في اتفاقيات حقوق الطفل بند مهم يقول «يجب أن يتمتع الطفل بحماية خاصة وأن تمنح الفرص والتسهيلات اللازمة لنموه العقلي والنفسي والجسدي....».‏

مفهوم إيجابي متعدد المستويات‏

هل يمكن القول أن شخصاً ما صحيح نفسياً لمجرد كونه خالياً من الأمراض النفسية؟‏

قد يعتقد البعض إن الإنسان الخالي من الأمراض النفسية هو الإنسان الصحيح نفسياً ولكن هناك بعض الأشخاص لا يعانون من أي مرض نفسي إلا أن أداءهم في الحياة أقل مما هو متوقع لأمثالهم، فحركتهم في الحياة وتكيفهم الاجتماعي وإبداعاتهم أقل مما هو متوقع .‏

عرف علماء النفس الصحة النفسية بأنها مفهوم إيجابي متعدد المستويات يكون فيه الإنسان صحيحاً على المستوى الجسدي ثم على المستوى النفسي ثم على المستوى الاجتماعي، ثم على المستوى الروحي، إذاً فهو مفهوم متعدد المستويات لابد أن يكون في حالة توازن ما بين إشباع هذه المستويات وتنشيطها، فلو بالغ أحدهم في إشباع الجانب الجسماني على حساب الجانب النفسي أو على حساب الجانب الروحي يكون قد أخل بالتوازن ويصبح غير صحيح نفسياً .‏

هرم الاحتياجات‏

احتياجات الإنسان كثيرة في طفولته وفي كبره لذلك قام عالم النفس أبراهام ماسلو بتفصيل تلك الاحتياجات ورسمها في « هرم الاحتياجات » ، فقال إن الإنسان له احتياجات جسمانية بيولوجية عبارة عن الأكل والشرب والمسكن والملبس ، هذه الاحتياجات لابد أن تشبع أولاً، وتمثل قاعدة الهرم، يليها احتياج للأمن والاستقرار، يليه احتياج للانتماء، الانتماء للأسرة وللبلد وللإنسانية، يليه احتياج للحب، أن يكون الإنسان قادراً على أن يحب ويحب، يليه احتياج للتقدير، أن يحس بأن الناس يقدرونه كشخص ويقدرون ما يفعله، وانتهى ماسلو فى آخر الهرم بالاحتياج لتحقيق الذات، أن يحقق الإنسان ذاته في هذه الحياة.‏

رغم أن الآباء وبدافع فطري يريدون النجاح لأبنائهم ويتمنون لهم أفضل مما حصلوا هم عليه ولكن تلك الطريقة التقليدية والأمية التربوية وجهل صحة الطفل النفسية تدفعهم أحياناً إلى طريق خطأ في تربية خطأ، جامدة، متوارثة، تقليدية عن غير قصد فيبالغان الإفراط أو التفريط بقواعد التربية وتكون النتيجة اضطراباً نفسياً لدى الطفل، في حين أن اعتقاد الآباء أنهم قدموا أفضل ما عندهم لأطفالهم ولكن تمرد الأطفال وعصيانهم للأوامر هو الذي جعلهم في حالة اضطراب .‏

كيف تتعاملين مع طفلك ليكون صحيحاً نفسياً؟‏

يحاول كثير من الآباء تربية أبنائهم وجعلهم صورة عنهم ولهذا قد يقسون على أطفالهم بتوجيه الأوامر وطريقة التربية إلا أنه عندما يواجه الطفل بمحاولة إلغاء إرادته يبدأ في هذه اللحظة في اتباع سلوك العناد لا يريد تنفيذ سوى ما يراه مناسباً ويحبه ويقع في صراع داخلي مع نفسه وخارجي مع أهله ومحيطه ليختل توازنه النفسي.‏

سؤال أجابتنا عليه لينا علي دكتوراه في علم النفس حيث قالت تتحقق الصحة النفسية لأطفالنا بمساعدتهم على التطور والنمو والتكيف مع البيئة التي يعيشون فيها لتحقيق التوازن، وهذا التوازن ليس توازناً جامداً بل يخضع للزيادة والنمو أو النقصان حيث أن حركة النمو والتطور سريعة ومتغيرة فلابد من أن يواكبها تغير في حركة التكيف، فالتوازن ديناميكي بمعنى أنه يتطلب قدراً من المرونة، لكن الأطفال يكبرون ويتطورون في تفكيرهم وفي عاداتهم وتطلعاتهم, لكن للأسف هناك أسر لا تتمكن من مواكبة هذه المراحل ونراها قد وقفت عند مرحلة معينة وثبتت عندها في حين أن أولادها مستمرون في النمو والتطور وهنا تبرز فجوة ما بين الاثنين، فتكون الغربة واختلاف اللغة، فهي لا تفهم دنياهم ولا حياتهم ولا طبيعة المجتمع الذي يعيشون فيه، وطريقة التعامل بينهم، وهنا ينصح الأهل بمواكبة هذا النمو والتطور واستيعاب أطفالهم وتوجيههم إلى الأفضل بالمناقشة والحوار وليس التلقين التقليدي وفق أساليب التربية التقليدية لبناء جيل أفضل وليس إعادة بناء جيل يشبه الجيل الذي سبقه وهكذا نبقى في حلقة مغلقة لأجيال تعيد صورة ما سبقها بل نسعى لبناء جيل أفضل بالوعي والثقافة ليكون رصيداً لمستقبل أفضل.‏

الطفل لا يتحرك (بالريموت كونترول)‏

يظن كثير من الآباء والأمهات أن الطفل ليست له إرادة أو أنها تنمو عندما يكبر ويصبح شاباً أو رجلاً، لكن الطفل ليس مسلوب الإرادة ويتحرك بريموت كونترول كما يريد الأب والأم، متناسين أن طفلهم يعيش في دنيا مختلفة كثيراً عن دنياهم وبما أن لديهم سلطة على هذا الطفل فإنهم يحاولون التحكم فيه ، وجعله يمشي في خطوات حددوها له والنتيجة ستكون أحد أمرين إما أن يستسلم الطفل تحت هذا الضغط والقهر من الأبوين فيكون طفلاً سلبياً يعتمد على الآخرين ولا يملك إرادة ولا مبادرة وفي نفس الوقت يقوم بعمل شيء يسمى العدوان السلبي كل ذلك لأن الأبوين يعتقدان أن لديهم خبرة ومعرفة بالحياة أكثر من طفلهم فلابد من أن يختاروا له طريقته في التفكير وفي الحياة وفي تحديد الأهداف والأساليب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية