تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اســتراتيجية أميـركيــة جـديـدة حيــال الســـــودان

أضواء
الخميس 22-10-2009م
منير الموسى

بدأت مؤشرات التغيير الأميركي تجاه الخرطوم مع إعلان الرئيس الأميركي باراك اوباما تعيين مبعوث أميركي خاص للسودان أسكود غريشن منذ أشهر، وأعلنت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون السياسة الأميركية الجديدة بعد جولات قام بها غريشن التقى فيها كافة الأطراف السودانية.

وبهذا تكون إدارة اوباما اتخذت مع السودان سبيلاً آخر غير نهج المواجهة الذي اعتمدته الإدارات السابقة على مدى عقدين من الزمن لتطبع العلاقات مع الخرطوم، واشترطت إحراز تقدم في أمور ثلاثة أولها تنفيذ اتفاق السلام بين الشمال والجنوب الذي وُقع عام 2005 ثم تحقيق السلام في دارفور بالحوار السلمي وتعاون السودان أكثر في مكافحة الإرهاب، دون ذكر أي آلية لتخفيف العقوبات عن السودان.‏

وقد كشف الرئيس الأميركي الاثنين الماضي عن حوافز تقدم للسودان مقابل تنفيذ اتفاق 2005 مع الجنوب وهدد بمزيد من الضغوط على الخرطوم إذا لم تأخذ بهذه الحوافز وإحلال السلام ووقف ما سماه «الإبادة» في دارفور، وحذر من خطا صارمة إذا لم يتجاوب السودان سريعاً مع السياسة الجديدة. وردت الخرطوم أنه من المؤسف أن تواصل واشنطن الكلام عن إبادة في دارفور.. ونوه المستشار الرئاسي السوداني غازي صلاح الدين بالاستراتيجية الاميركية الجديدة التي لا تهديد بتدخل عسكري فيها، غير أنه أشار إلى أن واشنطن ما زالت تردد عبارة الإبادة الجماعية وهي تنافي الحقائق في دارفور.‏

وقالت مصادر عن تأخر إعلان السياسة الأميركية الجديدة إزاء السودان شهوراً، إنها تعود إلى اختلاف السياسات في إدارة اوباما على التعاطي مع السودان، بين من يريد تطبيعاً وتسوية ملف دارفور وإنفاذ الاتفاق بين الخرطوم وجنوب السودان كي لا تحدث اضطرابات إقليمية بسبب عدم تطبيقه، ومن أصحاب هذا الاتجاه المبعوث غرايشن الذي يعدّ أن التطبيع مع السودان ضروري لاستقرار المنطقة، وبين من لا يريدون عودة العلاقات إلى طبيعتها ويتذرعون بسجل حقوق الإنسان ويعتبرون السودان مرتعاً للأصوليين.‏

والخط المتشدد تجاه السودان يمثله في الكونغرس المحافظون الجدد ومجموعة من النواب السود الذين يعتقدون خطأً أن في السودان حرباً يخوضها العرب ضد السود، أما الميالون إلى التطبيع فهم أصحاب المصالح الاقتصادية وجناح السلام. وأكثر المتشددين هما وزيرة الخارجية كلينتون وسفيرة واشنطن في مجلس الأمن سوزان رايس التي كانت إبان إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون من مهندسي مقاطعة السودان ومحاصرته والتحريض على إسقاط الحكومة السودانية.‏

وقبل إعلان الاستراتيجية الجديدة قامت الخارجية الأميركية في بداية الشهر الجاري بالتأكيد على أن واشنطن لن تطبع مع الخرطوم ما لم يحصل تقدم على أرض الواقع، كما أعلن وزير الدفاع روبرت غيتس إن التطبيع منوط بتطور في مسألة دارفور وإنفاذ اتفاق السلام مع الجنوب. على حين إن المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراوري قال إن المراجعة السياسية إزاء السودان مستمرة ولم تبت بعد.‏

وشنت منظمات يهودية حملة عشواء على المبعوث الأميركي غريشن حيث وصلت مطالبتها حدّ الطلب من الرئيس اوباما الاستغناء عنه والذي اعتبرت سوزان رايس نجاحه في التوصل إلى الاستراتيجية الجديدة انتصاراً لجناحه في الصراع داخل الإدارة الأميركية حول السودان، وقالت رايس إنها تحترم آراء تلك المنظمات اليهودية، لأنها حريصة على إنهاء ما سمته « الإبادة في دارفور». وكانت رايس كتبت في واشنطن بوست العام الماضي تدعو إلى استبدال الرئيس السوداني والإتيان بشخص يتحالف مع واشنطن. وبشأن تجديد الرئيس أوباما العقوبات على السودان هذا الأسبوع، دعا غريشن إلى تخفيفها، مع أن لا خطط جاهزة لشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بينما حضت رايس على تبني نهج أكثر تشدداً، ودعت إلى عدم التفاوض مباشرة مع الرئيس السوداني عمر البشير. واتهم المؤتمر الوطني السوداني جهات في الإدارة الأميركية بأنها غير جديرة بالثقة ولاتريد تحسين صورة الولايات المتحدة في الخارج.‏

وتحدث الإعلام عن أن الإدارة الأميركية تنوي استخدام سياسة العصا والجزرة، أي ستعمل على ممارسة الضغوط وتقديم الحوافز بآن معاً. ويأمل السودان فتح صفحة جديدة مع واشنطن منذ تولي إدارة أوباما الحكم في كانون الثاني حيث أعلن الرئيس السوداني عمر البشير آنذاك استعداد السودان للعمل مع الإدارة الجديدة لتطبيع العلاقات مع واشنطن ولمصلحة السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية