|
مجتمع عامٌ مضى والدماء والتفجيرات كانت تلاحقنا أينما نذهب، ورسائل الموت تنبعث من كل مكان مرفقة برائحة الألم، ولم نكن ندرك فيما إذا كان المكان الذي نمر فيه سننجو منه أم لا، عام فقدنا فيه أعزّاء على قلوبنا، وذرفنا الدموع على أحبّة آخرين، ألاف الضحايا والأبرياء سقطوا بين شهيدٍ وجريح وتشرد مثلهم، أصدقاءٌ رحلوا عنا أو هاجروا مودعين على أمل اللقاء ربما في يوم ما .. في لحظة ما.. وعمر الحنين بدأ يكبر فينا أولاً بـأول. عامٌ غـادر فيه الناس منازلهم نتيجة الأحداث المؤلمة، تـاركين خلفهم ذكرياتهم، وأشـعارهم وصورهم وابتسامـاتهم، ودفء تلك المنازل التي جمعتهم لأيام وربما لسنوات أو عقود، وقلوب كثيرة اجتمعت على وجبة واحدة في غرفة واحدة، في ليلة قاسية واحدة، وربما ليال، في مدرسة أو مركز إيواء أو حديقة، المهم أن يحظوا بالأمن والسكينة ريثما يعودون إلى حيث كانوا. عامٌ تعرّفنا فيه على أشخاص كان لهم في الكثير وقع ذواتنا، حملنا مع هذه المعرفة ابتسامة لها بداية، لكنها لن تنتهي بين ليلة وضحاها، معرفةٌ نحمل فيها ملامحنا وصفاتنا وسلوكنا ونضعها أمانة في أيديهم، في قلوبهم ووجدانهم، معرفةٌ لا تقبل المساومة، لكونها تُرسّخ صفاء روحياً في لحظة سـخاء حقيقي، فهؤلاء هزموا معنا الأحزان وطردوا مآتمها وزرعوا فينا التفاؤل وحب الحياة. كثيرٌ من الصور تمرّ على شريط الذاكرة، حفرت مجراها عميقاً في الوجدان والكيان، عامٌ حققت فيه الكثير نتيجة الإرادة والتصميم، الذي بهما يحصل المرء على ما يشتهي ويرغب، لذا فذكريات العام لا يمكن أن تمر مروراً عادياً ولا يمكن أن يكون مصيرها النسيان. أصدق الأمنيات للجميع مع مطلع العام الجديد الذي نُعلّل عبره أنفسنا بالأمل والتسلح بالتفاؤل، عسى أن نُحقّق جزءاً من أمنيات نرغب في تحقيقها، كما نأمل أن تعود البسمة إلى وجه الوطن وتُنهي معها الدموع والأوجاع والهموم لدى الكثيرين... |
|