تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الإدارات الأميركية وقضية اللاجئين الفلسطينيين

شؤون سياسية
الخميس 22-10-2009م
نبيل محمود السهلي

يلاحظ المتابع لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وموقفها من القضية الفلسطينية بشكل عام، ومشكلة اللاجئين الفلسطينيين على سبيل المثال لا الحصر

بأنها اتسمت بسمات اساسية على مدار أكثر من ستة عقود 1948-2009، يمكن إجمالها بالتالي: قوة الثابت وقلة المتغيرات إزاء القضية الفلسطينية، وقد ارتبط ذلك بمجموعة من الاعتبارات والمصالح الإقليمية والكونية للولايات المتحدة الأميركية، وليس بوجهة النظر التي يحملها رؤساء الولايات المتحدة أنفسهم.‏

وبالعودة إلى مواقف بعض رؤساء الولايات المتحدة إزاء القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية يمكن معرفة الاتجاه العام لمواقف الإدارات الأميركية إزاءها، فقد طالب الرئيس الأميركي الأسبق ترومان في يوم 9/5/1949 بضرورة عودة (200-300) ألف لاجئ فلسطيني إلى ديارهم، وذلك عبر رسالة وجهها إلى بن غوريون، وقد هدد بأن تعيد الولايات المتحدة النظر في موقفها من إسرائيل، لكن في مقابل ذلك ركزت الولايات المتحدة على ضرورة توطين اللاجئين الفلسطينيين عبر نفوذها الكبير في لجنة التوفيق الدولية، وبدأنا نشهد مشاريع وخططا أميركية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، ومن بين تلك الخطط، خطة جورج ماك في 25/4/1949 الداعية لتوطين نصف مليون لاجئ في الدول العربية وبتكلفة إجمالية تصل إلى (250) مليون دولار تساهم الولايات المتحدة بنصفها، ومن المشاريع الأخرى الهادفة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، مشروع غوردون كلاب، ومشروع جونستون (1953 - 1955)، ومشروع دالاس لعام 1955 القاضي بإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر استئناف حياة جديدة عن طريق إعادة استقرارهم، من خلال عودتهم إلى وطنهم إلى الحد الذي يكون ممكناً، أو بتوطينهم في البلدان العربية، في 2/10/1961 قدم جوزيف جونستون رئيس معهدكارنجيا للسلام مقترحاته حول قضية اللاجئين بعد تكليفه من الرئيس جون كيندي، بأن يستشار اللاجئون من أرباب العائلات من قبل الأمم المتحدة بعيداً عن الضغط، ويختارون بين العودة إلى فلسطين أو التعويض، لكنه ربط هذا الاقتراح بقدرة إسرائيل على رفض عودة أي لاجئ للحفاظ على مصالحها الأمنية، وفيما بعد أكد الرئيس ليندون جونسون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19/6/167 أنه يجب حل قضية اللاجئين حلاً عادلاً، وتراجع الخطاب السياسي الأميركي إزاء قضية اللاجئين الفلسطينيين في عهد الرئيس الأميركي نيكسون، فقد أوضحت البيانات الصادرة عن لقاءات بين وزراء في عهده مع وزراء إسرائيليين بأن الولايات المتحدة الأميركية لا تقبل خطط العرب فيما يتعلق بقضية اللاجئين، وقلصت إدارة الرئيس كارتر مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وطريقة حلها إلى حد كبير جداً، وجاء في الرسالة التي وجهها الرئيس كارتر إلى إسرائيل بواسطة الحاخام الأكبر شلومو غورن، بأنه يجب إيجاد حل لقضية اللاجئين العرب واليهود وفق شروط الاتفاق عليها، ومنذ مشروع الرئيس الاميركي رونالد ريغان في ايلول من عام 1982 وحتى تبوء بوش الأب سدة الحكم في الولايات المتحدة الاميركية انصب الخطاب الاميركي ازاء القضية الفلسطينية حول ضرورة المزاوجة بين اتفاقيتي كامب ديفيد ومشروع ريغان.‏

وبعد جمود سياسي في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية مع اصرار إسرائيلي على فرض الشروط من خلال القوة العسكرية، وانطلاقة جدية للجدار العازل الذي سيبتلع 58 في المئة من اراضي الضفة الفلسطينية، حدث التحول السياسي الكبير في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، حين أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش الابن صراحة وعلى الملأ في 14-4-2004 التزام الولايات المتحدة الاميركية أمن إسرائيل والحفاظ على طابعها كدولة يهودية، وكان ذلك مدخلا لشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين الى وطنهم وفق القرار 194، حيث قال: إن الولايات المتحدة تؤكد التزامها ضمان حق إسرائيل في الحفاظ على يهوديتها كدولة ويجب ان يكون حل اعادة اللاجئين في اطار الدولة الفلسطينية التي ستقام وليس في إسرائيل، وأكدت ادارة اوباما من جديد على الثوابت في السياسة الأميركية الشرق أوسطية، من خلال التأكيد على ضمان أمن اسرائيل وانسياب المساعدات الأميركية لها، وذلك رغم التباين اللفظي بين الإدارة الأميركية وحكومة نتنياهو حول حل الدولتين. ويبدو أن ثمة انزياحاً واضحاً في السياسة الأميركية تجاه المواقف الاسرائيلية، الامر الذي يؤكد قوة الثوابت في المواقف الاميركية، ويعود ذلك إلى اسباب رئيسية في المقدمة منها: تداخل المصالح الأميركية- الاسرائيلية وقوة ونفوذ اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة من جهة، وعدم قدرة العرب في إيجاد آليات ووسائل ضغط جماعية على صانع القرار الأميركي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية