تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فيلم (خارج عن القانون).. يدعو إلى الالتزام بالقانون

ثقافة
السبت 6-4-2013
آنا عزيز الخضر

من عالم الجريمة و تصوير أجوائه و علاقاته و من بيئته الاجتماعية و النفسية، ينطلق فيلم(خارج عن القانون) إلى عالم آخر، يجد مبتغاه عند المتلقي في شكل مختلف يعاكسه و يرفضه، خصوصا أنه صنع برؤية مخرج فنان،عرف عنه مقدرته المتميزة في تطويع أمثال هكذا أجواء،

وتوجيهها إلى مكان آخر، رغم كل ما تحتويه من عنف و عدوانيه ووحشية، لتصبح في صالح الجانب الإنساني بالشكل المطلق،إذ يضع المخرج (جون هيلكوت) المتلقي في جو من التأمل و المراقبة، عبر حضور وتداخل مجموعة من المعطيات الفنية والدرامية القادرة على الإيحاء والوصول إلى هكذا أحاسيس ومشاعر، و قد أكد النقاد السينمائيون مقدرة المخرج الفائقة وبراعته في تحميل أي عمل يخرجه رؤية لها خصوصيتها على الدوام، حيث يقحم اللحظات الإنسانية بآلية تتسلل عبر أجواء أعماله بشكل درامي فريد،فتدخل إلى عمق المتلقي بشكل شاعري،وتصل بمهارة من تتالي تناقض الأضداد، وتصيب في النهاية هدفها الراقي من تلقاء عملية فنية قادرة على تظهير النقيض،مهما كانت صادمة بشكلها الظاهري،وقد يخيل للمشاهد في فيلم (خارج على القانون) انه أمام عمل سينمائي،يدور في عالم التشويق والاكشن والمغامرات والعنف،ليكتشف فيما بعد أنه بعيد كل البعد عنه،نحو عالم منشود مشتهى،يرفض كل ماتقدم، ويملؤه الخير والجمال،الذي يحارب كل تلك الآثام المقترفة، التي ظهرت في الفيلم بشكل بشع،ليتم التمسك بنقيضها،وهذا لم يتم ببساطة، بل من خلال أسلوب سينمائي خاص،يكثف القيم الدرامية موجها إياها إلى أهدافه الدقيقة، كي يحمل مقدرة التعبير والكشف عن أبعاد مختلفة،تظهر بين السطور،و لها أهميتها الكبرى عند الإنسان في أي مكان وزمان، و قد ندد الفيلم بالأجواء العدوانية و العنف والأساليب الغير مشروعة،حيث لاتلتزم لا بقانون ولا بشرعة ولا حدود تقيد،وهذا إن غلب و سيطر على البشر،فإنها تحول عالمه إلى ما يشبه الغابة،بل أكثر بشاعة منها،ورغم ذلك ورغم حضور الجريمة،وكل السلوكيات العدوانية، إلا أن الفيلم تمكن من الجمع بين عنف صارخ و قاس و مشاهد في قمة الإنسانية وبشكل شاعري،خصوصا أن نفس المخرج (جون هيلكوت) قد أبدع عبر تلك المعادلة الفنية،التي تحارب القبح والبشاعة بالبحث عن الجمال، فيظهر الأخير رغما عن البشاعة بين ثناياها،فكانت جميع أفلامه عبر مسيرته السينمائية تعمل على هذا الجانب، فأسلوبه الفني يقارن دوما بين المتناقضات،ويضيء المسافات الحقيقية فيما بينها، كي يندد بكل ما يخرب الإنسان وقيمه،وأولها المصالح المادية المبنية على الأنانية، والتي تحوله إلى وحش يحطم كل ما له علاقة بالإنسانية من اجل مصلحته الضيقة.كما أبرز الفيلم،المأخوذ عن رواية (مان بندورانت)والتي يغلب فيها العنف و الجريمة و القتل في كل تفاصيلها الروائية،وذلك من أجل تصوير تلك الملامح الكفيلة بتخريب أي مجتمع، و رغم صعوبة نقلها إلى فيلم، يحمل الرؤى الإنسانية الراقية،حيث تحمل مخاوف الانزلاق أيضا في تحولها إلى مجرد فيلم للإثارة والاكشن،الذي يجذب أحيانا، ولا يمثل إلا الجانب التسويقي والتشويق،إلا أن الفيلم كان بعيدا عن هذا الجانب،وكسب رهانه،فقبض على هدفه المطلوب والراقي، واستطاع الفيلم تحقيق ذلك بامتياز،وقد دار الفيلم خلال فترة زمنية من ثلاثينيات القرن الماضي في أمريكا،ودارت جميع أحداثه حول التجارة غير المشروعة بالكحول،كما الفساد الذي يؤمن التغطية لها، و كل ما هو خارج عن القانون القادر على تأمين الثراء و الثراء فقط،ومهما كانت النتائج مفجعة وكارثية بالنسبة للناس،إذ تكثر الجريمة و ينتشر القتل هنا و هناك، و يبدو العنف سيد الموقف،حيث يقوم ثلاثة من الأشقاء بأعمال القتل دون أي حساب لأي شيء،لكل من يقف في طريقهم، ولا يتورعون عن القيام بأي عمل يحقق مصلحتهم،مختبئين خلف ستار العمل بإدارة مقهى، فتظهر بشاعة هذه الأفعال،و تأثيرها على القيم و العلاقات الأخوية و الصداقة،كما تأثيرها على الصالح العام،عبر تسخيرهم لرجل الشرطة،إذ تلوثها جميعها مخربة كل ما يمت للإنسانية بصلة بشكل يعجز المرء فيه عن التصور.‏

قام ببطولة الفيلم (توم هاردي) (جيسكا تشاسين) (جاسون كلاركي)(شيا لابوف) (و داني دهان) و غيرهم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية