تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


رحلة تأهيل المنشآت الصناعية لم تبدأ..آيزو الجودة خارج حسابات المنافسة في انتخابات غرف الصناعة

اقتصاديات
الخميس 22-10-2009م
مروان دراج

من يبادر اليوم في نبش ما جاءت عليه المنابر الاعلامية بشأن (الآيزو) خلال السنوات العشر الأخيرة، سوف يلحظ ومن غير عناء أن هذا المفهوم الذي يمثل مواصفات تتعلق بالمنشآت الانتاجية والخدمية

كان قد شكل حضوراً لافتاً سواء من جانب بعض المؤسسات الرسمية أو من جانب قطاع الاعمال فهناك سلسلة من الندوات والمحاضرات تم تنظيمها، بهدف التعريف بهذا المصطلح وترسيخ حضوره في أذهان الرأي العام لكن لأسباب شبه مجهولة غير مبررة ذهب هذا المفهوم فجأة الى دائرة النسيان ، بحيث ظهر الامر كما لو أن بعض الجهات أو المؤسسات الرسمية والخاصة أوعزت بطي الحديث حول هذا الزائر الجديد الذي يعتبر من أبرز عناصر مواكبة الصناعات الوطنية وأساليب التسويق الحديث وربما تكون مناسبة انتخابات غرف الصناعة خلال الشهر المقبل فرصة لشريحة واسعة من الصناعيين لإعادة الألق لهذا المفهوم من خلال البرامج الانتخابية والانشطة والندوات التي سيبادرون الى تنظيمها ونحن نشير الى هذا الجانب ونذكر به مع أن كل التوقعات ودروس الانتخابات الماضية تشير الى أن جودة المنتجات ومصطلح (الايزو) أو شعار (صنع في سورية).‏

هذه العبارات وسواها لن تجد حضوراً وسوف تكون خارج حسابات المنافسة انطلاقاً من أهداف وتطلعات أخرى لا تمت بصلة لكل ما له علاقة بمشكلات الصناعة الوطنية.. وبمنأى عن هذه الاستنتاجات نعود ونسأل : ما (الآيزو)؟!.‏

(الآيزو) عنصر تسويقي جديد، دخل الى ساحة التجارة الدولية خلال العقدين الأخيرين في القرن الماضي وهذا العنصر وإن كان يبدو غريباً عن الأنماط التقليدية المعمول بها في أساليب الترويج بالاسواق العربية. فهو وخلال العقد الاخير تمكن من قطع أشواط لا يستهان بها في الدول الصناعية المتقدمة، حتى أنه بات من شبه المعيب أن لا تتمكن هذه المنشأة الصناعية أو الخدمية من الحصول على شهادة الآيزو التي تتوافق مع طبيعة المنتج أو تلك الخدمة وكي لا يبدو معنى (الآيزو) مبهماً وغامضاً للبعض من المفيد التوضيح أن ( الآيزو) يعني توافر مواصفات محددة تتعلق في مراحل الانتاج المختلفة، وهذه الشروط أو المواصفات تكاد تتطابق من حيث الجودة في المنشآت الصناعية كافة وفي أي بلد كان ويقوم على تحديدها والاشراف عليها مجموعة من الافراد والمختصين الذين ينتمون الى منظمات دولية لها مكانتها ومرجعيتها الرسمية.‏

أي إن عمليات التأهيل ومنح الشهادات لا تأخذ بأساليب ملتوية ولا بالمحسوبيات وانما تقوم على أسس تضمن امكانية تحقيق المنتج للمواصفات المعمول بها دولياً، بهدف الدخول الى ميدان المنافسة في الاسواق دون مواجهة معوقات.‏

وقد يستغرب بعض الصناعيين أو غيرهم لو قلنا إن منظمة التجارة العالمية التي باتت تشريعاتها وقوانينها نافذة المفعول منذ مطلع 2005 كانت قد أوردت في مضمون الاتفاق بنداً أكدت من خلاله بأن حصول أي منتج على شهادات ( الآيزو) بأصنافها وأشكالها المختلفة يمثل بطاقة خضراء لدخول أسواق العالم.‏

والسؤال الذي يفترض أن نتوجه به للصناعيين ونحن على مشارف انتخابات غرف الصناعة.. أين نحن من هذا الزائر الجديد وماذا عن المنشآ ت الصناعية وغير الصناعية التي تمكنت من الفوز بمثل هذه الشهادات على مدار السنوات الماضية؟‏

قبل أكثر من عقد من الزمن - كما أسلفنا- أعلن في دمشق وسواها من المحافظات عن ولادة مجموعة من المراكز ودور الخبرة التي تأخذ على عاتقها عمليات التأهيل ومنح الشهادات، وهذه الدور المعترف بها من جانب منظمات عربية ودولية لها شرعيتها، استطاعت وخلال فترة زمنية قصيرة، من تنظيم الندوات والمحاضرات لترسيخ الوعي بالمصطلح الجديد، واستجابت في حينه بعض المنشآت الصناعية العامة والخاصة للاستحقاق غير المعروف في زمن سابق.‏

وبدأت تدخل هذه المنشآت الى ميدان عمليات التأهيل والحصول على الشهادات فماذا كان الحصاد؟‏

رغم الحماسة الزائدة والملحوظة التي أبداها بعض الصناعيين بغية محاكاة الصناعة العالمية بلغة القرن الحادي والعشرين ، فقد اختارت الغالبية الانزواء وكأن الامرلا يعنيها ، ولم تحاول شحذ الهمم للانضمام الى طابور الحاصلين على هذا الصنف الجديد من الشهادات مع أن المؤشرات الأولية في طبيعة تسويق السلع و المنتجات في العالم بعد سريان مفعول اتفاقات منظمة التجارة العالمية تشير بكثير من الوضوح الى أن عدم الانضمام الى معسكر ( الآيزو) سوف يترك بصمات سلبية على الصناعة السورية.‏

ومع أن الاجماع السائد من جانب القائمين على الصناعة الوطنية بشقيها العام والخاص يؤكد ضرورة اللحاق بهذا النمط من الشهادات، فإن عمليات التأهيل باتجاه ( الآيزو) كانت قد مضت بخطوات بطيئة أشبه بخطوات السلحفاة.‏

وذلك في وقت لا يتردد بعض المسؤولين عن ادارة شركات ومؤسسات القطاع العام من الاشارة بين الحين والاخر، الى أن ثمة نيات جادة لمضاعفةالجهود بغية تأهيل شركات ومؤسسات القطاع الحكومي، وذلك تبعاً للأولوية ولم يفت أصحاب هذا الرأي قبل سنوات، التذكير وبشكل دائم وبشيء من التباهي بأن سورية هي أول دولة في المنطقة حصلت على شهادة ( الآيزو9002) خلال عام 1999 من منظمة الصحة العالمية، وذلك في مجال ضبط الجودة الدوائية، وهي أيضاً أول دولة عربية وضعت نظاماً مطابقاً للنظام الدولي المعتمد لتفتيش معامل الأدوية ولاجراء تحاليل ضبط الجودة على كل ماله علاقة بالصناعات الدوائية.‏

ورغم حقيقة ما أتينا على ذكره، فواقع الحال لا يبدو مشجعاً على الاطلاق ويكفي التذكير أنه ومن بين أكثر من 55 ألف منشأة صناعية صغيرة ومتوسطة وكبيرة مسجلة رسمياً في يوزارة الصناعة، فإن عدد المنشآت التي فازت بهذه الشهادة في القطاعين العام والخاص لم يتجاوز رقم المئتي منشأة على أبعد تقدير ما يعني أن منشآتنا الصناعية ما زالت بمنأى عن أساليب التسويق الحديث.‏

marwanj @ ureach.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية