تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المواقع الالكترونية.. هل أصبحت صالات لعرض الفن التشكيلي..؟!

ثقافـــــــة
الأحد 30-12-2012
تماضر ابراهيم

الفورة التكنولوجية حديثة العهد في عالمنا العربي، لكنها أضحت اليوم عالما بحد ذاته للتواصل الاجتماعي والثقافي، وأداة أولى لاكتساب المعرفة والثقافة، فهي تحوي فضاءات ليس لها عدد، لكن هل تعوّض النقص الذي نعيشه حالياً في الواقع الثقافي،

وهل هي أكثر عمقاً في مجال توسيع مساحة التفاعل والتواصل، لاسيما أنها مقصد للذين توطّدت العلاقة بينهم وبين الإنترنت الذي يوفّر فعلاً هوامش للاطلاع على تجارب ثقافية كثيرة ضمرتها الشللية والمحسوبيات، ترى هل يمثّل هذا التواصل واقعاً ثقافياً حقيقياً أم إنها مجرد مواقع تتخم الزائر بوجبات سريعة لا طعم لها ولا فائدة ؟ خاصة وأن هذه المواقع تتخطّى الحدود الجغرافية وتجعل الأصوات مسموعة في كل زمان ومكان تنتظر الرد سواء مدحاً أو ذماً أونقداً وتقييماً؟‏

الفن التشكيلي في صالات افتراضية‏

بذات الأجواء الحميمية والنقلات الحالمة بين عوالم من الألوان التي تهيؤها طبيعة صالات الفن التشكيلي عمد بعض الفنانين لعرض أعمالهم في مواقع بعضها شخصية وبعضها تشاركية آملين في النقد والتعليق وربما التجارة أحيانا..‏

الفنان التشكيلي زهير حسيب‏

أعمال مستوحاة من ذاكرة الطفولة‏

من مواليد مدينة الحسكة 1960, خريج كلية الفنون الجميلة1984 دبلوم فنون دراسات عليا، متفرغ للعمل الفني له العديد من المشاركات والمعارض الفردية داخل سورية وخارجها آخرها كان عام 2010 في صالة السيد، أعماله مقتناة في أغلب دول العالم، ضم موقع حسيب الالكتروني خلاصة تجاربه التشكيلية.‏

ومن مفرداته في الموقع قال: «الشخوص والحالات الإنسانية في أعمالي مستوحاة من ذاكرة الطفولة التي قضيتها بين الحقول والبساتين على ضفاف نهر جغجغ والخابور».‏

«اللوحة التي تستمر وتعيش عبر الأجيال هي تربة حبلى ببذرة يغذيها الماء والهواء، هذا هو حال العمل الفني الذي يستمر ولا يموت أبداً».‏

وزهير حسيب غني بفنه النابع من موهبته المصقولة أكاديميا منطلقا من أصالة بيئته الفراتية وجذوره الشرقية يمتلك أدواته بتقنياته الخاصة‏

و يرى أغلب النقاد أن الفنان زهير حسيب امتلك زمام موهبته المصقولة بالتأهيل الأكاديمي المهني والمعايشة اليومية لفنانين كبار، وهو منتج تقني ومفكر محمول بحساسية عالية ومقدرة مشهودة في تلمس الأشياء، متطور ومواكب روح العصر بحداثته ومتمسك بجذوره، حيث غرز تجربته الفنية عبر محاولة الاستمرار فيما بدأه منذ خمس سنوات من حيث الاعتماد على الأبعاد الإنسانية للوحاته مع محاولته إضافة لمسات جديدة على الجانب التقني للعمل كما حافظ على حضور بيئته الشرقية كعلامة فارقة تميز شغله الذي يمزج فيه بين تقنيات متعددة.‏

غيث العبد الله‏

يؤرخ للسقيلبية‏

مواليد «السقيلبية» عام 1961 ويعمل مدرساً لمادة الرسم والزخرفة في ثانوياتها، تخرج في معهد إعداد المدرسين قسم التربية الفنية في «حلب» 1981، ومن ثم درس في كلية الفنون الجميلة / قسم الحفر/ جامعة «دمشق».‏

أقام العديد من المعارض الفردية منذ عام1980وله العديد من المشاركات الجماعية الرسمية والخاصة، نال عدة جوائز وشهادات تقدير. يعمل منذ أوائل التسعينات على توثيق وأرشفة التاريخ الشفوي لبلدته (السقيلبية) بالكلمة المدونة واللوحة والصورة الضوئية والمرئية، قدم في هذا المضمار عدة محاضرات هامة، وفي صفحته عرض منوع وجميل لا يخرج فيه عن أفكاره وقناعاته وحبه لبلده بكل مفرداتها منطلقا من مفهومه وثقافته البيئية وموهبته الفنية.‏

عدنان حميدة‏

الفن والمقاومة‏

من الأسماء الهامة في ساحة الفن التشكيلي الفلسطيني، تخرّج في كلية الفنون الجميلة من جامعة دمشق عام 1985، - اختصاص إعلان- عمل مدرساً لمادة الرسم والتصوير في مركز «أدهم إسماعيل» للفنون التشكيلية في «دمشق»، ومحاضراً في قسم الاتصالات البصرية في كلية الفنون الجميلة بدمشق، كما عمل في مجال الرسوم المتحركة، أقام عدة معارض فردية، وشارك في العديد من المعارض الجماعية، كما أن أعماله مقتناة في عدة بلدان عربية وأجنبية.‏

حميدة في معظم أعماله يحملنا معه في شوارع القدس التي يرسمها بلغته الخاصة ومن مداد القلب تلونها مشاعره الصادقة التي يفيض بها وتنضح على أعماله في أدق التفاصيل التي يتقنها جيدا فهو ناضج بمفهوم اللوحة ومدرك لجدية أفكاره التي تنبع من ثقافة وافرة يحيكها باسلوب خاص تفرد به يزاوج بين الرمزية والتعبيرية أحيانا ولألوانه عبق خاص.‏

قال حميدة في أحد لقاءاته الصحفية: «الالتزام هو فني إلى جانب التزام الفنان تجاه ذاته وصدقه مع قضايا أمته وانسجامه مع جماليات وطنه ومحيطه، فعندما ينسلخ الفنان من جلده وينقاد خلف التقليد الأعمى يفقد التزامه الفني، لأن الفن قائم على إحساس هؤلاء الأشخاص وليس مرهوناً بالتقنيات،..‏

لطالما حمل الفن بكافة أشكاله روح المقاومة وسطر قصصاً لأبطال قاوموا بقلمهم أو ريشتهم، واللوحة هي سلاح الفنان التشكيلي وأداة تعبيره، فإذا لم يقاوم بلوحته فهو يرتكب إثماً تجاه نفسه وفنه، فلا يجوز للفنان الابتعاد عن قضايا أمته، لأنه يساهم بجزء من نتاج هذا المجتمع».‏

سرور علواني‏

الابداع وبراءة الأطفال‏

استاذ في كلية الفنون الجميلة و رئيس مكتب الثقافة والاعلام في اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، علواني يختلف بلغته التشكيلية حيث مزج بين الابداع والبراءة هذه اللغة لها أبجديتها الندية الشفافة التي تدخل شغاف القلب كالموسيقا العذبة بتقنية علواني التي ارتقت في رسوم شهدها أطفال سورية باسلوبه التعبيري المتقن الذي صاحب قصصهم المصورة وعكس قيما فنية وتربيوية وجمالية ترسخت في أذهانهم برفعة التناسب والإيقاع والذوق الجمالي الواعي لقيمة الأثر ومفاهيم التوازن في التذوق الفني والارتقاء بالحس الجمالي لدى الطفل، هذا المفهوم الفني التربوي السهل الممتنع جزء من أدب الأطفال وقد حمل سرور رايته عالياً وترك ألوانه المائية في حديقة غناء تعزف الكلمات وترسمها بصدق وشفافية وبحساسية ارتقت في وجدان علواني بكل ابداعاتها ودلالاتها.‏

مأمون الحمصي‏

ماضون حتى الفجر‏

مواليد دمشق 1949، يحمل أحاسيسه المنطلقة من بيئته الدمشقية فيمزجها مع الوانه وانففعالاته ليشكل علاقة رائعة بين الظل والنور في معظم أعماله.‏

كتب معلقاً: «ماضون حتى الفجر مهما كان الالم..هكذا يردد كل الفقراء من ابناء الارض والمعذبون في الارض».‏

د. سوسن الزعبي‏

دعوة لقراءة تاريخ سورية‏

مواليد دمشق 1961 رئيسة قسم الاتصالات البصرية في كلية الفنون الجميلة زينت صفحتها ببعض أعمالها التي انجزتها باسلوب تعبيري وتظهر في البعض منها حوارات صوفية متأنية بطريقة جميلة مستمدة من بيئة محلية وواقع معاش.‏

من بعض ما قالته الفنانة في لقاءات صحفية: «أرسم بمثابة تخليد للحظاتٍ مرت في حياتي، وإذا استطاع المتلقي التواصل مع الأعمال بطريقة صحيحة، سيصل إلى حقيقة اللحظات التي رُسِمَت بها تلك اللوحات».‏

أقامت العديد من المعارض الفردية ولعل ورشة العمل التي أقامتها مع طلابها في كلية الفنون لا تزال في ذاكرتنا حيث قالت عندئذ: «هي دعوة للجميع لقراءة تاريخ سورية والتعرف على مجدها وما قدمته للتاريخ، فكانت هذه الورشة الاعتيادية في منهجنا الدراسي والخاصة بما يجب أن نقدمه من أجل هذه الأرض في ظل ما تتعرض له البلاد من مؤامرة محبوكة الخيوط، لذا هذا المعرض هو هدينا لسورية وللعالم وجواب من طلابنا -بأننا في الوقت التي كانت فيه أعمال التخريب تنهش في الجسد السوري، كان الطلاب المشاركون يتوافدون وبشكل يومي يبحثون عن جذورهم لإنجاز هذه الأعمال المستمدة من تاريخهم وتراثهم، فمن اختار السيف الدمشقي كان يعي سر ديمومة هذا السيف السوري والتي اختلطت فيه عدة مكونات تتطابق مع فسيفساء المجتمع السوري، ومن استخدم الطربوش العثماني كتشكيل فني كان يعي قدرة دمشق على صهر الحضارات ضمن بوتقتها فكان الطربوش الدمشقي المزين بالبروكار الدمشقي المُذهب، وغيرها الكثير من الرموز السورية التي تداخلت مع العلم السوري ضمن بوسترات فنية».‏

د. شفيق اشتي‏

حلول بصرية‏

مواليد 1958السويداء، بواقعيته البعيدة عن التسجيلية (التي فيها يعتمد هدم الواقع وإعادة بناءه على سطح اللوحة) يقدم الابحاث العملية متتالية والتي تبرهن عليها تلك الطروحات المتجددة في كل مرحلة، تجتمع أعماله على جرأة اللون والتكوين المترابط، منطلقا من الأكاديمية إلى الإبداع باسلوب خاص به يكرث اهتمامه للون والتقنية فيتميز بهما.‏

قال اشتي في لقاء صحفي: «بالنسبة لمشروعي التشكيلي يتلخص في العثور على حلول بصرية تقدم تصوراً حول الذاكرة والأسطورة، من خلال تاريخ الحضارات التي أقيمت على أرض سورية، لوحتي بنائية تدخل فيها عناصر معمارية قديمة (تاج عمود، قوس..) لها علاقة بالأسطورة بالحضارة وبالإنسان، فهذا العنصر الجميل لاأستطيع أن أبتعد عنه فهو يرسم الخطوط البنائية لأعمالي بالإضافة إلى العناصر الإنسانية التي تلتحم معها».‏

اسماعيل سلمان‏

بوح الفرات‏

فنان تشكيلي من الميادين دير الزور عرض مجموعة أعمال جميلة وكتب في صفحته: «فطرة الوان الفرات الفنان التشكيلي اسماعيل سلمان الذي يعمل راعيا للغنم بمدينته حتى يومنا هذا. ولكن اعماله الفنية التشكيلية الفطرية وصلت متاحف عربية وعالمية وزواره لمرسمه (خان الغنم على اطراف المدينة) من الاجانب اكثر من العرب والمحليين وفي لوحاته تضج القصص الشعبية والحكايا بالخرافة والاسطورة الشعبية والمعتقدات والاحلام والافكار والرؤى. و قد لقبه الدكتور الناقد (محمود شاهين) عندما كتب عنه بجريدة تشرين ولاول مرة شاهده بانه (بيكاسو الفرات) ولهذا في لوحاته فرصة لقاء حميم مع النفس البشرية التي تتحرر من القيد لتعبر عن نفسها ومحيطها ولكن بجمال خاص وتعبير صادم وواضح وصريح وهو الذي يستنجد بابناء الجيران كي يكتبوا اسمه على لوحاته الكثيرة التي يقدمها هدية بدون ثمن للان. لكل من يزوره كي يتعرف على حياته وعالمه وهو المصاب بشلل لاحد اطرافه السفلية كشلل اطفال قديم معه. ومنها يتحدى المساحات الكبرى لجدارياته الكثيرة الكبيرة.‏

والفنان اسماعيل سلمان فنان تشكيلي ونحات من فناني مدينة الميادين بشرق سورية ولد عام 1974م وهو عضو مجموعة التشكيليين العرب بجدة وعضو منبر الميادين للابداع العربي الحر وله العديد من المعارض الشخصية مع اخيه عبود سلمان بدمشق (معرض الاخوين سلمان) تجاوزت السبعة معارض بدمشق، وقد توزعت اعماله في العديد من متاحف دول العالم كمقتنيات عامة و خاصة، ونشرت صور اعماله ووثقت منها بكتب فنية ونقدية عديدة وعرض التلفزيون السوري والفضائيات اعماله ووثقت حياته وسيرته واعماله.‏

في الختام‏

كثيرة جدا هي تلك المعارض الالكترونية، ولكن.. ترى هل أنّ الواقع الثقافي يمكن أن يوجد في عالم افتراضي ؟ والمواقع الإلكترونية هل من الممكن أن تكون بديلاً عن الواقع الثقافي نفسه الذي نعيشه في ندوة ما أو معرض، وفي تجمّع داخل نادي ذي طابع ثقافي، أو في مسرح؟.‏

ربما أثبتت المواقع الإلكترونية الثقافية أنها أداة مفيدة في صناعة الوعي وفي بناء ثقافة الانفتاح وربما الاعتراف بالرأي والرأي الآخر أيضا، إلاّ أنها برأيي الشخصي لم ولن تصل إلى المرحلة التي تجعلها كفيلة في تأسيس ثقافة كاملة من دون كتاب ورقي أومعرض فنّي ودور للسينما والمسرح.‏

ولكن هناك سؤال أخير ومفتوح الإجابة: ترى هل تهافت المجتمع على المواقع الإلكترونية هو فورة عابرة نتيجة الظروف المستجدة في عالمنا بشكل عام، أم أنه مرحلة انتقالية سوف تُدخلنا عصراً جديداً تُصبح فيه ثقافة العالم الافتراضي بديلة عن الواقع الثقافي نفسه؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية