|
مجتمع مضموناً وعمقاً وتكويناً ولو اكتفينا بمرات عدة بطرح الأسئلة مع التأكيد على أن معظم أسئلتنا تحمل الجواب بين طياتها.. هل تأثرت العلاقات الاجتماعية بما يحدث الآن في سورية وهل ظهرت عادات جديدة أو قيم جديدة في حياتنا كسوريين وهل هذه التغييرات عميقة لدرجة أنها ستستمر أم ستزول بزوال هذه الغيمة السوداء من سماء وطننا الحبيب؟ في دائرة ضيّقة يستطيع أيّ منّا أن يدرس هذه الحالة وأن يصل إلى نتائج مرتبطة على الأغلب بهذه الدائرة أما التعميم بها أو توسيع الرقعة الجغرافية التي تشملها فيحتاج إلى دراسات اجتماعية عميقة ومتخصصة وهي غائبة بكل أسف حتى اللحظة و«محاضرة» هنا أو «ندوة» هناك لا تفي بالحاجة ولا تلبي أو تجيب عن كل الأسئلة المطروحة، أي أن هناك حاجة ماسة لإنشاء وإطلاق دراسات اجتماعية كبيرة تقوم بها فرق متخصصة فتشخّص الكثير من تغييرات الواقع السوري وكيفية والأسباب الحقيقية لحدوث هذا التغيير ووضع الخطط المناسبة لقيادة هذا التغيير أو تنظيم سيره ومحاولة الحدّ والتخفيف من آثاره السلبية وبالوقت ذاته تعزيز مفرزاته الإيجابية.. ما نستطيع فعله في مثل هذا المقام هو أن ننثر الأسئلة وأن نقارن أو نشير من وجهة نظر شخصية معظم الأحيان لما يجب أن يكون وليس شرطاً أن ما نقوله هو الشيء الصحيح ولهذا نكرر مطالبتنا بوجود فرق البحث الاجتماعي الجادة وليست كتلك التي تُشكّل الآن وتجتمع بعد سنة وتبدأ عملها بعد سنتين وعندما تصل إلى النتائج المنتظرة تكون المقدمات التي بنيت عليها هذه النتائج قد تغيّرت.. من الأسئلة الاجتماعية المطروحة: كيف سينظر المجتمع إلى ذلك العدد الكبير من النساء اللاتي فقدن أزواجهن خاصة بعد أن تخبو نار الحرب الحالية، وهل سيكون المجتمع بمكوناته المختلفة واعياً للدرجة التي تبقي هذه الشريحة بعيدةً عن القيل والقال وعن القيود التي تُفرّض عادة على الأرامل؟ ومن الأسئلة أيضاً: ماذا أعدّ المجتمع «ولا نقول الدولة، لأنه لا يجوز تحميل الدولة أعباء كل شيء» للذين فقدوا أهلهم ولا نركّز على شريحة معينة لأننا نعلم حجم الاهتمام الذي توليه الدولة بأبناء الشهداء أما السؤال فهو عن الآخرين، هل سنقذف بهم إلى تسمية «أولاد شوارع» أم نبدأ من الآن تهيئة البنى التحتية لإعادة صياغتهم عناصر فاعلة في المجتمع؟ ومن الأسئلة أيضاً: هل ننتظر الدولة لتخلص من حربها على الإرهاب لنطالبها بفتح جبهة جديدة ضد الطفيليين الذين أفرزتهم الأوضاع الحالية في سورية ولماذا لم نجد كمواطنين أي دعم رسمي أو شبه رسمي لمحاولة منع ظهور مثل هذه الطبقة وأخواتها من مستثمري معاناة الشعب السوري؟ ومن الأسئلة أيضاً: من سيكتب تاريخ هذه المرحلة؟ عند السؤال الأخير سنقف بعض الشيء لا لنجيب عليه وإنما كي يُفهَم بالشكل الصحيح.. التاريخ تكتبه الأحداث والمؤثرون بهذه الأحداث، وسنعبّر عن قناعتنا بهذه الجزئية، فالتاريخ في سورية يكتبه رجال الجيش العربي السوري والسوريون الشرفاء الذي ما تخلّوا لحظة عن وطنهم وعن انتمائهم وهم الذي يفرضون على الدنيا معالم التاريخ المتجدد لأطهر أرض، لكن سؤالنا هو عمّن سيدوّن هذا التاريخ بحبر صادق بحيث عندما يقرأ أحفادنا ما جرى في سورية في العقد الثاني من الألفية الثالثة يقرؤون الحقيقة فلا يصعقهم هذا التاريخ كما صعقنا بعضٌ من تاريخنا، ولا يتحوّل إرهاب المجموعات الإرهابية في هذا التاريخ إلى جهاد ونضال وغزوات في كتب أحفادنا، ولا نريد ان نُفاجأ كما فوجئ دريد لحام في مسرحية «كاسك يا وطن» أن العرب هم الذين استعمروا الأندلس وليس العكس.. الأسئلة كثيرة جداً، ومن جذع كل سؤال تتفرّع عشرات الاستفسارات والسلبي من وجهة نظر شخصية أنه حتى الآن لم نسمع بأي تحرّك جاد في هذا الصدد.. |
|