تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


..نســـــــخ كربونيــــــة!

فضائيات
الأربعاء 16-9-2009م
لميس علي

ممرات أو اتسترادات ..أنفاق وربما متحلقات..تتقاطع جميعها،تلتقي لتصل ما بين عقول صناع الدراما السورية،كتابها على وجه الخصوص..

والنتيجة بدلا من تسهيل المرور وتسليك العقد تساهم في المزيد من التعقيد في تلقي المشاهد للدراما المعروضة عليه.‏

لأن هذه الاتسترادات والأنفاق تيسّر مرور ذات الأفكار ما بين أقلام أولئك الكتاب...‏

هكذا وعوضا عن تحقيق نوع من (اللحلحة)لجانب الموضوع المطروح والفكرة المناقشة،توسيع آفاق كل منهما وزوايا عرضه..وصولا إلى تنوع يغني عين وفؤاد المتابع...تضيق إمكانية استيلاد الأفكار جديدة،بل تضيف وتضمحل إمكانية المعالجة الجديدة ولو كانت لذات الأفكار.‏

تلك الهندسات الطرقية تؤدي وظيفة معاكسة تماما لوظيفتها في حل عقد الازدحام خلال ساعات الذروة المرورية،لصبح لدينا تشابكات وعقد حقيقة في ذهن المتفرج خلال ساعات الذروة للمشاهدة الدرامية،والتي لربما طغى علو مزاميرها على ضجيج تلك الأولى.‏

يحسب لدراما الموسم الرمضاني الحالي حيازتها لتقصي تفاصيل أحياء السكن العشوائي؟،بنسبة تفوق أي محاولات كانت في الأعوام الماضية،إذ تغادر الكاميرا الشقق الفخمة والفيلات الخيالية أتي بقيت لفترة طويلة أسيرتها،إلى الأماكن القابعة في ظلال تلك الفيلات وما ورائها...نحو أحياء المخالفات.‏

تقريبا نرى نفس المشاهد مأخوذة من هذه الأحياء في مسلسلات(سحابة صيف،زمن العار،قاع المدينة)‏

الكاميرا في هذه الأعمال تلعب لعبتها،تتسلل إلى أسطح العشوائيات،لتراقب ما يحصل في أكثر زواياها ضيقا..وطريقتها المثلى وصولا لذلك تعتمد تكريس ذات الصورة،التي مهما تنوعت طرق التقاطها..عرضا وطولا،قربا وبعدا،تبقى ترسخ واقع العشوائي..المخالف في حيواتنا.‏

ولكن الغريب ..‏

هو التركيز على إظهار شخصيات وأحداث ومحيط عام،مأخوذة جميعها من أسفل قاع حياة،وليس فقط من قاع مدينة..بمعنى يتناسى الكتاب هذه الأعمال بقايا الطبقة الوسطى التي يحيا معظمهم في هذه الأماكن،فيتم تضخيم سلبيات هذه العشوائيات حتى على المستوى الإنساني...كل ما فيها سيء،سلبي وعدم، تفكير معظم شخصياتها معطوب ...عشوائي هو الآخر،ومخالف لتفكير من يقطن خارج دائرتها.هي ذات النقطة السوداوية التي يصر صناع هذا النوع الدرامي على تكرارها.‏

يمكن تبرير الأمر فيما لو نظرنا إلى فن الدراما ضمن هذا الإطار،على أنه لايأتي هنا إيهاما بالواقع وحسب،إنما يتجاوز ذلك إيذانا وإعلانا عن سوء واقع حال هذه العشوائيات،هو أسلوب غير مباشر للفت النظر إليها..كما لو أنهم دراميا يدقون ناقوس خطر التفجر العشوائي.‏

فسمات التشابه والتخاطر تظهر في أفكار أخرى تتحرر هذه المرة من القالب الشكلي إلى الجانب العلائقي بين شخوص عمل وآخر.أكثر الأعمال الحالية تعرض لعلاقة حب ثلاثية الأطراف..أي التطرق إلى موضوعة العواطف غير المقبولة اجتماعيا والتي يمكن وصمها بالخيانة لشريك الحياة،يرصد هذا النوع من العلاقات بأكثر من عمل(عن الخوف والعزلة،قلبي معكم،قاع المدينة،زمن العار)جميعها ترصد نفس النموذج الدرامي وان اختلفت أشكال الطرح.‏

ويبقى الأمر الذي يعمق حالة التكرار الذي تجعل من معظم المسلسلات خلطة درامية واحدة،هو أداء الممثل وطبيعة الشخصية التي يؤديها ،البعض من الفنانين أدوا أدوارا متقاربة شكلا ومضمونا.‏

ولاندري إن كانت مشكلة ضعف الشخصيات في مجمل المسلسلات الحالية يعود لطبيعة أداء مترهل يحتاج إلى شد من الممثل ذاته أم بسبب ضعف إخراجي،أما هو في الأصيل مشكلة نصية،لاسيما أن معظم النصوص الحالية كتبت بأقلام شابة غالبيتها يخوض مجال الكتابة للمرة الأولى.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية