تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قاموس الحاج عبد المجيد

ساخرة
الخميس 22-10-2009م
معتصم دالاتي

إذا أردت أن تدخل بين شخصين أو أكثر وهما في حالة شجار، والمعركة حام وطيسها، وبدافع من إنسانيتك وحبك للخير، فعليك أن تكون مهيئاً نفسك لتلقي بعض اللكمات ذلك أن هذين المتشاجرين وهما في أوج حماستهما للشر،

لايستطيع أحدهما أن يفرق بين الخصم وبين الصديق بسبب فوران الدم، والحال هذا ينطبق في كثير من الحالات على من يود أن يكون رسول سلام بين جهات متخاصمة يرى كل طرف أنه صاحب الحق وحده ولايريد تقديم أي تنازل ولعله لايريد هذا الصلح من أصله.‏

يحتفظ البعض ببعض النوادر عن جمعية إصلاح ذات البين التي أخذت على عاتقها تلك الحالات، كما يشير اسمها إلى طبيعة توجهها ولايدخر أفراد هذه الجمعية وسيلة للوصل إلى تبويس الشوارب أو الذقون بشتى الوسائل والحجج من حكم وحكايا وأمثولات، ولايخلو أن يتعرضوا في بعض الأحيان لقسوة في الكلام أو تكشيرة من بعض المتخاصمين فيستقبلون ذلك برحابة صدر، لأن هدفهم ومبتغاهم هو الصلح الذي هو سيد الأحكام.‏

في إحدى جلساتهم مع زوجين متنافرين في طريقهما إلى الطلاق قال الزوج: والله ياجماعة الخير، زوجتي شهادة لله مثالية وغيورة ومحبة وصادقة وست بيت، لكن عيباً واحداً فيها يجعل الأمور متأزمة بيننا في كثير من الأحيان، وما هذا العيب؟ تساءل رجال الجمعية، العيب، أجاب الزوج: إنها لاتحتملني، ولاتطنش على كلمة تفلت مني بل تقف لي على الدقرة، فبالله عليكم ياجماعة الخير إذا الزوجة لم تحتمل زوجها فمن يحتمله؟ أليس هذا مطلب حق؟ قالوا بصوت واحد: والله صحيح فما تقولين ياأختاه؟ أجابت الزوجة: والله لاأستطيع أن أنكر أن زوجي شهم و كريم ومحترم ومحب لي ولبيته ولأولاده، وهو جامعي ويقرأ في الكتب الثقافية، لكن لسانه فلتان، فإن كان غاضباً تفلت من لسانه كلمات مقذعة، وإن كان منشرحاً يفاجئك بكلمات بذيئة، وإذا أراد أن يخفف دمه يتفوه بكلمات تخدش الحياء... وأنا والله يا إخوان لا أستسيغ هذه العبارات ولا أستطيع احتمالها.‏

هنا ركبت الحبكة مع عضو الجمعية الحاج عبد المجيد، وكان صاحب مخبز معروف، فتوجه إلى الزوج صاحب اللسان الفلتان وقال له: ياأستاذ هذه الكلمات السوقية هي من اختصاصنا نحن أصحاب الدكاكين والأسواق وتلك العبارات هي من لغتنا اليومية نحن الناس الذين لم ندخل مدارس ولم نتخرج من جامعات، أما أنتم المثقفون أهل الجامعات فلكم لغتكم الراقية المهذبة، فالله يرضى عليك ياأستاذ لاتعتد على لغتنا وكلماتنا لأننا نحن لانعتدي على لغتكم ولاعلى طريقتكم في الحديث.‏

أطرق الزوج قليلاً ثم قال: محشوم ياحاج، وتابع مداعباً: الله يسامحك ياحاج عبد المجيد بقاموسك الذي ذكرت، ويازوجتي العزيزة أعدك أمام هؤلاء الناس الطيبين ألا يفلت من لساني بعد الآن مايسيىء من الكلمات.‏

وهكذا أنقذت دعابة الحاج عبد المجيد حياة زوجية كانت في طريقها نحو الدمار.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية