|
على الملأ من سابع المستحيلات، كما صار مؤكداً أنها ليست جهاتٍ مختصة بل هي غير ذلك، ولو أنها مختصة فعلاً لما تاهت عن الحل، ولكن هاهي تتوه مرة وراء مرة، وصار الأمر مُدركاً بما لا يقبل الشك، وآن لنا أن نعفيها من تهمةٍ لا علاقة لها فيها، ونتخلّى عن القناعة بأن الحل عندها ، والأمر ليس كذلك. إذاً من غير المعقول أن تتنادى في كل عام وزارة الزراعة وهي لا علاقة لها - كوزارة - بتسويق شيء، واتحاد الفلاحين ونعلم جميعاً أنه تنظيم نقابي يبحث - من حيث المبدأ - عن حقوق الفلاحين ولا يمتلك تلك الخبرة التسويقية، وهيئة الاستثمار وبعض المستثمرين أحياناً ليستمعوا إلى معلقات زراعية وفنية عن أهمية الاستثمار في تصنيع عصائر الحمضيات فنسمع وعوداً لا تزال في الهواء. فيكفي القول : ماذا سيسوق المحافظ ليسوّق ؟! ومؤسسة الخزن وتسويق المنتجات الزراعية والحيوانية إمكانياتها معروفة وهي أقل بكثير من حجم المحصول كما أنها مهتمة بتسويق مئات السلع غير الحمضيات، ومهما أغدقت من وعود ففي النهاية لن تستطيع التركيز الحقيقي والفاعل على الحمضيات التي لا تعنيها في آخر المطاف أكثر مما يعنيها الفجل وربما يكون مردود الفجل أوالبصل وحتى الفروج عليها بالنهاية أكبر، أما غرف التجارة والصناعة فمهما تحمست هي الأخرى فستبقى متمسكة بمصلحة أعضائها، وهذا حقها، ويبدو أن هذه المصلحة لا تتوافق جيداً مع عمليات تسويق الحمضيات. اتحاد المصدرين السوري يدخل على الخط مجدداً وبقوّة - حسب الكلام المُتداول - وقد بثَّ وعوداً وآمالاً نرجو تحقيقها ولكن مهما حقق من نتائج طيبة فعلى الأرجح لن يستطيع أن يؤثر بشكل عميق في أزمة تسويق الحمضيات أمام ضخامة الموسم . أعوام وأعوام تتراكض وراء بعضها والوضع على حاله لا بل أكثر تأزّماً، ففي كل عام يعيش منتجو الحمضيات بآمالٍ وأحلامٍ ورديّة سرعان ما يستفيقون منها ليدركوا أنها مجرد أوهام خلبيّة لا طعم لها ولا لون، والكثير من المنتجين يواجهون احتراق موسمهم بنيران التكاليف التي تفوق أحياناً عن سعر التسويق الممكن، بغض النظر عن السعر الذي يصل للمستهلك والذي يكون مرهقاً أمام جشع حلقات معروفة، وفي هذه الأيام أمام تكاليف النقل الباهظة. فما الحل إذاً ..؟ هل نبقى هكذا عاماً وراء عام مصرّين على رسم لوحة فاشلة بألوانٍ غير مناسبة لا تُحاكي الواقع ..؟! ما نعرفه أن هنالك مواسم مثل الحمضيات وبعضها أكثر تعقيداً وحجماً وانتشاراً بكثير كالحبوب والقطن والشوندر والتبغ، ومع هذا تُسوّق على أكمل وجه بتقنية عالية ورتابةٍ مريحة ومن النادر أن نسمع أي إشكالات تسويقية عند وصول هذه المواسم، والسبب الواضح للجميع في هذا يعود لوجود مؤسسات متخصصة ترعى تسويق وتصنيع هذه المحاصيل. تُرى ألا يمكننا إحداث مؤسسة عامة للحمضيات تتولى سنوياً تسويق مليون طن وأكثر ..؟! مؤسسة تبقى هي وحدها المختصة والمسؤولة عن التفكير بالطرق المجدية لنجاح تسويق هذا الإنتاج وتنفيذ تلك الطرق على الأرض ..؟! |
|