تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النووي الإيراني.. محور تجاذب أميركي - إسرائيلي

شؤون سياسية
الأربعاء 16-9-2009م
 توفيق المديني

ظل موضوع الملف النووي الإيراني محور تجاذب أميركي - إسرائيلي طوال السنوات الماضية، حيث تعمل إسرائيل دائماً على التأكيد للمسؤولين الأميركيين أن إيران تواصل ومن دون أدنى شك برنامجها لامتلاك سلاح نووي.

وهذا ما أكده تقرير للكونغرس الأميركي نشر مؤخراً، وجاء في التقرير أن التحليل الاستخباراتي لوزارة الخارجية الأميركية، مازال يعتبر أن إيران لن تتمكن من إنتاج وقود لتصنيع قنبلة نووية قبل عام 2013، في حال اتخذت القرار للمضي في ذلك.‏

وأوضحت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن التقديم الجديد لمكتب الاستخبارات والأبحاث في وزارة الخارجية، الذي تضمنه تقرير للكونغرس، يستند إلى قدرات إيران التقنية وليس إلى (موعد اتخاذ إيران أي قرار سياسي) لإنتاج يورانيوم عالي التخصيب، والتقييم تضمنته وثيقة رفعها مدير الاستخبارات القومية دنيس بلير إلى لجنة استخباراتية في مجلس الشيوخ، بعد جلسة استماع في شباط الماضي.‏

وفي الاجتماع الأخير الذي عقد بفيينا، أصدر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي تقريره المكون من ست صفحات، من دون أن يقدم أي اكتشافات جديدة، بل يذهب إلى « أن إيران قلصت بعض الشيء توسعها في تخصيب اليورانيوم ولبت بعض مطالب الوكالة بتحسين المراقبة في بعض المواقع، لكن يتعين عليها معالجة مزاعم موثوق بها عن أبحاث سرية لإنتاج قنابل نووية».‏

هذا التقرير أثار غضب فرنسا وإسرائيل، فالخارجية الفرنسية دافعت يوم الاثنين 7 أيلول الجاري عن انتقاد وزير خارجيتها برنار كوشنير للبرادعي وتأييده ما ذهب إليه الإسرائيليون من أن رئيس وكالة الطاقة الذرية لم يكن أميناً في نقل ما عاد به مفتشو الوكالة من المواقع النووية الإيرانية قبل أسبوعين، وزادت الخارجية الفرنسية توضيحاً في المآخذ على البرادعي، بأنه قدم تقريراً استطلاعياً موجزاً عن تطور البرنامج الإيراني، احتوى على معلومات جديدة ومهمة «تم توزيعه على الدول الأعضاء، لكن ما قدمه في الموجز» لم يحضر في حبر التقرير الرسمي النهائي، وكان الإسرائيليون قد سبقوا الفرنسيين إلى الاتهام بالبتر في التقرير.‏

وفي هذا السياق وصف وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اتهام بعض البلدان لمدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي بالتستر على معلومات ترتبط بالبرنامج النووي الإيراني، بأنه غير جائز، وقال رداً على اتهام وزارة الخارجية الفرنسية البرادعي بإخفاء معلومات حول معلومات إيران النووي: «أدهشني اتهام بعض أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية مديرها» وأضاف: «أرى أن هذه التصريحات غير جائزة، ولم يتوافر لدى أي فرد على الإطلاق دافع للتشكيك في سعة اطلاع ومؤهلات البرادعي العالية، وتلبيته جميع شروط منصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية».‏

ورفضت إيران مطالب بالحد من برنامجها لتخصيب اليورانيوم قائلة: إن البرنامج هو لتغطية احتياجات طاقة مشروعة، وفي أول مؤتمر صحفي يعقده الرئيس الإيراني بعد الانتخابات الرئاسية، وفاز فيها بولاية ثانية، وذلك في مدينة مشهد بشمال شرق إيران، أكد نجاد على مواصلة ايران تخصيب اليورانيوم، وإنتاج الطاقة النووية وأبدى استعداداً للحوار مع القوى الكبرى في العالم من أجل الاستخدام السلمي للطاقة النووية النظيفة مؤكداً أن بلاده ستواصل انشطتها النووية للطاقة الذرية، غير أن الرئيس الإيراني أكد على أن الحوار يجب أن يتمحور حول أمرين: «الأول إتاحة الفرصة لجميع البلدان من أجل الاستفادة السلمية من الطاقة النووية النظيفة، والثاني بشأن الإدارة الفاعلة للحيلولة دون انتشار الأسلحة النووية ونزع الأسلحة المحظورة في العالم»، مشدداً على أن أساس الخلاف ليس حول الملف النووي، بل يتعلق بعداء اثنتين أو ثلاث دول لإيران.‏

وكانت ايران سلمت مجموعة المقترحات الجديدة الأربعاء أيلول الجاري إلى القوى العظمى التي تشكل مجموعة مجموعة الخمسة زائد واحد (الولايات المتحدة والصين وروسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا)، لتبديد المخاوف الغربية بشأن برنامجها النووي وفي الوثيقة التي قدمتها إيران اقترحت تحديد «إطار دولي يمنع إنتاج الأسلحة النووية أو حيازتها أو زيادتها ويفرض إتلافها» وذلك من دون الإتيان على ذكر برنامج تخصيب اليورانيوم وعلى الرغم من التحقيق المستمر منذ ست سنوات لا تزال الوكالة الدولية للطاقة الذرية غير قادرة على أن تجزم ما إذا كانت أهداف البرنامج النووي الإيراني سلمية فحسب.‏

وأعلنت كريستينا غالاش الناطقة باسم الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إثر اجتماع عقد عبر الهاتف أن القوى الكبرى اتفقت على «طلب اجتماع في أقرب وقت ممكن مع الإيرانيين» وأوضحت أن القوى العظمى تعتبر أن اقتراح طهران الأخير هذا الأسبوع «لا يستجيب للمطالب المتعلقة بالمسائل النووية» وأنه «يتمحور حول أمور أخرى».‏

وقال مسؤول كبير في الخارجية الأميركية طالباً عدم الكشف عن هويته إن الرئيس الأميركي باراك أوباما مازال مقتنعاً بأن «الوسيلة المثلى لتحقيق هدفنا أي أن تكون إيران خالية من السلاح النووي، هو الجلوس وجهاً لوجه».‏

رغم أن «إسرائيل» اطمأنت للتعهدات الأميركية الأخيرة من باراك أوباما بالعمل على تحقيق هذا الوعد مهما كان الأمر، وأثار الإطار الزمني ونغمة واشنطن في مسعاها لإجراء محادثات مع طهران لإقناعها بالتخلي عن مشروعاتها الذرية وقدراتها لتصنيع قنابل نووية قلق «إسرائيل» التي تؤيد الديبلوماسية لكنها لمحت أيضاً إلى توجيه ضربات احترازية كملاذ أخير.‏

 كاتب تونسي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية