تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الولايات المتحدة ونظرتها للشرق الأوسط

شؤون سياسية
السبت 6-4-2013
هيثم عدره

الجولة التي قام بها الرئيس باراك اوباما للشرق الأوسط والتي استهلها بالبداية بزيارة إسرائيل ليؤكد من خلال ذلك على الدعم اللامحدود لإسرائيل كونها الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة معلنا ذلك منذ لحظة وصوله إلى إسرائيل عبر تأكيده على ضرورة حماية امن إسرائيل,

وقيامه بجولة تفقدية على منظومة الصواريخ أو مايسمى بالقبة الحديدية، حيث قال خلال المؤتمر الصحفي: (التزامنا بأمن إسرائيل ابدي).‏

إذا عدنا للوراء للولاية الأولى لأوباما حينها تحدث عن ضرورة قيام دولة فلسطينية وضرورة وقف الاستيطان لكي يتحقق السلام، ماذا كانت النتيجة تراجع عن كل ذلك بسبب ضغط اللوبي الصهيوني عليه،ووقف في المحافل الدولية وبقوة ضد أي إدانة لإسرائيل بخصوص المستوطنات،إضافة إلى وقوفه ضد أن تكون فلسطين دولة بصفة مراقب بهيئة الأمم المتحدة.‏

إن الركائز التي تعتمدها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط كانت وما زالت تحمل عناوين واضحة يصعب تغييرها أهمها حماية منابع النفط والسيطرة عليها بجميع الأشكال المناسبة وبشكل مباشر أو غير مباشر عبر زرع القواعد العسكرية في منطقة الخليج العربي وهذا واضح للجميع، الناحية الأخرى السيطرة على الطرق البحرية التي تجعل النفط الخليجي يصل إلى أوروبا بسهولة، الأمر الآخر والذي يشكل ركيزة مهمة ألا وهو حماية إسرائيل وجعلها القوة المهيمنة في المنطقة كونها تشكل القوة التي تعتمد عليها الولايات المتحدة في تحركاتها واستراتيجياتها في منطقة الشرق الأوسط.‏

المراقب لجولة اوباما يدرك المأزق التي وصلت إليه السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ولابد من تحليل هذه الركائز التي أكدنا عليها لمعرفة أسباب ودلالات هذه الزيارة، فأي مراقب يرى أن بلدان الخليج بدأت تعاني من مشكلات اجتماعية وحراك ومظاهرات هنا وهناك تنذر ببوادر تحركات شعبية قد تؤثر على سيطرة الولايات المتحدة بشكل أو بآخر على النفط الخليجي.‏

المحور الآخر هو القوة الإيرانية التي تتعاظم يوما بعد يوم والتي تشكل هاجسا لدى الإدارة الأمريكية كونها قادرة وتشكل خطورة بالغة على الطرق البحرية التي تؤثر على إمداد أوروبا بالنفط وخصوصا مضيق هرمز،ومن هنا نرى أسباب الضغط المستمر على إيران والتصريحات النارية أحيانا والعقوبات أحيانا أخرى.‏

كل ماذكرناه شكل أسساً لقيام اوباما بتلك الزيارة والتي نتج عنها بشكل سريع إحياء الحلف الأمريكي التركي الإسرائيلي للضغط المباشر على سورية وإيران ولإعطاء حالة من الانطباع للدول الخليجية وتتمثل بأن الولايات المتحدة مازالت قادرة وقوية وانه لاتغيير في سياساتها بخصوص أمن منطقة الخليج العربي، إضافة إلى التوجيهات التي أعطاها لبعض دول المنطقة على ضرورة التصعيد تجاه سورية عبر القمة العربية من حيث طبيعة القرارات.‏

الرئيس اوباما لم يطرح مبادرة والأسباب تكمن بأن إسرائيل ترفض ذلك أي أنها لاتريد السلام بكل أشكاله وإنما تحاول أن تأخذ المزيد من المكاسب والضمانات مستغلة الوضع الدولي والعربي والإقليمي، وبعض المراقبين يرون أن اوباما كونه لايحمل أي مبادرة أفضل كونه كان سيعود بخفي حنين، أي أن إسرائيل كانت سترفض ذلك جملة وتفصيلا.‏

إن التصريحات بخصوص الفلسطينيين ودولتهم هي عبارة عن كلام لايعدو كونه واجهة للزيارة وإنما المعنى الحقيقي لتلك الجولة هو إعطاء الغطاء لإسرائيل بكل ماتقوم به ويبقى موضوع السلام متروكاً للمشيئة الإسرائيلية وتحديده وفق مصالحها.‏

إن الدعوات لوقف الاستيطان من قبل الولايات المتحدة وأوروبا هو مجرد حديث إعلامي لاأكثر بينما على الأرض الجميع يؤيد ماتقوم به إسرائيل والدليل أن الرئيس عباس أكد لاوباما أثناء زيارته للضفة انه لايمكن استئناف المفاوضات مع إسرائيل إذا لم يتم تجميد عمليات الاستيطان.‏

من المهم القول إن الجانب الفلسطيني يجب أن يكون لديه أوراق ضغط على الجانب الإسرائيلي, وهذا يتطلب في الفترة القادمة التركيز على المقاومة كونها هي القادرة على تغيير المعادلة, فعندما تشعر إسرائيل أنها تواجه مقاومة تتصاعد وتؤدي إلى زعزعة كيانها عندها ستفكر بتحقيق السلام.‏

يبقى موضوع الصمود والمقاومة هو الحل بالنسبة للفلسطينيين كون موضوع التفاوض يحتاج لشروط ضاغطة ليقبل الطرف الإسرائيلي بذلك منها مايتعلق بالواقع الفلسطيني على الأرض ومعطيات عربية ودولية ليتشكل فيما بعد واقع يفرض الحل على إسرائيل، والمعطيات تؤكد أن الإدارة الأمريكية جميع أطروحاتها الآن تتمحور حول سلب الفلسطينيين جميع أوراق القوة إن وجدت، وهي تحاول أن تغير المعادلات على الأرض في منطقة الشرق الأوسط وبما يخدم استراتيجياتها على المدى القريب والبعيد ويحقق الأمن والتفوق لإسرائيل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية