تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من الذاكرة الجولانية...«الكـــرسي»

الجولان في القلب
الأثنين 9-2-2009م
عندما نكتب عن قرى جولاننا نتذكر عشرات القرى التي امتدت لها يد الاحتلال الإرهابي الصهيوني ودمرتها.. مثلما نتذكر أيضاً آلاف النازحين الذين هجروا رغماً عنهم من بيوتهم.. ونتذكر أيضاً دماء الشهداء الذين رووا بدمائهم الزكية الطاهرة أرض الجولان الحبيب..

ونتذكر أيضاً دموع الأطفال الذين شردوا من أرضهم وبيوتهم نتيجة الاحتلال الصهيوني لجولاننا.. ونتذكر.. ونتذكر..شريط طويل من الذكريات يجول في خاطرنا ونحن أبناء الجولان الذي نعرفه شبراً شبراً.. الجميع دافع عن أرض الجولان.. الكل قدم الغالي والنفيس وهو يدافع عن أرضه التي ولد فوق ترابها هو وأجداده.. وتبقى الذاكرة التي لا يمكن أن تنسى شيئاً.‏‏

‏‏

اليوم نتحدث عن قرية من قرى المواجهة مع العدو الصهيوني .. قرية تقع على ضفاف بحيرة طبريا على الخط الأول.. تعرضت للكثير من الاعتداءات الصهيونية قبل الاحتلال عام 1967، واستشهدالكثير من أهلها الذين دافعوا وبضراوة عنها..‏‏

إنها القرية الشامخة العملاقة التي واجهت العدو الصهيوني بكل بسالة وشجاعة، إنها قرية «الكرسي» الواقعة بالقرب من قرية البطيحة..‏‏

الكرسي.. قرية عربية سورية في الجولان المحتل، دمرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوان عام 1967، تتبع ناحية البطيحة، بلغ عدد سكانها قبل الاحتلال حوالي 440 نسمة، تقع على الشاطىء الشرقي من بحيرة طبريا، عند منطقة تعرف باسم «مصب وادي السمك» على بعد 6 كم جنوبي بلدة البطيحة، و10 كم إلى الشمال من مدينة فيق.‏‏

يعود إعمارها إلى أزمنة قديمة، تعود إلى الفترة الرومانية والبيزنطية وما زالت تحتفظ بآثار أسوار قلعتها، وبقايا نفق قديم استخدمه الجند، والأمراء، وبقايا كنيسة يعود بناؤها إلى العام 585م. الكنيسة مسيجة بجدران عالية، وأرضيتها مزينة بالفسيفساء، وتعود أهمية قرية الكرسي إلى أن السيد المسيح (ع س) قد زارها ومكث فيها فترة من الوقت، وأنه جمع الحواريين فيها وأنقذهم منها إلى النواحي المحيطة، وفي قرية الكرسي مجمع للرهبان من أكبر المجمعات الكنسية في بلاد الشام، وفيها بقايا بيوت للرهبان، و أفران و معاصر للزيتون، وتوجد بقايا ميناء صغير، وحوض لبناء القوارب والسفن.‏‏

في عام 1958 بني حول القرية مساكن إسمنتية حديثة، بدل تلك المساكن التي كانت من الطين والخشب، اعتبرت قرية الكرسي موقعاً استراتيجياً من الناحية العسكرية، حيث بنيت فيها قبل الاحتلال تحصينات عسكرية وموقع متقدم، في مواجهة التحرشات الإسرائيلية بحق المزارعين والصيادين، الذين تعرضوا لإطلاق النار عليهم ومنعهم من العمل في أراضيهم وصيد الأسماك في البحيرة.‏‏

تعرضت مبانيها للتدمير وسكانها للتهجير إبان الاحتلال الإسرائيلي في حزيران عام 1967، حيث يعيش معظم مهجريها في مناطق متعددة من دمشق، اعتمد سكانها قبل الاحتلال الإسرائيلي على زراعة الحبوب في الأراضي البعلية، والخضراوات الباكورية في الأراضي المروية- التي تصلها من مياه بحيرة طبريا، وعلى تربية المواشي والأغنام والأبقار، والقسم الآخر من سكانها اعتمد على صيد الأسماك.‏‏

وكان بابا الفاتيكان يوحنا بولس السادس قد زار منطقة قرية الكرسي في مطلع عام 2000، ضمن زيارته لمنطقة الشرق الأوسط للحج إلى الأماكن التي يعتقد أن السيد المسيح عليه السلام مر أو أقام بها. وأقام البابا قداساً دينياً من أعلى التل الذي يقال إن عيسى المسيح (ع س) ألقى من فوقه موعظة الجبل.‏‏

أبناء قرية الكرسي يتوقون اليوم إلى العودة لبلدتهم الجميلة التي يرون وهم في منازلها فلسطين بالعين المجردة نظراً لملاصقتها بها..‏‏

أبناء القرية ينظرون بعين الأمل بالعودة إلى كل بيت من بيوتهم هذه البيوت التي دمرها العدو الصهيوني، لكنهم يقولون سيبنونها من جديد مثلهم مثل كل أبناء الجولان الذين ينتظرون هذه العودة بفارغ الصبر.‏‏

‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية