|
سينما ويؤكد ناجي جبر في أفلامه قدرته على أداء مختلف الشخصيات ولعب أدوار غير نمطية ، وتتوضح هذه الصورة بشكل جلي في الأفلام الثلاثة التي شارك بها من إنتاج المؤسسة العامة للسينما وهي / السكين، أحلام المدينة، صعود المطر/. اصطدم ناجي جبر في عالم السينما برغبة المنتجين في إظهاره بشخصية/ أبو عنتر/ التي اشتهر بها، ونجح في الافلات من محاولات المنتجين ومقاومة رغباتهم التجارية، فلم يتعد عدد الأفلام التي مثل فيها شخصية / أبو عنتر/ ثلت أفلامه السينمائية، وقدم قليلاً من التنازلات ربما استجابة لرغبات الجمهور الذي أحبه بهذه الشخصية، حيث كان القبضاي القوي عامل جذب للمشاهدين، وأرقاماً لابأس بها في شباك التذاكر. لقد اكتشفنا ممثلاً موهوباً متمكناً من أدواته منذ فيلمه الأول / السكين 1971/ المأخوذ عن قصة لغسان كنفاني، وقد اختاره المخرج الراحل خالد حمادة، لأداء شخصية جندي اسرائيلي تائه يواجه فلسطينياً يحاول الوصول إلى الضفة الغربية، ولم يكن ناجي عندما أدى هذا الفيلم معروفاً بشخصية «أبوعنتر» وظهر حليق الوجه بلا لحية ولا شارب وبعد هذا الفيلم ظهرت الشخصية التي علقت به طوال حياته الفنية . ويمكن أن نعدد عشرة أفلام وقع فيها ناجي جبر بأسر شخصية / أبو عنتر/ مع محاولات تعديل مسار الشخصية باتجاه إيجابي، وليس فقط شخصية القبضاي الذي لا يقهر ومنها عودة حميدو، حارة العناتر، تفضلوا ممنوع الدخول، زواج على الطريقة المحلية،غوار جيمس بوند، أبو عنتر بوند، وكان لا بد للفنان من بعض التنازلات كرمى لعيون المشاهدين. لقد حاول ناجي جبر إقامة توازن بين ثلاثة تجاذبات تناوبت على مسيرته السينمائية، إغراءات المنتجين ورغباته الفنية والمتاح أمامه من العروض السينمائية واستطاع أن يلون في أدائه حتى في أفلام القطاع الخاص. كما شارك في فيلم / أموت مرتين وأحبك/ 1976 المأخوذ عن قصة عبد العزيز هلال / من يحب الفقر/ وهي عن زوجين فقيرين يقتحمان شقة ثري فيراود الزوجة وتكون نهايته بسبب ذلك. ويبدو أكثر انسجاماً مع رواية/ باسمة بين الدموع/1985 لعبد السلام العجيلي، بعد هذا الفيلم يعود ناجي إلى حضن مؤسسة السينما ليمثل ابن الحارة الشعبية في فيلم / أحلام المدينة/ 1984 وبما تمثله الشخصية من ضغوط نفسية وأسرية ومحيطية لكن الشخصية الأكثر طرافة والأكثر عمقاً في الوقت ذاته تلك التي أداها ناجي جبر في فيلم/ صعود المطر/ 1995 لعبداللطيف عبد الحميد، حيث يخرج البطل من بطيخة ويسير في خط موازٍ للشخصيات الواقعية، ويعد هذا الفيلم الأكثر دلالة على قدرات يختزنها ناجي، ولا يكتشفها إلا مخرج باحث عن ممثل متقن لدور غريب على الشاشة العربية. وقد حاول ناجي مع القطاع الخاص في إعطاء نكهة مختلفة وبشخصية ذات عمق فكري، ومثل هذه المحاولة نجدها في فيلم / سواقة التاكسي/ إخراج محمد شاهين،حيث سمعنا على لسان جبر هنا حواراً مختلفاً مثل التمرد والثورة، وبلهجة ناعمة تختلف عن لغة قبضاي الحارة التي تحملها شخصية / أبو عنتر/ وطبعاً يبقى هذا الفيلم حاملاً لمسات أفلام القطاع الخاص ولأن عمر السينما عندنا قصير.. توقف الفنان ناجي جبر عن السينما، ليتابع حياته الفنية في المسرح والتلفزيون حتى الأيام الأخيرة من حياته. |
|