تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كنّا.. وما زلنا.. وسنبقى

الافتتاحيــة
الخميس 19-7-2012
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

لم يعد هناك مكان لفصول تُضاف، وقد طفح بها الكيل حتى التخمة.. ولم تعد هناك تفاصيل تُفضح وقد سكب الإرهاب ما في جعبته.. أطلق سهام غدره الموغلة بحقدها، وأفرغ ما في جوفه من فكر ظلامي وتعطش دموي.

هي اللحظة الفاصلة.. تمتلئ بقصص وحكايات واعتبارات وملاحظات.. صفحات بذكريات ومواقع وأحداث.. وهنا يبدأ العدّ.. وإلى هناك سيندحر المشهد ليكون على موعد مع نهاية حتمية للإرهاب والإرهابيين.. لرعاته ودعاته ومموليه وحماته وصانعيه.. في الحضيض.. سيكون القصاص المنتظر.‏

لحظة.. ما بعدها يعيد ترتيب أولوياتها ولا خيارات أخرى.. يعيد اصطفافه السياسي بالضرورة، بل ينظم طبقات حضوره في كل المستويات.. هي المواجهة مع الإرهاب..‏

سنسمع كثيراً من التنظيرات.. ومعها وفيها الكثير من الأكاذيب والفبركات والاتهامات.. جميعها يجب أن تُحيّد جانباً.. أن تُزاح إلى خلف ظهورنا.. والأولوية الوحيدة الحاضرة في هذه المواجهة مع الإرهاب أن تكون كل الأدوات والإمكانيات والطاقات في خدمة هذه المعركة المصيرية، التي لم تترك مجالاً لانتظار.. أو موضعاً لتأمل أو تمعّن..!!‏

وسنرى ونلمس مشاهد متلونة لا تخلو من السفسطة السياسية بلغة طالما اعتدنا عليها حين يكون الإرهاب في ذروته، وحين تتفشى أدواته ووسائله.. وتخرج مخالبه لتزرع الموت والدمار والتوحش، حيث رعاته وممولوه وصانعوه يحتلون المنابر والمواقف وقد أنبت زرعهم.. وأثمرت أدواتهم.‏

ربما كان من العبث الانتظار أبعد من ذلك أو حتى النظر إلى التداعيات وما تحمله.. إلى المواقف وما تقوم عليه.. إلى المنابر وما يصدر عنها.. ومن العبث أكثر البناء عليها.. أو التفكير في الاستنتاج وفقاً لمعطياتها.. والأكثر من هذا وذاك الاعتقاد للحظة أنها قد تصلح للقياس أو للمعايرة والتقييم.‏

بلغة الإرهاب تصبح كل الكلمات ملتوية.. وبمفردة الإرهاب يخرج المنطق ليكون بعيداً، لأن لا أحد يجهل تلك المداورة في الألفاظ.. ولا التلوّن في المواقف.. ولا ذلك التلعثم في تحديد المسؤولية، فيما الإدانة الخارجة من أفواههم لا معنى لها.. لا طعم ولا لون.. وأصابع من يطلقها متورطة في الإرهاب حتى النخاع..‏

لذلك كله.. كان ما قبلها لا يشبه ما بعدها.. المشهد وما يترتب عليه.. المعطيات وما يمكن البناء عليها.. الموقف والدور والموقع والمسؤولية.. والأهم الآلية.. فالمواجهة المفتوحة بأدواتها ووسائلها.. والأولوية الضاغطة على سواها.. على كل ما عداها.. لا أحد بمقدوره الجدل خارجها أو بعيداً عنها..‏

ولذلك أيضاً كان السوريون في كل آلامهم.. قد حملوا جراحهم.. تحمّلوا طعنات الغدر.. سكتوا طويلاً على تطاولات السياسة ووقاحة الدبلوماسية.. وتعاملوا طويلاً بهدوء مع نزق السياسيين وفجاجة الدبلوماسيين وفجور الإعلاميين وعهر المرتزقة ودونية أدواتهم .. ربما أكثر مما ينبغي.‏

اليوم صوتهم في جنبات الوطن.. وفي ساحاته وبالفم الملآن.. قصاص.. لا جدل فيه.. ملاحقة لا هوادة فيها.. وإصرار على اجتثاث الإرهاب أينما وُجد.. وحيثما حضر.. ملاحقة متواصلة ومستمرة دون توقف..‏

ما نحتاجه أكثر من عمل جراحي.. وأوسع من عملية نوعية.. إنها كشف كامل وبالأرقام.. وعلى الملأ وبكل ما هو متاح من أجل التنظيف الكلي..‏

واليوم أيضاً صوتهم يقول ليس المنفذون وحدهم..؟ ولا القتلة دون سواهم..؟ بل أيضاً ممولوهم.. داعموهم.. ورعاتهم قوى وأطرافاً ودولاً.. والمعركة لن تقف هنا.. ولا يجوز أن تبقى هنا.. ولابد أن تنقل إلى حيث هم يقفون.. صوت من الصعب أن نتجاهله.. وألا نصغي إليه.. بل ألا نأخذ بما جاء به..‏

لم نعد نريد ولا يمكن أن نكون في حساباتهم بنك أهداف.. ولا في أجنداتهم بضع أوراق.. وفي معاركهم وصراعهم إضافة أرقام..‏

نحن السوريين نعلنها جهاراً.. دمنا لنا.. حرام على غيرنا.. وكل قطرة دم سالت سنسأل عنها.. وسنسائل عن مسؤوليتها ونطالب بحقنا ممن تسبب بإهراقها.‏

لم نكن يوماً ساحة لتقاسم الصراع.. ولن نكون.. لسنا ورقة لصراع الإرادات ولا نريد.. ولا يمكن أن نكون.. كنا وما زلنا حجر الرحى في هذا العالم.. حقيقة سنترجمها في مواجهة مفتوحة.. حتى النهاية.. ومن هنا يبدأ الفصل.. وكل اتجاه نرسمه .. إرادة صمود نعلنها بالعنوان والتفصيل!!‏

a-k-67@maktoob.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية