|
LOS ANGELOS TIMES ولتحقيق مثل هكذا نصر يتطلب جهوداً كبيرة قد تستمر لعدة سنوات قادمة، ومن الممكن إطالة أمد الحرب. فخلال عملي في فريق تقييم مسار الحرب التي قدمت استشاراتها الاستراتيجية للقائد العسكري الأمريكي الجديد(ستانلي ماكرستال) لم ألاحظ وقتها أي مؤشر لإحراز أي نصر قريب، بل على العكس رأيت المؤشرات التي توضح أسباب خسارتنا لهذه الحرب حتى الآن. ولعل نقص الموارد اللازمة للحرب هو العامل الأهم فمنذ عام 2002 وحتى عام 2008 لم يسبق لأمريكا مطلقاً أن وفرت أموالاً أو قواتاً أو جنوداً بما يكفل تحقيق النصر. ونتيجة لذلك فقدنا عقداً من الزمن ونحن ندور في مخاضات حرب خاسرة، وأكثر من ذلك ساهمت بلادنا في إحداث فراغ سياسي في أفغانستان إذ نشطت عناصر (طالبان) وغيرها من الجماعات المتطرفة الأخرى والتي عملت على استثماره لصالحها. كما أن واشنطن لم تستجب لمطالب سفارتنا في كابول عما طلبته من موارد الحرب اللازمة. لقد ركزت إدارة بوش جهودها على الحرب في العراق، واستهانت تلك الإدارة بتقديم أي جهد أو عون إنساني في أفغانستان. وأيضاً لم تتصد إدارة بوش السابقة للفساد المستشري في أفغانستان ولا سيما في حكومة (كرزاي ووزرائه ومسؤوليه) وذهب القسط الأكبر من جهود العون المخصص لأفغانستان لتمويل مشروعات فاشلة أصلاً. وتجاهلت الإدارة السابقة التقدم العملي الذي حققته حركة- طالبان-التي خطفت زمام المبادرة وأحرزت تقدماً عسكرياً على قواتنا منذ ذلك الحين وحتى الوقت الحالي. ونظراً لتصاعد تذمر الشارع العام الأمريكي من الحرب، مقابل الشعور بتقدم حركة طالبان وإحرازها المزيد من النجاحات، فإن تعيين كل من (كارل اكنبري) سفيراً لأمريكا في أفغانستان وكذلك (الجنرال ماكرستال) قائداً للقوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي، قد يعدان الأمل الأخير الذي نتمسك به هناك ولا بد من توفير الموارد والوقت والصلاحيات التي تتطلبها مهامها. ولا أعرف ما الموارد التي سيطلبها السفير (إكنبري والجنرال ماكرستال) لكن (إكنبري ) أشار إلى أن تمويل الجهد المدني الذي تبذله السفارة في أفعانستان حالياً يعادل نصف المطلوب عملياً وقد يطالب السفير بتوفير 2.1 مليار دولار إضافي لسد الحاجة الكلية لتمويل تلك الجهود بتكلفة قدرها 4.8 مليارات دولار ولا يتوقع لهذه الجهود أن تؤتي ثمارها قبل ربيع عام 2010. ومن جهته لم يعلن الجنرال ماكرستال عن حاجته للمزيد من الجنود الأمريكيين لكن جميع الخبراء العارفين يدرسون حاجته إلى ما بين ثلاثة إلى ثمانية ألوية إضافية مقابلة ويجب معرفة أن جزءاً من هذه القوات الإضافية سيخصص لمساندة القوات التي تتولى مهام العمل الإنساني الإغاثي في أفغانستان والسبب هو حاجة القوات الأمريكية لتوفير الأمن اللازم للمواطنين الأفغان وبناء مستوى كاف ومعقول من مؤسسات الحكم المحلي والنشاط الاقصادي. مهما كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخراً في أفغانستان فإنها لن تصحح الإعوجاج الحالي في نظام الحكم من تضخم هائل لجهاز الحكومة المركزية، وما علق به من فساد، إضافة إلى كون الجهاز الحكومي المركزي أداة بيد وسطاء السلطة وتجار المخدرات، وافتقار هذا الجهاز لأدنى مهارات الحكم المطلوبة في أي من الوزارات والدوائر الحكومية تقريباً. والشيء المؤسف حقاً هو وجود عناصر قوية نافذة في كل من البيت الأبيض ووزارة الخارجية وغيرهما من الؤسسات الحكومية في واشنطن تواصل إنكارها ورفضها لهذه الحقائق وتضغط هذه العناصر على الرئيس لإجبار السفير إكنبري والجنرال ماكرستال للحضور إلى واشنطن لعرض مفاهيم عامة لاستراتيجتهما المتوقعة بدلاً من تقديم مطالب محدودة لما تتطلبه مهمتهما هناك، وفي مقدمتها زيادة عدد القوات وتوفير المزيد من الأموال والموارد. والأكثر من ذلك فإن هذه العناصر المنكرة لحقائق الواقع تدفع بإتجاه الحيلولة دون بلورة استراتيجية عسكرية مدنية في أفغانستان إضافة إلى سعيها لمنع إكنبري وماكرستال من الحصول على التفويض الكامل والذي يحتاجانه للقيام بمهامهما لا سيما بخصوص توحيد جهود القوات الدولية المرابطة في أفغانستان من جهة، وجهود العون الدولي وإعادة الإعمار بقيادة الأمم المتحدة من جهة ثانية وإذا فشلت مهمة السفير إكنبري والجنرال ماكرستال سيكون مصير الرئيس أوباما مشابهاً لفشل سابقه بوش بخصوص خيبة وفشل كل منهما في مساعيه الحربية الخارجية. أنتوني كوردسمان |
|