|
شؤون سياسية وتضغط إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على دول العالم لمقاطعة المؤتمر خشية أن يكرر القرارات السابقة التي صدرت عن مؤتمر دوربان الأول الذي عقد في بداية شهر أيلول من عام 2001 في جنوب إفريقيا والتي تدين العنصرية استناداً إلى السجل الجديد للجرائم والمحارق الجديدة التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة مؤخراً. وقد استجابت لهذه الحملة كل من كندا وإيطاليا التي انضمت إلى تأييد العنصرية الإسرائيلية ورفضت المشاركة في مؤتمر دوربان الثاني للأمم المتحدة عن العنصرية، وقال ناطق باسم وزارة الخارجية: إن بلاده ستسحب وفدها لأنها لا تؤيد مشروع القرار الذي يتضمن عبارات غير مقبولة عدائية ومعادية للسامية على حد قوله. وأبدى المؤتمر اليهودي العالمي في بيان ارتياحه إلى انسحاب الوفد الإيطالي معتبراً أنه مؤشر لبقية الحكومات الأوروبية. لم تتوقف المقاطعة عند واشنطن وروما وأوتاوا بل وصلت إلى فرنساحيث أعلن رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيّون أن بلاده لن تقبل بالتعرض لإسرائيل خلال مؤتمر الأمم المتحدة حول العنصرية المعروف باسم دوربان الثاني. وقال فيون خلال العشاء السنوي للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية الفرنسية في باريس: أعلم أن المؤتمر يثير لديكم قلقاً مشروعاً يمكنني أن أؤكد لكم أنه إذا شاركت فرنسا في الاستعدادات للمؤتمر فهي ستشارك بشكل متشدد. إن عزمنا على محاربة معاداة السامية في فرنسا يتضاعف كثيراً وكثيراً جداً حيال تجلياتها في الخارج. وأوضح رئيس الوزراء الفرنسي أنه إذا كان التصدي للعنصرية أمراً محتماً فهو لن يكون حجة لحصول نفس الالتباس ونفس الرياء الذي حصل في عام 2001 أثناء مؤتمر دوربان الأول في جنوب إفريقيا والذي شهد مواقف صلبة ضد إسرائيل. وفيون الذي تدعي بلاده أنها ضد العنصرية لا يقبل أن يتم التعرض للعنصرية الإسرائيلية والافتراء على سياسة تل أبيب أو أن يتعرض أحد للطائفة اليهودية بمجملها للإساءة، مؤكداً أن فرنسا لن تتردد في حال حصول هذ الأمر وبالاشتراك مع حلفائها الأوروبيين في أن تنسحب من هذا المؤتمر إذا تطلب الأمر ذلك، وكانت إسرائيل أعلنت أنها ستقاطع الحدث خشية تنديد مشابه لما جرى في جنوب إفريقيا في المؤتمر الأول ومارست ضغطاً على الولايات المتحدة كي لا تشارك هي الأخرى. ونشرت صحيفة هآرتس مسودة الإعلان المتوقع صدوره عن المؤتمر وأشارت إلى أنه تم تكريس بضعة بنود للتنديد المباشر بإسرائيل، فقد ذكر البند رقم 30 أن المؤتمر يعرب عن قلقه العميق من ممارسات التمييز العنصري ضد الفلسطينيين. أما البند31 فيقول: إن المؤتمر يشدد على أن للشعب الفلسطيني حقاً غير قابل للنقاش في تقرير المصير، وانطلاقاً من هدف تعزيز الاحتلال الإسرائيلي أصبحوا موضع عقاب جماعي وتعذيب وحصار اقتصادي وتقييد خطير لحرية حركتهم وحصار تعسفي على مناطقهم. وأضافت هآرتس: إن البند 32 يشير إلى أن المؤتمر يؤكد مجدداً أن الاحتلال الأجنبي القائم على أساس الاستيطان وقوانين التمييز العنصري وتعزيز الحصار الاقتصادي يتعارض تماماً مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ويمثل خرقاً فظاً لحقوق الإنسان والقانون الإنساني معتبراً أنه جريمة ضد الإنسانية ونوع من الآبارتيد الحديث وتهديد جدي للسلام والأمن الدوليين. واضح من خلال المقاطعة الغربية لمؤتمر دوربان الثاني والتلويح بها أن الغرب الاستعماري بزعامة الولايات المتحدة الأميركية لم يعد يكتفي بإقامة الدولة الصهيونية في قلب الوطن العربي وحمايتها بل بات يخوض كل معاركها السياسية ويوفر لها الغطاء الدبلوماسي اللازم الذي يحول دون تطبيق القانون الدولي عليها، وفي نفس الوقت يحاول تبرئتها وإزالة وصمة العنصرية عنها في مسعى خبيث لتنظيف سجلها الإجرامي حيث تعجز كل مساحيق الأرض عن هذا الفعل. أمام هذا التكالب الغربي لحماية العنصرية الإسرائيلية لم يعد أمام العرب سوى إعادة الاعتبار لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 الذي يعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العرقي. فهذا القرار الصادر في العاشر من تشرين الثاني عام 1975 بأكثرية 72 صوتاً ضد 35 لم يكن قراراً اعتباطياً بل كان تعبيراً عن واقع الكيان الصهيوني منذ ما قبل إنشائه من خلال ممارساته الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني ولجوئه إلى كل أشكال التمييز والقتل والإبادة والتطهير والتهجير، باعتبار أن الصهيونية تقوم في الأساس على كراهية الآخر وتستند ثقافتها إلى الأساطير التوراتية التلمودية التي ترفع من شأن اليهود باعتبارهم أعلى شأناً من بقية البشر لأنهم شعب الله المختار. |
|