تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تلفـــظ شخصياتهـــا المهمشـــة

فضائيات
الأربعاء 16-9-2009م
بثينة(سلافة معمار) في مسلسل(زمن العار) مرمية في حجرة كئيبة تلتف ببطانية تبدو أكثر حنوا عليها من كل الأشخاص الذين حولها والذين فنت حياتها لأجلهم بعد أن بقيت إلى جانب سرير أمها المريضة إحدى عشرة عاما...

رجاء(تاج حيدر) مرمية في أبعد نقطة في تلك العشوائيات..هناك تشعر بعدم أهميتها بعد أن باعها زوج والدتها وقبض الثمن...‏

(قمرخلف) أو وداد في طريق النحل تلك الأرملة التي حاول شقيق زوجها استغلالها فهربت لترمى في السجن..‏

هذه بعض من تلك الشخصيات المهمشة التي تقدمها مسلسلاتنا...‏

ثلاث بطلات في دراما هذا العام يعتبرن المحرك الأساسي للكثير من الأحداث في تلك المسلسلات...‏

مسلسلات تناولت المهمشين وحياتهم الهامشية كل بشكل مختلف،كما اختلف معنى التهميش الذي تناولوه هنا،ما بين البعد المعنوي والبعد المادي- الحياتي للحالة...لكن هناك قاسما مشتركا في كل تلك الحالات الفقر والذهنية الضيقة التي تقتل أصحابها أو تودي بهم إلى مهالك كثيرة،حيث يبدو هنا أن أي قرار ما هو إلا بداية الطريق إلى الخراب...‏

خراب درامي مزعج إلى أبعد الحدود ارتأت دراما هذا العام تقديمه لم تكتف بأن ننقل هذا الخراب عبر شكل فني اتفقت الكثير من المسلسلات _ربما_ عفويا على الدخول إلى تلك المناطق المهمشة، حيث كل شيء يمشي دون أن يعرف احد إلى أين..؟‏

هذا الخراب الواقعي الذي يعيشه الناس كان موضة هذا العام الدرامية..ربما لأن كتابه ينتمون بشكل ما إلى هذا العالم..أو ربما لأنه يحتوي على تقلبات وصراعات درامية يمكنها بمعاناتها وتخبطاتها الحياتية أن تنتشل مسلسلا كاملا لتأخذنا عبر عوالم تلك الشخصيات إلى دراما على الرغم من أنها ليست جديدة إلا أن الجديد فيها الغوص الدقيق داخل تلك الشخصية،بعفوية تأخذك في رحلة طويلة نسبيا لكنها تستحق الذهاب و أولى تلك الشخصيات التي يمكن اعتبارها أنها قدمت بطريقة تلفت النظر شخصية بثينة في زمن العار التي أدتها الفنانة(سلافة معمار)باقتدار،هي شخصية اشتغل عليها الكاتبان حسن سامي يوسف ونجيب نصير بحيث نجد كل تصرفاتها مبررة كل فعل يجعلك تستنتج الفعل الذي يليه دون أن تشعرك صراعاتها أو معاناتها بأي فبركة أو حشو..مصيره حدد منذ البداية هي ارتأت أن تعطي حياتها للغير،أن تكرس نفسها للآخرين،وان اعترضت في لحظات عديدة،وان شعرت أنها ظلمت كثيرا،فإنها سرعان ما تعود إلى طيبتها وفطرتها الأساسية..هي كانت مختبئة قسريا طيلة الوقت في المنزل وكأن هذا الاختباء حماها من التشويه الخارجي،ولكنه هو الذي يعمق معاناتها ويسير بها إلى مصير يبدو قدريا مرسوماً لها..‏

بثينة تتشابه في مصيرها مع البطلات اللواتي اخترن الحديث عنهن...وداد (قمر خلف)والتي لم تأخذ مساحة واسعة سوى في الحلقات الأولى من المسلسل إلا أن حكايتها هي المحور الأساسي للعمل حين تحاول الهروب من شقيق زوجها الذي يريد الزواج منها قسريا..هنا وعندما تحاول أن تبدل مصيرها نراها تقع في مصير أسوأ بعد أن تعمل خادمة الأمر الذي يودي بها إلى السجن...‏

رجاء (تاج حيدر)نراها تقع في سجن من نوع آخر بعد أن نرى أن بيئتها قد ابتلعتها تماما ومن ثم لفظتها على أطراف تلك الأماكن المهمشة والتي تبتلع ساكنيها إن استسلموا لها ولم يحاولوا الخلاص منها...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية