تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عنــــدما نقـــــول..

مجتمع
الإثنين 3-11-2014
لينا ديوب

يبدو أحيانا أن الحديث عن قضايا حيوية ومهمة نمطياً ولا يتجاوز الإعلان بالتذكير، وإذا أخذنا مثالا حماية البيئة نجد أن العمل الفعلي والاستراتيجي لحمايتها يمكننا وضع الكثير من علامات الاستفهام حوله، فعندما نقول بان جميع أشكال الحياة مترابطة فإننا لا نتحدث عن أمر أخلاقي بل إن هذه هي حقيقة علمية تؤكد عليها جميع الأبحاث.

فالأشجار تطرح الاوكسجين الذي نتنفسه و هي تأخذ ثاني اوكسيد الكربون الذي نحن نطرحه.‏

اذا قتلت العصافير لحماية المحاصيل الزراعية فان أشكالا من الجراد و الحشرات التي تقتات عليها العصافير ستتكاثر بشكل مدمر. و اذا قتلت هذه الحشرات فان انواعاً كثيرة من النباتات ستنقرض لان هذه الحشرات تلعب دورا في تلقيحها و هكذا فانه لا توجد أشكالا اعتباطية للحياة بل إنها سلسلة غذائية حياتية متوازنة.‏

الموضوع اذاً ليس مرتبطاً فقط بمشاعرنا تجاه الغابات الخضراء و الحشرات وهذا النوع من الحيوانات أو ذاك، و غير ذلك بل بتوازن الطبيعة التي نحن جزء منها. وهذه ليست قضية وطنية فقط بل عالمية، فكما نحن ندمر بيئتنا بسبب هذه الحرب ، أيضا اذا واصل سبعة مليارات من البشر تدميرهم المنظم للطبيعة و لبعضهم فان الرد سيأتيهم و سيكون قاسيا لان الطبيعة لديها قوانينها و هي لا ترحم. لانها مجرد قوانين. فاذا قفزت من جبل فان قانون الجاذبية سيحطمك. و اذا اردت ان تقفز دون ان تموت عليك ان تتكيف مع قانون الجاذبية فتصنع اجنحة مثلا تمنع سقوطك الحر.‏

من قبل ندرة الموارد دفعتنا نحن بني البشر الى القتال ضد بعضنا لاجل البقاء. و قتالنا هذا سببه بدائية جنسنا. لقد قتلنا بعضنا كقبائل و مدن و قوميات واديان و دول و امبراطوريات, وفي كل مرة اعتمدنا هويات مختلفة لتعريف انفسنا لاجل توحيد جهدنا القطيعي للاستحواذ على الموارد التي نحتاجها جميعا. وهذا يتكرر اليوم بطريقة مختلفة مضافا اليها التطور التكنولوجي صاحب القدرة الهائلة على التدمير.‏

آن الاوان ان تتحرك البشرية الى الامام لحماية كوكب الأرض وليس لتخصيص ايام وحملات اعلامية، ولا بد من تعريف أنفسنا جميعا كبشر ينتمون الى موطنهم الوحيد كوكب الارض. نحن البشر و النباتات و باقي اشكال الحياة نسيج مترابط من الحياة تعيش في سلسلة مترابطة من العلاقات التكافلية و لا بد ان نبني حياتنا على اساس بقاء و ارتقاء جميع اشكال الحياة من حولنا اذا اردنا الاستمرار و الازدهار لانفسنا كبشر.‏

هذه الحروب والتدمير المستمر لكوكبنا والسلوك البدائي و اللاعقلاني لجنسنا ينبغي ان يتغير، علينا ان نتكيف مع نواميس الطبيعة، و لاجل ان نقوم بذلك لسنا بحاجة الى الدعوات الاخلاقية فقط لانها لا تكفي. بل ينبغي تنظيم الحياة على الارض على هذا الاساس عبر تغيير الطريقة التي ندير بها حياتنا. فالنظام الاجتماعي الحالي الذي استنسخناه من اسلوب الحياة التي صاحبتنا من الغابة ربما كان مفيدا في الماضي او كان على اي حال اقل خطرا, و لكنه لم يعد كذلك بعد الان. فنحن ندمر انفسنا و بيئتنا بشكل منظم و هائل و نستخدم آلات و اسلحة اصبحت في حوزتنا للقيام بذلك بشكل صار يهدد وجودنا برمته. استعراض القوة التسليحية واستمرار الحروب يقودنا فعلا الى الدمار، والتغيير لم يعد لانتصار الأقوى أو رغبة للوصول الى شيء افضل بل ضرورة اذا اردنا البقاء.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية