تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ســـيرة الحـــــب...رحلـــة إلــــى حلــب

ساخرة
الخميس 5-3-2009م
خطيب بدلة

ذكرت لكم في الحلقة السابعة أن بطل سيرتنا أبو عمر مولع بإغاظة زوجته أم عمر، فتراه يلاحقها بتعليقاته اللاذعة بقصد أن تقلفن (أي تغضب) ليضحك هو أولاً، ثم تنتبه هي إلى أنه كان يمازحها فتضحك،

وهذا كله لأنه يحبها على الرغم من أنه تجاوز سن السبعين، بينما هي في الثامنة والستين من عمرها.‏

وذكرت لكم أنه شاهدها تحكي على الموبايل فقال لها: ما معناه إن الذين اخترعوا الموبايل تخيلوا كل شيء إلا أن يروا امرأة مخيفة كأم عمر تضعه على أذنها وتتكلم.‏

وذات مرة سافر أبو عمر وأم عمر إلى حلب بقصد التسوق وتغيير الجو وحينما نزلا من الميكروباص في باب الجنين ومشيا باتجاه خان الكمرك عص أبو عمر بكفه الخشنة على كفها، وهمس لها مذكراً إياهاً بأنه يحبها فقالت له: الله يقطعك شقدك منحوس! على أيش تحبني؟ على عيني الأصغر من حبات العدس، أما على منخاري الأكبر من قرص السنبوسك؟‏

قال لها وهو يتصنع الجدية التامة:لو أن الأمر وقف عند العينين والمنخار لبقيت القضية في إطار (الجنحة)، ولكنها في الحقيقة (جناية) كبيرة، فأنت من دون يمين كلك غلط..أنا مثلاً حينما تحلفين لي برقبتك لا أصدقك، وحينما تهددينني بأنك ستقتلينني وتضعينني في رقبتك لا أخاف من تهديدك لأنك من دون رقبة!وكذلك ليس لك خصر وهذا لم ينجم عن الحمل والولادة والتقدم بالعمر وقلة الحركة كما تزعمين، فأنت تعيشين بدون خصر مذ خرجت من الوكالة..ومع ذلك حبيبتي أم عمر، أنا لا أرى أجمل منك بين نساء الأرض، وأموت في دباديبك.‏

قالت: هل تعرف السبب؟‏

قال متجاهلاً: لا.‏

قالت: لأنك أنت مفشكل تمشي مفرشخاً ساقيك وكأنك مفتوق ووجهك يصلح أكثر ما يصلح لتخويف الأولاد الذين لا يستجيبون لرجاءات أمهاتهم في تناول الحليب وتناول صفار البيض الذي يقوي الكلس في العظام..فمن هي تلك الانتحارية التي سترضى بك غيري؟ أنا إذا لم أسامح أهلي لأنهم بلوني بك فقد يدخلون النار بسببي لا سمح الله.‏

توقفا أمام محل تجاري كبير مختص ببيع اللوازم النسائية، قال أبو عمر: لو كان هذا المحل ملكك الخاص فأنت لن تستطيعي إدارته بمفردك، وستضطرين لأن تعينيني مديراً له.‏

قالت أم عمر: مستحيل يا زلمة، وهل جننت حتى أعينك مديراً للمحل؟ إن ورثتي كلهم سيرفضون ذلك وربما أقاموا علي دعوى اتهموني فيها بأنني معتوهة، وأنني لهذا السبب غير مؤهلة قانونياً، وطلبوا من القاضي أن يعين علي وصياً قانونياً.‏

قال أبو عمر: غريبة وما شأن ورثتك بهذا الأمر؟‏

قالت أم عمر: ألا ترى الازدحام الموجود في المحل؟ عشرون عاملاً وعاملة ومديراً ومحاسباً وكلهم يعملون كخلية النحل دون توقف من كثرة الزبائن، أضف إلى ذلك أن معظم النساء اللواتي يشترين من هذا المحل حوامل. فإذا عينتك مديراً وأصبحت تداوم هنا ستراك النسوة الحوامل فيزعقن بالمقلوب، وربما أسقطن أجنتهن من الرعبة، ومن لا تسقط جنينها ستهرب وتتلفت إلى الخلف كيلا ترى وجهك، اللهم عافينا، وكلها أيام معدودة ونعلن الإفلاس ونبيع المحل.‏

ضحك أبو عمر، إذ اعتبر النكتة التي أطلقتها أم عمر موفقة، وقال: إذا هيك الحق معك.‏

ومشيا باتجاه مطعم شعبي يقدم لزبائنه الشقف والكباب مع السلطة والبيواظ، تناولا الطعام وشربا الشاي ثم خرجا لاستئناف مشوارهما في السوق.‏

توقفا أمام بناية حديثة، قال أبو عمر إن هذه البناية لو كانت ملكه فلن يؤجر أي منزل منها، لأن معظم المستأجرين يعتبرون البيت المستأجر ملك أبيهم الذي خلفه لهم الله يرحم ترابه.‏

وفجأة، مر رجل يبيع اللفت على ظهر حمار، فأجفل أبو عمر وتراجع إلى الخلف، أم عمر انتابها شيء من القلق، وسألته ما بك؟‏

قال: أليس الله على كل شيء قدير؟‏

قالت: بلى.‏

قال: وقادر أن يحولني إلى جحش مثل هذا؟‏

قالت: طبعاً قادر.‏

قال: فإذا انقلبت جحشاً وأصبحت أنت مالكتي أرجوك وأبوس يدك لاتبيعيني لجارنا أبو أحمد البايملي.‏

قالت: لماذا؟‏

قال: لأن أبو أحمد إنسان بخيل، يثقل الحمل على الجحش، ويخفف له من العليق.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية