تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الواقع المصري إلى أين يتجه؟

شؤون سياسية
الأحد 30-12-2012
هيثم عدرة

الحالة المصرية أفرزت جملة معطيات أهمها محاولة الإخوان المسلمين التفرد بالسلطة وكأنه مطلوب من المعارضة أن توافق على مايريده الرئيس المصري بالطريقة التي يحددها هو .

الموضوع ليس في الاستفتاء على الدستور والنتيجة التي ظهرت والتي اعتبرها الإخوان نوعا من الانتصار, بالطبع هذا لايعني نهاية المطاف بل يرى البعض أنها البداية لقضايا كثيرة قد تؤثر على طبيعة المجتمع المصري , الأمر الآخر هو أن رغبة أو مشيئة الرئيس مرسي لايعني أنها تحققت بل على العكس أصبح هناك حالة انقسام حادة في المجتمع المصري ,وهذا بحد ذاته ينذر بمخاطر كبيرة على كافة الصعد إذا لم تتم حوارات مع النخب السياسية تجعل من حالة التناقض طريقا للوصول إلى حالة الوفاق ,إذا ليست المشكلة في النتيجة بل في حالة الانقسام التي حصلت , ويمكن القول انه توجد شرائح ترى في بعض بنود الدستور تهديدا لوجودها الاجتماعي والاقتصادي و....الخ .‏

الأمر الآخر انه يوجد في الدستور نصوص تخدم الإخوان المسلمين كهيئة النهي عن المنكر والأمر بالمعروف وعلى ضوء نتيجة الاستفتاء سيتم تشكيلها للنظر في قضايا الحلال والحرام , مجرد هذه النصوص تجعل جميع الشرائح التي تعتمد نهج العلمانية تنفر من ذلك عداك عن الأطياف الدينية الأخرى التي ترى في ذلك التأكيد على حكم الإخوان في جميع المناحي المصرية , هكذا يرى عدد من المراقبين للأجواء في مصر , فبدل أن يتم استقطاب جميع الشرائح والابتعاد عن النهج الديني في إدارة الدولة تم التأكيد عليه منذ البداية من خلال تصرفات الإخوان وتصرفات الرئيس مرسي الواضحة والتي تؤكد على التسليم بما يريده الإخوان المسلمين من قبل المجتمع المصري , وهذا بحد ذاته استفز مختلف الأحزاب العلمانية وأطياف الشعب المصري الآخر كالأقباط وغيرهم مما جعل الحالة تصل إلى هذه الدرجة من الاحتقان والتي ظهرت على شكل صدامات وأعمال شغب واعتصام في ميدان التحرير و...الخ .‏

المتابعون للشأن المصري يلاحظون أن نتائج الدستور التي ظهرت لن تنهي المشكلة فالانقسام حاد ينذر بقضايا كثيرة قد تعود سلبا على مختلف المصريين .‏

الأمر الآخر والذي لابد من مناقشته والوقوف على أبعاده هو الجمعيات الأهلية والتي تقدم لها مساعدات خارجية تلعب دورا مهما في تأجيج الأمور وتوجد دول عديدة لها دور في ذلك , وهذا يؤكد على النوايا الخبيثة تجاه توجيه الأمور بالطريقة التي تصب في مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الغربية من جهة ومحاولة ضرب المجتمع المصري من خلال تأجيج الخلافات الدينية من جهة والانقسام الاجتماعي الواضح بين الخط العلماني وتوجهاته من خلال أحزابه وبين التيار الديني المتمثل بالإخوان المسلمين والتيارات السلفية من جهة أخرى .‏

النقطة التي تحدث بها العديد من المصريين والذين ينتمون إلى تيارات سياسية مختلفة والتي تؤكد على وجود تجاوزات أو لنقل مخالفات أثناء عملية الاستفتاء وبعض الأحزاب قدمت طعوناً واعتراضات على سير العملية الانتخابية .‏

بكل الظروف حالة الانقسام في المجتمع المصري قائمة ومرشحة للمزيد من الخلافات والتي أخذت وستأخذ مسارات جديدة تهدف إلى الحد من السلطة المطلقة للإخوان المسلمين , يقابله إصرار من التيارات الدينية على ترسيخ سلطتهم الكاملة في المجتمع المصري بعيدا عن القيام لأي وزن لجميع التيارات العلمانية والأحزاب الليبرالية إضافة إلى التدخلات الخارجية التي تعددت , ولها أجنداتها وتأخذ شكل جمعيات أهلية أو عن طريق تقديم المساعدات المشروطة و....الخ .‏

كل ماذكرناه يجعل الأمور تأخذ أبعادا خطيرة إن كان على المدى القريب أو البعيد ويبدو أن ميدان التحرير وميادين أخرى مرشحة لأن تكون الملاذ للتأكيد على حالة الاعتراض الموجودة والطرف الآخر سيؤكد أن له شعبيته وهكذا دواليك , وهذا يعني استمرار حالة الاحتقان والتصادم والتي نتيجتها تدمير المجتمع المصري والتأثير على بنيته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية , ولن تهدأ الأمور إلا بإسقاط الدستور وقيام دستور يلبي طموحات جميع المصريين , البعض الآخر يقلل من حجم الاعتراض على نتائج الدستور وخصوصا أن نسبة الاستفتاء على الدستور كانت نسبتها غير مرضية ولكنها فرضت واقعاً جديداً قوامه تطبيق الدستور الجديد وخصوصا أن نسبة الاستفتاء بحدود 63 % , ولكن الأمر المؤكد أن الأيام القادمة ستشهد معطيات جديدة خصوصا انه سيتم اتخاذ إجراءات تقشف تطال جميع مناحي الحياة عموما بسبب العجز الاقتصادي من جهة وتزايد المديونية من جهة أخرى .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية