تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ولله الحمد!

معاً على الطريق
الثلاثاء 16-12-2014
خالد الأشهب

على نحو يثير التساؤل.. ويثير أشياء أخرى كثيرة أيضاً، كالسخرية مثلاً أو ربما الأسف والمرارة، أو حتى اليأس والإحساس باللا جدوى، تنقل السي إن إن العربية على موقعها الإلكتروني خبراً يتضمن نص التوجيه الملكي،

الذي أدلى به العاهل السعودي أمام وزرائه الجدد إثر التعديل الوزاري الذي جرى مؤخرا في المملكة، وشمل طيفاً واسعاً من وزراء الحكومة العتيدة، فبعد أن تتحدث عن التعديل الحكومي وتعدد أسماء الوزراء الجدد ووزاراتهم وعن أدائهم مراسم القسم.. تتابع السي إن إن بالحرف قائلة :‏

(بعد انتهاء المراسم، توجه الملك إلى الوزراء بالقول : "شكراً يا إخوان، أنا ودي (رغبتي) أطول معكم لكن أنتم ولله الحمد يعني صفينا. كلكم عارفينكم. عارفكم شعبكم وأنتم عارفين أنفسكم ونحن عارفينكم ولله الحمد."‏

وتضيف السي إن إن : وتابع الملك بالقول: "أقول لكم الصدق ولا لا؟ أول شيء إبدؤوا بالصدق. إيه فيه رجال وفيه من الشباب. لكن أنا أبي (أرغب) يجي واحد أنا أعلّمه؟! أبي يجي واحد هو يعلمني. وهذي ولله الحمد فيكم كلكم ")!!‏

ورغم أن مراسل السي إن إن الحاضر في الجلسة، وهو عربي سعودي بالطبع، حاول كما يبدو من النص أن يترجم بعض المفردات العامية الواردة في التوجيه الملكي وأن يعيد تفسير بعض العبارات غير المكتملة ولو لم يقلها الملك الموجه مباشرة، إلا أنه مع ذلك فشل فشلاً ذريعاً في فهم وفي محاولة إفهامنا ما قاله الملك. وبالتالي جاء نص التوجيه الملكي كما لو أنه قيل على لسان مريض معتوه يفتقد الفكرة والتركيز واللغة معاً؟‏

بالطبع، الأمر هنا لا يرقى أبداً إلى المناكفة المعروفة، التي قادها شاعر العربية الكبير حين قيل له.. يا أبا تمام لماذا لا تقول ما يفهم؟ فرد الرجل على الفور.. ولماذا لا تفهمون ما يقال، بل إن الأمر يهوي عميقاً إلى ما حذرني منه يوماً المغفور له عبد الرحمن القاوقجي.. أستاذي في الصفوف الابتدائية المبكرة والتي باتت اليوم بعيدة جداً، حين قال لي : إقرأ صحيحاً تفهم صحيحاً واقرأ خطأً تفهم خطأً.‏

وقد تكون السي إن إن خبيثة النية إذ حاولت تمرير رسالة إلى القارىء العربي في موقعها الإلكتروني تقول له : هذا أنموذج من بعض قادة العرب.. لا يقول ما يفهم ولا يفهم ما يقال! وقد تكون على العكس من سوء النية، إذ حاولت تقديم الأسف مشفوعاً بالقرينة لحالة صحية تستوجب الأسف، وقد تكون غير هذا وذاك إذ حاولت بث جرعة من اليأس في أمة هذا حال بعض قادتها!‏

ومع أنها أرض الرسالة ومهبط الوحي والتنزيل المحكم بلغة عربية صحيحة.. إلا أنني، وبالمتابعة الدقيقة، لم أسمع مرة ملكاً أو أميراً نافذاً في شبه جزيرة العرب قال صحيحاً سواء ارتجل أو قرأ مكتوباً في المؤتمرات أو اللقاءات الإعلامية المباشرة، فلا تراه فهم ولا أفهم غيره ، سوى الملك فيصل الذي كان صحيحاً في قراءته وارتجاله على السواء.‏

ترى، أيكون هذا واحداً من أسباب اغتياله.. أنا أرجح أنه أولها؟؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية