|
لوموند من هذه الشعارات «أمريكا العاجزة تختبىء وراء تمثال حرية منهار» وفي شارع مجاور لتلك السفارة بناء رسم عليه العلم الأمريكي بشكل مكبر إلا أن نجوم العلم عبارة عن جماجم أموات والخطوط رسمت بشكل مسارات قذائف. ومابين الشعارات وهذا الرسم ثلاثون عاماً من العداء لأمريكا، ثلاثون عاماً على قيام الثورة الإيرانية. الجمهورية الإسلامية قامت على مبدأ الاستقلال الوطني منذ أن واجهت نظام الشاه التابع للولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ ذلك الحين نما الشعور القومي على معاداة أمريكا بدءاً من حرب إيران والعراق (1980-1988) التي دعمها الأمريكيون والغربيون ضد طهران وصولاً إلى الحرب الدبلوماسية المستمرة ضد الملف النووي الإيراني واعتماد واشنطن العقوبات ضد إيران عن طريق مجلس الأمن دون أن تتوصل إلى حل الأزمة، فإيران تصر على حقها بتخصيب اليورانيوم لأهداف مدنية في حين أن واشنطن وحلفاؤها يتهمونها بمقاصد عسكرية ويصرون على منعها من الوصول إلى هدفها. لقد أخفق كل من كلينتون وجورج بوش في معالجة هذا الملف ثم تأزمت الأمور أكثر فأكثر ووضعت إيران على محور الشر ولجأت أمريكا إلى التهديد المستمر وأحياناً خيار قصف المنشآت النووية، أما القادة الإيرانيون وخصوصاً الرئيس أحمدي نجاد فتنديدهم مستمر للدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل التي حتى الآن لاتعترف إيران بوجودها. قد تكون إيران معزولة لكن بات من الواضح أنه لايمكن الالتفاف عليها، لقد حقق حزب الله الذي تدعمه طهران النصر على إسرائيل عام 2006 وفي القضية الفلسطينية احتلت إيران مكانة كبيرة في العالم العربي وهذا ما أزعج الدول العربية المعروفة بالاعتدال، والتي لم تعد مرتاحة لحلفائها الأمريكيين، المواجهة بين الأمريكيين والإيرانيين ليست هنا فقط بل في الباكستان وأفغانستان وفي كل مكان. وعن ذلك يقول أحد الدبلوماسيين الغربيين: يقتضي الأمر أن يكون البلدان براغماتيين وعلى الرئيس أوباما أن يبحث عن طريقة جديدة للتعامل مع الموضوع وهذا ما أطلق عليه: «الحوار مع الحزم» دون أن يعطي أي تفصيل عن ذلك، ومن إيران وفي تصرف غير معتاد أرسل الرئيس نجاد برقية تهنئة إلى باراك أوباما يقول فيها: «إذا كان التغيير المعلن تغييراً حقيقياً وإذا كانت الطريقة الجديدة قائمة على الاحترام فإننا نستقبل ذلك برحابة صدر ونتخذ حيال ذلك الإجراءات المناسبة». وحول ذلك يشرح معاون وزير الخارجية والسفيرالسابق في باريس علي أحاني وجهة النظر الإيرانية تجاه أسس الانفراج في العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية بالقول: على أوباما أن ينهي سياسة بوش العدائية ويتعامل بشيء من الواقعية، نطالبه بالتغيير في نقطتين أساسيتين: الأولى هي الاعتراف بالجمهورية الإسلامية وحقيقة أنها دولة مساهمة في استقرار المنطقة، لقد خضعنا ثلاثين عاماً للعقوبات والحظر والتهديدات ولم نبال. النقطة الثانية: هي أن يقبل الرئيس الأمريكي بأن هناك قوى جديدة في الساحة الدولية ومنها إيران، إننا محاطون بدول تعيش أزمات علينا ألا نهمل الوضع فنحن شركاء ولنا دورنا في المنطقة وفي العالم الإسلامي. لايزال الأمريكيون يحللون الأمور على طريقتهم مع أن المعطيات تبدلت لكنهم لم يبدلوا الشركاء، عندما حاولت إيران تعليق تخصيب اليورانيوم وعن طريق الحوار أيام ولاية خاتمي وساعدت في مكافحة طالبان في أفغانستان كانت النتيجة أن وضعوها في محور الشر. قبل ساعات من تسلم باراك أوباما أعلنت أجهزة الأمن الإيرانية توقيف أربعة أشخاص متورطين في مؤامرة أعدتها السي آي إي لقلب نظام الحكم وقيام ثورة مخملية في إيران وتتصاعد الانتقادات للولايات المتحدة الأمريكية وتكتب الصحف الإيرانية الكثير الكثير. شريعة مداري مدير إحدى المؤسسات الصحفية الأكثر نفوذاً يقول: «أعتقد أن مشاعرنا ضد الأمريكيين باتت موجودة في صبغياتنا» ويشير إلى أن مجموعته الصحفية لامواقف إيجابية لديها تجاه أوباما فكيف بالدبلوماسيين والرئيس أحمدي نجاد، وماالذي يمكن أن يفعله الرئيس الأمريكي؟. وفي معسكر الإصلاحيين الذين ينتعشون الآن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في حزيران نجد الجو أكثر إيجابية، صحيح أنهم ينتقدون السياسة الأمريكية والتجاوزات المرتكبة في غوانتانامو وغيرها لكن شبابهم المثقف لديه شيء من الإعجاب بمجتمع الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة من وجهة نظر فرص العمل، وقد تجد في طهران بعض المظاهر التي تحمل شيئاً من التقاليد الأمريكية والكنزات المكتوب عليها اسم أمريكا، وبالطبع ملايين الأمريكيين يستخدمون الانترنيت ويشاهدون برامج تبث من كاليفورنيا لكنهم يعتقدون أن أمريكا موجودة خلف أزرار الكومبيوتر لتسيء إلى ثقافتهم. لقد وصف آية الله الخميني أمريكا في بداية الثورة بالأفعى المجروحة، وبعد ثلاثين عاماً يجد الإيرانيون أنها لاتزال تبث سمها في كل مكان. في إحدى افتتاحياتها أشارت صحيفة الغارديان إلى أن انفراجاً يمكن أن يحصل إذا ما توجه باراك أوباما إلى الشعب الإيراني برسالة أو إلى المرشد الأعلى الإمام الخامنئي لكن البيت الأبيض نفى أي ترتيب أو تنسيق لهذا الأمر وحتى الآن لم يرد الرئيس أوباما على رسالة التهنئة التي وجهها له الرئيس أحمدي نجاد!. |
|