تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المعلم والطالب... حلفاء لا أعداء..حمــود: العلاقــة أخــذت صيغــة اجتماعيــة أكثـر منهــا تعليميــة

مجتمع
الأربعاء 28-10-2009م
منال السماك

تستحوذ العلاقة بين المعلم والمتعلم على اهتمام التربويين حول العالم، كونها تشكل حجر الزاوية في العملية التعليمة، فبينما شهدت مناحي الحياة تطورات حضارية وعلمية، إلا أنها لم تسهم في رأب الصدع بين الطرفين، فتارة تشوبها مشاعر الرهبة والخوف، وتارة أخرى تتجاوز إلى التمادي وعدم الاحترام،

ففي حين تتطلب العملية التربوية تحالف الأطراف من مدرسين وطلبة وأسرة، نجد أن الشكوى مازالت مستمرة وعدم الرضا يكتنف هذه العلاقة.‏

لكل ذريعته!!‏

فمن جهة يبدي بعض الطلبة نفوراً من مدرس بعينه ولكل ذريعته، فإما عصبية مزاجه ، أو لانتهاجه أسلوباً تدريبياً لا يروق لهم، أو لايفهمون شرحه للدرس، وبالتالي تتحول هذه الأحاسيس إلى عامل لكره المادة الدراسية أو حتى المدرسة وأحياناً تغيير المسار التعليمي للمتعلم.‏

وفي الطرف المقابل يعاني المدرسون من سلوكيات وأساليب خاطئة يبديها الطلاب، والتي قد تصل أحياناً لدرجة الغرابة، مثل حالات الشغب وعدم احترام وجود المدرس أو تقدير للوقت، يقف المدرس حيالها في بعض الأحيان عاجزاً عن إيجاد حل لها.‏

وهنا يمكن القول: إن هناك خللاً ما بين الطرفين، ولكن أين يكمن وكيف يمكن إيجاد بيئة تربوية آمنة بحيث تكون مرضية للطرفين معاً؟.‏

الأنظمة التربوة حدت من سلطته‏

الاختصاصية التربوية فريال حمود ترى أنه في ظل التعليم النظامي وبوجود مناهج تعليمية منظمة ومقررة، أصبح المدرس منظماً للمعلومات والاعتماد عليه في فهم المادة أمر لاجدال فيه، ولكن الخلل في العلاقة يعود إلى أن طبيعة هذه العلاقة أخذت صيغة اجتماعية أكثر من كونها تعليمية.‏

فالتطور التربوي أوجد أنظمة وتشريعات جديدة تضمن حقوق الطالب كونه محوراً للعملية التعليمية، ولكنها حدت من سلطة المدرس، بعد أن كان موجهاً ومرشداً ، إضافة لكونه معلماً، أصبح بالواقع الفعلي فاقداً لهذا الدور الارشادي والتوجيهي، وهذا أسيء فهمه من قبل بعض المتعلمين ولم يعد المدرس يملك كوسيلة للتعامل معهم سوى المادة التعليمية ، وهذا النمط لم يبين للطالب حدود العلاقة، وأين تقف حريته مع المربي، وهذا ناتج عن ضعف في تكوين سمات الطالب، وافتقاده لآداب السلوك ، وأساليب التواصل الاجتماعي الايجابي مع مدرسيه، فيلجأ الطلبة أحياناً لاتباع أساليب خاطئة وافتعال حالات من الشغب تسيء للمدرس وللصف وأحياناً للمدرسة ككل، تجعله يقف عاجزاً عن عقابه، أو أداء دوره التوجيهي والارشادي، لأنه لا يوجد هناك توازن معرفي بين حقوق الطالب في المدرسة وحق المعلم.‏

التمكن من المادة وإدارة الصف‏

وتضيف حمود بالقول: إن العلاقة بين الطرفين نسبية،فالاحترام يكون قائماً بحدود المادة التعليمية وأهميتها بالنسبة للاختصاص الذي يدرسه الطلاب، كما يؤثر فيها أيضاً تمكن المدرس وقدرته من المادة التعليمية وتمكنه من جذب الطلاب، وإلمامه بمهارات إدارة الصف والتواصل، فكلما كان تأهيله أفضل، كان مؤهلاً لتواصل إيجابي مع طلبته ، وخلق مناخ ملائم في الصف، يضاف إلى ذلك شخصية المدرس والقيم التي يحملها وحسن علاقته من الادارة.‏

جسور مفقودة بين الاهل والمدرسة‏

ومن جانب آخر يمكن القول: هناك جسور شبه مفقودة بين المدرسة والأسرة، وطريقة التعامل بين الطرفين لم تنضج بعد، فالاسرة والمدرسة يناصبان العداء للبعض ، وكل منهما يتهم الآخر بالتقصير، كما أن التواصل بينهما يكاد يكون معدوماً، فمجالس الأولياء لا تحظى باهتمام الأهل، الذين لا يهمهم سوى التحصيل الدراسي لأبنائهم دون الالتفاف لسلوكه في المدرسة، متجاهلين أن التواصل بينهما سيكون لمصلحة الطالب، فغالباً الأهل لا يزورون المدرسة إلا في حال حدوث مشكلة كبيرة وهذا يبعد المسافة بين الطرفين.‏

التعرف على‏

خصائص نموهم‏

والحل حسب رأي الاختصاصية التربوية، يجب أن يكون هناك حصص إرشادية وبرامج موجهة للطلبة، عبارة عن أنشطة مشتركة بين المعلمين والطلبة كالمعارض والرحلات والأنشطة اللاصفية، فهي صلة وصل وود بينهما، وهذه الأنشطة حالياً، ليست مفعلة كما يجب في مدارسنا ، والتأكيد على أهمية العلاقة بين الأسرة والمدرسة ، وتكامل الأدوار بينهما.‏

وكذلك إيلاء تأهيل المدرس تربوياً أهمية خاصة، وذلك للتعرف على خصائص نمو المتعلمين ومتطلباتهم، فمثلاً الطفل الصغير يمكن اخضاعه للسلطة، بينما المراهق في المرحلة المبكرة لا يتقبل النقد أو التجريح بل يحتاج للاهتمام المتبادل ويسعى لتحقيق المنافع المشتركة بينه وبين مدرسيه، في حين المراهق في مراحله المتقدمة يحتاج لمن يهتم به ويتفهم نموه ونضجه وقدراته، وهذا ما قد يجهله بعض المدرسين، ما يجعل الفجوة تتسع بينهم وبين طلبتهم، ما يخلق إشكالات كثيرة، قد تسيء للعملية التعليمية، وبالتالي تبقى الشكوى مستمرةمن قبل الطرفين، وكل منهما يكيل الاتهامات للآخر بعدم التفهم، والحل الأمثل بتحالف الطرفين عوضا عن التنافر والصداع ، الذي يبعثر الجهود المبذولة للنهوض بالواقع التعليمي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية