|
آراء في هذا الزمن ، تحولت الحناجر إلى أبواق للقتل، والدم،والكراهية ، والصراخ الطائفي ، والمذهبي،والإثني . إننا لا نجد تفسيراً مقنعاً للعقل لكل هذا الدم الذي يراق ، أو سبباً واحدا، لكل هذا الذبح ،والحقد ، والتطبيل الهمجي الكافر ، أو لنقطة دم لطفل ذبح من الوريد إلى الوريد.. لم تعد حياتنا كما كانت من قبل ، نبتكر زهو الحب، والأمن ، والسلام ، والقيم ، والرحمة .... للأسف، باتت حياتنا مرمية ، كتلك الأجساد المقطعة الملقاة على الطرقات ، وفي مجاري الصرف الصحي . يتعبني سؤال ، يستيقظ في داخلي كابوساً موجعاً كلما رأيت أكوام الأطفال المذبوحين بدم بارد ، كيف يتجرأ إنسان على قتل إنسان آخر ؟! كيف يتجرأ بشري أن يقتل طفلاً ، أو أن يغتصب امرأة.. كل ثورات الأرض ، لاتستحق أن يقتل فيها طفل، أو أن تغتصب فيها امرأة, مايحدث ، ليس ثورة ، هذه جرائم ، مسلسل جرائم ، أبطاله قتلة ، مصابة عقولهم بفيروس الشر، يصورون الأجساد ، والأعناق المقطعة ، والبطون المبقورة ، والدماء ، ويرسلونها إلى الجزيرة . العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه ،بات بركة دماء، سورية من أقصاها إلى أقصاها ..بركة رعب ..وساحة دعوات تحريض وشر .. حتى التراب في هذا الوطن الكبير ، يسكنه خوف من الاغتصاب .. المحطات الفضائية ، تجعل الدم في عروقنا يرتفع إلى أدمغتنا المتعبة ، ألم نعد نعتنق ديناً سمحاً ، لايقتل في شرعه شيخ، أو طفل ، أو امرأة ، أو تقطع شجرة، أو يحرق زرع ، القتلة اليوم ،إنهم يبتدعون مذاهب جديدة ، وأدياناً جديدة. في زمن الربيع العربي .. لم تعد إسرائيل مغتصبة لفلسطين ، ولم تعد أمريكا عدوة ، ولم يعد الغرب الصهيوني عدواً ، ولا العثمانية القاتمة كالليل احتلالاً .. نسينا الدماء التي سفكتها إسرائيل ، والأرض التي استولت عليها ، والمقدسات التي دنستها ..والدولة الحلم من النيل إلى الفرات على دمنا ، وأجسادنا ، ووجودنا! يبدو أن كل شيء تغير ، حتى اللغة العربية التي حافظت على قيمنا ، ووجودنا القومي ، راحت تتغير ، اللغة الجديدة، باتت لغة الذبح ، والاغتصاب ، وتدمير للوطن، لم يعد فعل القتل جريمة ، ولم يعد وحشية ، في الربيع العربي، تنزف دماء ..وتتساقط الأجساد ، والأرواح ، والمشاعر ، والأحلام الكبيرة ، والصغيرة ..وتضج رائحة الدم المسفوك في كل مكان .. وتتعالى صيحات « الله أكبر» وتروح سواطير الذبح تقطّع الأجساد البشرية.. أي شياطين هؤلاء ،أي أبالسة هؤلاء الذين يصنعون فتاوى تأخذهم إلى أحضان حوريات باسقات الطول ، وباذخات الشهوة . يوم كان السؤال يدور في عالمنا العربي : « هل الدجاجة قبل البيضة ، أو البيضة قبل الدجاجة » يومذاك، كنا أكثر حضارة ، وأصدق إسلاماً ، وأكثر إنسانية ، وأكثر وعياً لوجودنا الوطني ، والقومي ، والإنساني ، والاجتماعي ، كنا يومذاك بشراً بأرواحنا ، ومشاعرنا ، وقيمنا ، قبل أن نكون بشراً بأجسادنا ، فالآدمية ليست بالجسد، بل بالمشاعر ؟! بعيني ... رأيت أفعى تلاعب طفلاً رضيعاً .. تحرك له ذيلها ، يمسك بالذيل ويرفعه إلى فمه ويعضه ، وتتلوى الأفعى أمامه متغانجة ، وعندما تعب الطفل و نام ، نامت إلى جانبه ، لتمنحه إحساساً بوجودها، وربما لتمنح نفسها إحساساً بوجوده .. الأفعى رفضت أن تقتل الطفل ، لماذا لانقر بأن الصهيونية دخلت إلينا عبر قيادات سياسية وثقافية ودينية، ومذهبية ، وطائفية، وإثنية؟!.. منذ ألف وأربعمئة سنة لم يتوقف جيش الصهيونية عن محاولاته اختراق العرب والمسلمين ، وربما العالم كله، كنا دائماً الجدار القوي الصلب ، . في مطلع القرن العشرين راح الفكر الصهيوني الماسوني يرشح إلى داخلنا عبر مسامات كثيرة ، وبذرائع كثيرة، بمرور الوقت ، راح التسرب يتسع إلى أن اقتحمنا، كما اقتحم جرذ سد مأرب ، وهدمه ، وتحول السد إلى حكاية موجعة .. بروتوكولات حكماء صهيون أسست لكل مايجري اليوم.. اقرؤوا تلك البروتوكولات ، تكتشفوا كيف خططوا لهذه اللحظة التي راح فيها ينطفئ العرب ، والمسلمون ، كما ينطفئ قنديل في عاصفة .. كيف سنواجه إسرائيل ، والغرب الاستعماري، ونحن نتذابح ، لماذا لانعترف أن الصهيونية نجحت في تحنيط العقل العربي، والإسلامي ، وحولته إلى خنجر للقتل ، إلى غبار ذري ، يفنى فيه وجوده،وأسئلته ، وثقافته، وتاريخه ـ ليسهل عليها العبور إلى الأرض .ولنتحول نحن العرب إلى حكاية موجعة . |
|