|
شباب وبالتالي أيهما يمتلك ناصية القرار في احتواء الأزمة أو لنقل المشكلة حين تنشب بين الأبناء أنفسهم أو بين هؤلاء وأسرهم نتيجة ملاحظات أو انتقادات على بعض السلوكيات والتصرفات التي تكاد تعتري جميع المنازل على مدار العام، إذ كثيرا ما نسمع عن شباب تركوا منازلهم لظروف ضاغطة بعض الشيء بحجة أنهم لايمارسون حريتهم كما يشاؤون سواء بالنسبة للدراسة أم علاقات الصداقة واختيار الشريك أم ممارسة بعض الرغبات الفنية والرياضية.. وبالمقابل نجد العديد من الشباب ممن يتفاخرون بعلاقة مثالية ينسجونها مع آبائهم وأمهاتهم وفرت لهم مزيدا من الاستقرار النفسي والعاطفي وخلقت نوعا من التوازن في الحياة العملية، وهذا ما يؤكد عليه السيد نبيل محمد (طالب جامعي) والذي يعتبر أن العلاقة الودية المتبادلة بين الأهل وأبنائهم ولاسيما في مرحلة المراهقة هي في غاية الأهمية والضرورة، إذ مازال يتذكر السيد محمد كيف كانت تسيطر عليه علاقات التفتح «المراهقة» وتدفعه للضجر والغضب والاستنفار لكل صغيرة وكبيرة ورغم كل ذلك كان والداه يستوعبانه ويتقربان منه من خلال الأشياء التي يحبها ويرغب فيها معتمدين اسلوب التوعية وعبارات التهدئة التي تريح النفس وهكذا شيئاً فشيئا أصبحت لا أستغني عن أسرتي التي أصبحت مسرح كل نشاطاتي فهم أصدقائي في أنسي ووحشتي أستشيرهم بكل صغيرة، فأنا أطلعهم على ما يدور في فلكي ووسطي العملي بعيدا عن الكذب والتلفيق. الأهم الثقة أما نور بركات فتختصر العلاقة المتبادلة بين الأهل والأبناء بكلمة لنغرس الثقة ونعمقها بين الطرفين فهي أهم بوابة عبور للراحة النفسية والتخلص من الخوف والقلق والوهم وتضيف القول: لنعترف أن الاستقلالية الحقيقية هي بمدى توافر العلاقة الجيدة والآمنة بين أفراد الأسرة مهما كان هناك من تفاوت في الأعمار. هذا ما يعكسه نمط حياة السيد نديم ابراهيم فهو أب لسبعة أولاد: خمسة شباب وفتاتان وأبو عمار هذا تكاد لاتميزه عن أبنائه من ناحية العمر فهو مازال يتمتع بالشبوبية كما يقال أي بحيوية وفاعلية الشباب فحين يرافق عائلته لقضاء أي حاجة فالمرء الناظر إليه لايميزه عن أحد أبنائه وتحسبه للوهلة الأولى أخاً لهؤلاء، ولعل سر ذلك الوصفة الشبابية والراحة النفسية كما قال لي حسب رأيه إنه تعلم من والده مبدأ وأهمية الصداقة والتآخي بين الوالدين والأبناء انطلاقا من المأثور الشعبي «إذا كبر ابنك خاويه» وهذا يتم بالتوجيه الصحيح والموضوعي بعيدا عن الدخول بتفاصيل حياتهم بشكل مرن وفضولي مراعاة لمشاعرهم وأحاسيسهم وفق ماتقتضيه كل مرحلة وظرف. على حين لاتزال السيدة رباح /م/ تحفظ في ذاكرتها ذلك الموقف المتعنت الذي قامت به تجاه بعض القضايا والتصرفات المتعلقة بشؤون الدراسة واختيار الأصدقاء والصديقات فهي كانت تستنفر وتغضب كما تقول لمجرد حرف تفوهت فيه أمها إلى أن نالت صفعة قوية على وجهها من والدتها ما جعلها تستيقظ جيدا حين تدخل والدها بالشكل والوقت المناسبين وأعطاها الجرعة الصحيحة والهادئة تجاه جملة من المشكلات التي كانت تعتبرها وغيرها من الشباب بأنها معضلة وهكذا رويدا رويدا ونتيجة الفهم والصداقة التي نشأت بيني وبين والدي ومن ثم أمي والكلام للسيدة رباح ما ساعدني كثيرا على إدراك أهمية احترام وتقدير كلا الطرفين لآلية وجوب العلاقة القائمة على الحرص والتقدير. هذا الجزء من الكل هو نموذج مصغر لعالم قائم على تشابك علاقات أسرية أخذت القيم الاستهلاكية وصعوبات الحياة وتعقيداتها تسلب كل ما هو جميل من عاداتنا وتقاليدنا أبرزها مفردات الاحترام والتقدير وضرورة الأخذ بنصائح الكبار وخوض التجربة مع رأفة الكبار للصغار، وهذا يذكرني بقول لأحد الأدباء السوريين حين اعترف بأن العيب ليس بأبنائنا وإنما فينا نحن الكبار وبدل أن يلعن كل جيل الذي قبله ليكمل كل منا ما بدأه الآخر فيأخذ الجميل والمفيد ويترك الذي لايعنيه أو الذي لايناسبه ، لأن الأهم في الحصاد أن نبحث أولا عن البذار النضرة ونهيئ لها التربة الصالحة لاحتضانها بدلا من العراك في صحراء الاتهامات التي لاطائل منها سوى الخيبة إذا لم توجه حسب اتجاهات البوصلة الصحيحة. |
|