تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ديلي ستار.. السلام... قليل من التفاؤل.. كثير من التشاؤم!

ترجمة
الخميس 19-3-2009م
ترجمة: ليندا سكوتي

ثمة أسباب عديدة تدعو للتشاؤم حيال تحقيق تقدم في تسوية النزاع الاسرائيلي الفلسطيني في هذا العام، من أهمها مانلاحظه من لامبالاة المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة بتلك التسوية، ما جعل منها أمراً بعيد المنال، زاده سوءاً تزايد العنف، والآراء المتشددة التي يطلقها الطرفان.

إثر انتهاء حرب غزة نمت شعبية حماس في الداخل الفلسطيني، وفي العالمين العربي والإسلامي مع إعراب الفلسطينيين بشكل عام عن دعمهم وتأييدهم للمقاومة المسلحة، أما اسرائيل فقد ظهرت لديها التوجهات اليمينية المتطرفة التي تؤمن بأن الوجود الفلسطيني في اسرائيل يشكل خطراً أمنياً على البلاد.‏

بتقديرنا نرى بأن إجراء محادثات بين الطرفين سيقود إلى آثار سلبية لدى كل منهما، حيث ستظهر لدى الاسرائيليين الخشية من تحول الأراضي التي تعاد للفلسطينيين في الضفة الغربية إلى منصات لإطلاق الصواريخ على غرار ماحدث في غزة، أما بالنسبة للفلسطينيين فيرون بأن الاستمرار بالمحادثات قد يطول أمده دون أن يفضي إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، وسيمكن اسرائيل من توسيع وإنشاء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية.‏

ثمة اعتبارات داخلية تزيد من الإشكالات القائمة، حيث يلاحظ بأن البرنامج السياسي لحماس يختلف اختلافاً جوهرياً عن البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الذي يقوم على حل الدولتين مع انسحاب اسرائيلي إلى حدود عام 1967.‏

بينما ترى حماس الاكتفاء باتفاق على هدنة طويلة المدى مع اسرائيل دون الاعتراف بها.‏

أما في اسرائيل فنجد أن البرنامج السياسي لحزب الليكود ورئيس الحكومة المنتخب يختلف عما يراه كل من كاديما والعمل، حيث يرفض فكرة الأرض مقابل السلام، وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب دولة إسرائيل، ويرى إقامة سلام اقتصادي، تلك المقولة التي لم تتضح معالمها، لذلك فإن تشكيل ائتلاف حكومي أو حكومة وحدة وطنية في أي من الجانبين لن يحقق الانسجام بين أطرافها لوجود خلافات بين مكونات تلك الحكومة، الأمر الذي يحول دون إمكانية التوقيع على أي اتفاق يفضي إلى إنهاء النزاع.‏

لايوجد في كلا الجانبين قادة تاريخيون يمكنهم التصدي لعقد اتفاقية تنص على تنازلات من قبل طرف إلى آخر، كما أن الراديكاليين سيقوضون أي مشروع اتفاق يمكن أن يعقده المعتدلون، ويرى الكثير من المراقبين بأن الزمن يمر دون التمكن من إحداث أي تغيير عملي على أرض الواقع.‏

لقد أصبح الجميع على قناعة تامة بأن الاسرائيليين والفلسطينيين غير قادرين اجتياز خطوة نحو الأمام، فيما يتعلق بالقضايا الجوهرية، دون وجود وسطاء من أطراف أخرى، وبشكل خاص الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واللاعبين الرئيسيين الاقليميين، إذ تبين بأن غياب الوسطاء الأساسيين عن المحادثات قد قاد إلى نتائج كارثية تمثلت بالاستخدام المفرط للقوة، والاعتماد على قوة الردع، وفرض عقوبات جماعية، وبالمقابل قامت عمليات انتحارية، وتزايد إطلاق الصواريخ على المستوطنات، وبذلك تكون الاتفاقيات المؤقتة غير مجدية لتحقيق النتائج المرجوة، لأنها تتجاوز القضايا الجوهرية وتبقي الأوضاع على ماهي عليه دون أن تضع أسساً لحل النزاع.‏

على الرغم من هذا الواقع ثمة نافذة صغيرة تسمح لشعاع من الأمل بالمرور عبرها، وذلك في ضوء ما نشهده من سياسات معلنة لإدارة أوباما المتمثلة بإجراء تغيير في المنطقة، ووضع الصراع الاسرائيلي الفلسطيني في قمة سلم الأولويات لتلك الإدارة التي أخذت سبيلها نحو التنفيذ من خلال تعيين ميتشل المعروف بقدراته الكبيرة على حل النزاع، الأمر الذي يدعونا للتفاؤل حول وساطة أمريكية نزيهة، وخاصة في ضوء ما نشهده من تضييق الهوة بين حماس وفتح، حيث يمكن أن يكون الفلسطينيون شركاء سلام عبر حكومة تكنوقراطية، يضاف إلى ذلك الدعم الدولي والاقليمي الذي ستلقاه تلك الوساطة، ومبادرة السلام العربية التي لم تزل مطروحة على الطاولة، حيث يمكن بموجبها التعويض عن هشاشة النظام السياسي الفلسطيني ، وفتح الأبواب للقيام بترتيبات اقليمية في المنطقة.‏

يرى البعض في الجانبين ضرورة أن يقوم ايهود أولمرت ومحمود عباس بتحقيق تقدم بالمفاوضات باعتماد مقررات أنابوليس، وما أسفرت عنه الاجتماعات مع بيل كلينتون، مع الأخذ بالاعتبار مايمكن أن يطرأ من تغيير في المزاج القائم، كما أن إجراء انتخابات جديدة يمكن أن يحقق نتائج سياسية مغايرة فضلاً عن أن حماس قد أعطت مؤشرات براغماتية، وأن كلاً من مصر والسعودية وتركيا مازال لديها التأثير على ما تتخذه حماس من قرارات، كما يعتقد بأن الحكومة الاسرائيلية اليمينية ستكون أقل رفضاً للضغوط الأمريكية.‏

يبدو أن إدارة أوباما ترى وجود روابط بين قضايا المنطقة، لذلك تجدها تتبنى نظرة شمولية حول الأمور السائدة فيها، ويتعين ألا يغيب عن بالنا أن سورية واسرائيل قد اقتربتا من مرحلة التفاوض المباشر قبل الحرب على غزة، وأن نتنياهو قد اقترب في السابق من التوصل إلى اتفاق مع سورية وأن الهدوء قد استمر في الجبهة الاسرائيلية - اللبنانية، الأمر الذي يمكن أن يحقق تقدماً في المسار الاسرائيلي - الفلسطيني.‏

إن ما أكده أوباما على التعاون بين الدول واحترام القانون الدولي، وحقوق الإنسان والحوار، والدبلوماسية واستشارة أصدقاء أمريكا والاستماع إلى أصوات التقدميين في المجتمع اليهودي الأمريكي، كلها تعود إلى نتائج تعزز العملية السلمية، كما أن أي تقدم يمكن حدوثه يجب أن يقترن بشعور الشعبين بالأمن والكرامة والأمل.‏

إن فقدان فرصة السلام ستكون كارثة على استقرار المنطقة، والمصالح الأمريكية والأمن الاسرائيلي والطموحات الوطنية للفلسطينيين وعلى النظرة الواقعية لأوباما في حل المعضلات القائمة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية