|
إضاءات تحت العنوان ذاته (حدث في يوم المسرح) الذي اختاره الأديب والمسرحي وليد إخلاصي لنصه القديم – الجديد، يقدم المخرج المهند حيدر عرضه المسرحي على خشبة مسرح «القباني» بدمشق، وهو ما يحسب له بداية، وأعني انتقاء نص محلي يكاد يكون مجهولاَ، لولا محاولاتٍ نادرة لفرق فرعية تكاد بدورها أن تكون مجهولة، وفي هذا الانتقاء بعض احتفاءٍ يستحقه كاتب سوري كبير، لم تلق نصوصه ما تستحق من اهتمام المسرحيين السوريين رغم أفقها الرحب، وروح التجديد والتجريب فيها، وبحثها عن أشكال مسرحية جديدة..والمؤسف أكثر أنها في بعض المناسبات التي لقيت فيه التقدير من مسرحيين غير سوريين، ُوجد من السوريين من يكيل لها اتهاماً ملفقاً ليحقق (سفاهة صحفية)، بوهم أنه حقق سبقاً صحفياً..وهي حادثة ما زلت أذكرها بكثير من الألم رغم مرور أكثر من عشرين سنة عليها.. ففي مطلع التسعينات، وأثناء انعقاد مهرجان المسرح الخليجي في «أبو ظبي» قدمت فرقة خليجية عرضاً مسرحياً عن نص لوليد إخلاصي أثار حواراً واسعاً، ونال تقديراً رحباً من من كبار المسرحيين العرب، ضيوف المهرجان، الذين أكثروا من الثناء على النص وكاتبه، وعلى اختيار الفرقة المسرحية له، غير أن مفاجأة من العيار الوضيع كانت بانتظارهم جميعاً، ففي مواجه باب القاعة التي جرى فيها مناقشة العرض وقف صحفي سوري صغير يعمل في صحيفة إماراتية ليقول بصوت مسموع إن النص مسروق من قصة قصيرة لأديب سوري آخر. كان الصحفي المغترب بالغ التكلف في أناقته الشبابية بدءاً من شعره (المسشور)، مروراً بنظارة الشمس التي يضعها في قاعة مغلقة، وصولاً إلى حذائه ذي (البكلة) الذهبية اللون، ويضاف إلى ذلك كله (غليون) كبير يقرضه بحركة استعراضية بين شفتيه. كان يحكي بغرور من اكتشف أمراً عظيماً، ولم يغير من زهوه باكتشافه الكاذب تصحيح بعض الحضور لمعلومته المغلوطة، ومحاولة إفهامه أن النص المسرحي يحمل مقولة مغايرة كلياً للقصة القصيرة، وأنه،بكل الأحوال، قد كتب قبلها بسنوات، بل أنه سارع إلى نشر (سبقه الصحفي) في الجريدة التي يعمل فيها، غير مبالٍ بمشاعر الازدراء التي أحاطه بها العارفون، مكتفياً بما ناله من اهتمام مثقفي المقاهي!! وقد تبع ذلك تعليق من أحد المسرحيين الإماراتيين قد أجد مناسبة لنشره في وقت لاحق.. « حدث في يوم المسرح » واحد من ستة نصوص لوليد إخلاصي تنتمي لما يوصف بالمسرح داخل المسرح، (الصراط 1975، حدث يوم المسرح 7197- سهرة ديمقراطية 1979- السماح على إيقاع الجيرك 1983- عجبًا إنهم يتفرجون 1986- مَن يقتل الأرملة؟ 1987)، وهي جميعاً تسعى لإشراك الجمهور بالعرض، وكشف اللعبة المسرحية أمامه مسلطة الضوء على ما يدور في كواليس المسرح. و«حدث في يوم المسرح» نصٌ مكتوب لشخصية وحيدة (مونودراما)، أو ما يعرف بـ(عرض الممثل الواحد)، وقد عمد المخرج المهند حيدر إلى إضافة شخصية ثانية ليمنح العرض المزيد من الحيوية والمتعة، ويعمق حجم المفارقة فيه من خلال الحوارات التي تدور بين عامل المسرح الموهوم بأهميته المسرحية، والمسكون بها إلى حد جعل مقولة سعد الله ونوس الشهيرة في يوم المسرح العالمي (رنة ً) لهاتفه الجوال، وبين المرأة التي اتخذت من المسرح المهجور بيتاً لها. وقد نجح الممثلان الشابان عمر عنتر و آلاء مصري زادة بتحقيق غاية المخرج بفضل أدائهما المتناغم والحيوي والممتع في أول حضور مسرحي لهما بعد عرض تخرجهما من المعهد العالي للفنون المسرحية.وبشكل عام فإن العرض يبدو وكأنه عرض للمعهد المسرحي، فالمخرج يدرّس في المعهد وكذلك مصمم البروموشن (جيهان قطيش)، ومصمم الماكياج(هشام عرابي). ومصمما الاضاءة (أدهم سفر)، والديكور(سامي حريب)، والمخرج المساعد(مضر رمضان) خريجو المعهد، ومصممة الملابس (ريم الماغوط) طالبة (سينوغرافيا)في السنة الأخيرة منه.. إلى من سبق ينضم فنانون مخضرمون (سمير كويفاتي) في الموسيقا،و(زهير العربي) في تصميم الإعلان.فيما قام (أيهم عباس) بالتصوير الفوتوغرافي، و(إياد عبد المجيد) بتنفيذ الصوت، و(عماد حنوش) بتنفيذ الإضاءة، فيما آلت مسؤولية الإكسسوار إلى (علي النوري) وإدارة المنصة إلى (هيثم مهاوش). وبالمحصلة ساهم هؤلاء جميعاً بإمتاعنا بعرض شيق ورشيق، يشاكس زمننا وأحلامنا المسرحية.. |
|