تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الـــعرب وتــركيـــا.. مصالح مشتركة

شؤون سياسية
الخميس 22-10-2009م
أكرم عبيد

تميزت الدبلوماسية السورية بحكمة وحنكة سياسية غير عادية بعد أن قادت سورية في أصعب الظروف واعقدها من نجاح إلى نجاح على الصعيد الإقليمي والدولي،

ما أكسبها دورا مهما ومكانة مميزة بعدما أصبحت مركز استقطاب عالمي ولا يستطيع أحد تجاهلها مهما كانت صفته من الأعداء أو الأصدقاء.‏

لذلك ليس غريبا ولا مستغربا على سورية بقيادتها التاريخية أن تعمل على تعزيز وتطوير علاقاتها مع الجارة تركيا بشكل متسارع لتصل في زمن قياسي إلى الشراكة الاستراتيجية بعد القمة السورية التركية الشهر الماضي التي أسست لتفاهمات مهمة حول ملفات إقليمية ودولية ترتبط بشكل جدلي بمصالح البلدين وخاصة بعد اللقاء الوزاري المهم الذي شهدته مدينة حلب الشهباء الذي جسد مقررات قمة اسطنبول إلى واقع ميداني ملموس على أرض الواقع والذي تمثل بتشكيل مجلس التعاون الاستراتيجي السوري - التركي الذي ناقش جملة من المشاريع العلمية والعملية لبلورة نهضة تكاملية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والأمنية والتي توجت بإلغاء التأشيرات بين البلدين.‏

وقد شكل هذا اللقاء المهم الخطوة العملية الأولى لتشكيل تحالف استراتيجي بين البلدين ليكون نموذجاً مميزاً يحتذى به في المنطقة لترجمة الرؤية الاستراتيجية التي تتطلع إليها سورية شعبا وقيادة بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد.‏

وقد ترافقت هذه التفاهمات مع القرار التركي الشجاع بمنع الكيان الصهيوني من المشاركة في المناورات الجوية في تركيا بمشاركة سلاح الجو الأميركي وبعض البلدان الأوروبية.‏

إن القيادة التركية الجديدة لمست بشكل لا يقبل التفسير أو التأويل أن قيادة الكيان الصهيوني لعبت دورا مميزا وقذرا في تحريض الأوروبيين والأميركيين لمنع تركيا من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ومن جانب آخر لمست القيادة التركية أن القيادة الصهيونية تعمدت إفشال الوساطة التركية بين هذا الكيان وسورية والتي بذلت خلالها جهودا كبيرة لتنشيط مسار المفاوضات من حيث انتهت على أساس السلام العادل والشامل الذي مازالت سورية متمسكة به وتؤكد عليه لاستعادة كامل الحقوق الوطنية والقومية المغتصبة من قبل العدو الصهيوني.‏

وقد توج الكيان الصهيوني هذه المواقف المعادية للشعب التركي وقيادته بالعدوان الصهيوني على قطاع غزة المحاصر واستخدام الأسلحة المحرمة وغير المحرمة دوليا وارتكاب الفصول الإجرامية الدامية بحق البشر والحجر والشجر ولم يسلم حتى القبر والذي ترافق بشكل مباشر مع المساس بالمسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.‏

وقد استفزت هذه الممارسات اللاأخلاقية و ارتكاب الفصول الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني مشاعر الشعب التركي التي عبر عنها رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان بموقف سيسجل له شخصيا وللشعب التركي الشقيق على صفحات من نور بعد رده الشجاع على افتراءات وأكاذيب الرئيس الصهيوني المزعوم شمعون بيرز في مؤتمر دافوس وانسحابه من المؤتمر الذي شكل صفعة عنيفة للكيان الصهيوني بعدما حاول الرئيس الصهيوني بوقاحة تبرير العدوان الإجرامي الصهيوني على قطاع غزة المحاصر.‏

وفي الحقيقة فإن هذا الموقف لرئيس الوزراء التركي لايقل أهمية عن موقف الرئيس التركي عبدالله غول الذي أعلن عن إلغاء زيارته للكيان الصهيوني احتجاجا على موقف هذا الكيان الذي رفض زيارته لقطاع غزة المحاصر بعد العدوان الصهيوني.‏

لذلك ليس غريبا ولا مستغربا على القيادة التركية التنبه لهذه المخاطر لتستعيد دور ومكانة تركيا في المنطقة والعامل وخاصة بعدما رفضت تركيا الاستجابة للمشاريع والمخططات الصهيو- أميركية التي تستهدف تشكيل حلف جديد في المنطقة لحصار الجمهورية الإسلامية الايرانية لإخضاعها للشروط والاملاءات الصهيو - أميركية وتجريدها من مقومات صمودها وتطورها وفك ارتباطها مع قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية العادلة وحلفاؤها وفي مقدمتهم سورية.‏

لذلك فإن التطور المتسارع في العلاقات السورية التركية وجه صفعة قوية للكيان الصهيوني بعدما استعادت تركيا دورها ومكانتها الإقليمية والإسلامية التي ستشكل في المنطقة نواة استراتيجية لتحالف عربي إسلامي وتشكيل نظام شرق أوسطي جديد لخدمة مصالح أبناء المنطقة كقوة ناهضة في المنطقة لمواجهة كل المشاريع والمخططات والأطماع الاستعمارية القديمة والجديدة وفي مقدمتها ما يسمى النظام الشرق أوسطي الصهيو أميركي المنهار على صخرة صمود شرفاء الأمة من قوى الصمود والمقاومة والممانعة العربية والإسلامية وفي مقدمتها سورية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية