تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


انتصارات الذقون

آراء
الخميس 19-7-2012
الشيخ حسن حيدر الحكيم

هكذا ودون سابق إنذار أتانا الخبر العاجل من المحطات العميلة كالجزيرة و أخواتها ونحن نستعدّ لشرب القهوة العربية و أقصد بنحن أنا و بعض الأصدقاء من الكتاب والمثقفين وكان مفاد الخبر العاجل:

(الإسلاميون يضمنون الفوز في انتخابات ليبيا ) ثم أتبع الخبر بتحليل مريب عن انتصارات الإسلاميين في ظل ما يسمى الربيع العربي فصفّق صديقي الشاعر اليساري المنبت وقال: (هاهااا إن هؤلاء الثوار الذين أطالوا ذقونهم فصارت بطول بنادقهم يصفهم إعلام آخر زمن بالإسلاميين وكأننا يا شيخنا نحن الذين ولدنا في أوطاننا مسلمين نحتفل بعيد الفطر و عيد الأضحى ونوزع الطعام على فقرائنا في رمضان و حفظنا آيات القرآن الكريم عن ظهر قلب و تعلمنا مقامات الموسيقا من الشيخ المقرئ مصطفى إسماعيل وعبد الباسط عبد الصمد، و تعمدنا بطهر الصباح الذي يبدأ بأذان الفجر وينتهي بصوت فيروز كأننا في زمن لم يعد أحد يعترف بنا كإسلاميين فصرنا نسمع الخبر أن الإسلاميون سيفوزون في انتخابات ليبيا فنسمع الخبر وكأننا غير مسلمين أو كأننا يهوداً أو على دينٍ آخر ؟! فالإعلام الساخن والذي تأتي سخونته من الدم العربي وهو يرفع راية هؤلاء المرتزقة مخصصاً هذه الصفة «إسلاميين» بهؤلاء القتلة ممزقي البلدان و مدمريها المنادين بعودة الاستعمار «الناتو ومن لف لفه» ليحتل بلادهم و يدمرها تحت عنوان التحرر)، ضحكنا وناشدناه أن يهدأ وقال صديقي المسرحي المخضرم : ( يا شيخنا لا تظن للحظة واحدة أن من طفى على السطح في هذا المناخ الدموي العنيف وهو يقتل الناس بيد و يمسّد لحيته بيد ٍ أخرى ويستولي على السلطة هنا وهناك أو يطمح ليستولي عليها في بقيّة البلاد لا تظن أن الشعب العربي يبلع هذا الطعم ببساطة فهذا الإعلام المأجور والمكشوف كالعقرب سيقتل نفسه عندما يكمل إضرام النار من حوله والشعب العربي بدأ يتلمّس فداحة وبشاعة سارقي الثورات والإصلاحات أصحاب الذقون الطويلة نحن إسلاميون قبلهم ولكننا إسلاميون وطنيّون أحرار صنعتنا ثقافاتنا على اختلافها لم نتخلّ عن عروبتنا لأن الله سبحانه وتعالى لم يتخلى عن عروبة القرآن العربي ولم يتنازل عن عروبة نبينا محمدٍ العربي «ص» ونحن لم تصنعنا أجهزة استخبارات الصهيونيّة الأمريكيّة كما صنعت هؤلاء الذين انتصروا بطائرات الناتو ولم نكن يوماً مرتزقة كهؤلاء الذين ينتقلون من بلدٍ إلى بلد مقابل دراهم بخسة ) . فقلت لهم : ( يا سادة لن يشهد التاريخ فضيحة كفضيحة الإعلام العميل و الصهيوني الأهداف كالجزيرة والعربيّة والأيام بيننا ... فعمليّة التزوير التي تقوم بها هذه المحطات تثير الاشمئزاز بل وتثير القرف ، أليس قبيحاً أنّ فطاحل الإعلام في هذه القنوات المشبوهة لا ترى كل ما فعلته إسرائيل باغتصابها للأراضي العربيّة وما تفعله في الجولان والضفّة الغربيّة وتهويد القدس عدا عن لمساتها الواضحة في العراق ومصر ولبنان وحصارها المجرم على غزّة ومجازرها اليوميّة هناك بل إنّها تؤكد لنا هذه القنوات بسحنات مذيعيها ومذيعاتها العابسة أحياناً والمبتسمة أحياناً أخرى تؤكد لنا وبكل اعتزاز وفخر أن الشعوب انتصرت رغم أن المواطن في مصر الربيع العربي عاد ليدفع «الآتاوه» لبلطجيّة هؤلاء المتعصبين الذين سيطروا على الأحياء الشعبيّة والسكان الغلابة !؟ كما تؤكد هذه القنوات أن الربيع العربي يحقق أهدافه رغم أنّ دول الربيع المجرم دمرت مؤسساتها وقتل أبنائها و شُرّد سكانها وتصرُّ هذه القنوات أن ربيعها اليابس يحقق الانتصار بعد الانتصار حتى صار « بدنا خرزة زرقة على هذه الانتصارات المجيدة وخاصّة عندما تُطلُّ اللحى والذقون الطويلة في كل الظروف والمناسبات مضافاً إليها نظّارات الكاريير الفاخرة لتعتصم مثلاً ضد سلاح المقاومة في لبنان – انتبهوا – ضد سلاح المقاومة وليس ضد إسرائيل فالذقون الطويلة المزودّة بالبنادق الطويلة وهواتف الثريا التي تستطيع ببركات هذه الذقون تحويل القتيل إلى قاتل والضحيّة إلى مجرم والمجرم بسلاحه وقنابله وعبواته الناسفة إلى محتجٍ سلمي يحسده الأنبياء والرسل على سلميته ، فالذقون الطويلة هذه صارت تمثّل الجماهير والشعوب هكذا تريد الجزيرة والعربية و فرانس و البي بي سي ومهما تكشّفت أنياب هؤلاء العملاء الذين لبسوا ذقونهم لبساً تتكفّل هذه القنوات بتزيينها و تغطيتها وتكفّلت هيلاري كلينتون ومن معها من صبّابين النفط الخليجي بصناعة وحلٍ عربيٍ إرهابي يزحلق القضايا المصيريّة من قضيّة فلسطين و العراق والجولان ولبنان وقضيّة الوحدة العربيّة وقضيّة النفط العربي زحلقتها إلى قضايا زواج المسيار وجواز وطء الزوجة بعد موتها ورضاع الكبير قبل الصغير وضلال الشارب الطويل و إيمان الشارب المحفوف القصير؟؟!!!!‏

وتعهدت الصهيونيّة بالتعاون مع الحكومات الفرنسيّة والبريطانيّة بصناعة تحويلات صرف صحّي يحول ثوار الربيع العربي المزعوم من باحثين عن مشاريع التنميّة وبناء البلدان والجيوش القويّة القادرة على استرجاع الحقوق وطرد الغزاة و تطوير المجتمع العربي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ،تحويلهم إلى باحثين عن علامات قيام الساعة وأحكام الثوب يُصيبه البول وملامح الأعور الدجّال وبحوث الزواج والنكاح والاحتلام وما يظهر وما يخفى ، أجل نحتاج لخرزة زرقاء تقينا من الحسد وعيون الحسّاد .. فالعربي الذي أطال ذقنه يرتكب المجازر محققاً الانتصار تلو الانتصار ولكن على من ينتصر؟ الله أعلم ؟! المهم يا سادة أن الصهيونيّة العالميّة وضعت لنا بالاتفاق والشراكة مع قناتي الجزيرة والعربيّة ومن لف لفّهم خريطة نضالٍ عربيٍ جديدة وانتصاراتٍ مجيدة لكنها انتصارات الذقون الطويلة المذهلة والتي أدهشت وأذهلت أخطر العملاء و أعجبت و أطربت أخون الخونة وأفرحت و أسعدت أبشع المستعمرين .. إنها انتصارات الذقون الطويلة يا سادة ).‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية