المشاركون: تجربة لافتة ... ولكن !!
المؤلف: فاتن دعبول
المكان:
المصدر:
التصنيف: ثقافة
التاريخ: الاحد 14/8/2005م
الرقم: 12781
الملخص: ضاقت قاعة المركز الثقافي في ( ابو رمانة) بالحضور على غير عادتها في نشاطات اخرى, وقسم كبير ظل يتابع الندوة و اقفا غير آبه بالاعياء الذي سينتابه من جراء ذلك ..
فالموضوع شائق والتجربة جديرة ان تقرأ.. على الرغم من عدم حضور الفنان الكبير وتخلف سلمى المصري لاسباب نجهلها مع تأكيدها على تلبية الدعوة.. ولكن هذا لم يكن ليغير مجريات الندوة واهميتها وتفاعل الحضور والمنتديين فيها ..
ياسر العظمة واحد من الفنانين السوريين المجتهدين انخرط بحركة الدراما السورية منذ عقود وتدرج فيها بصبر واناة حتى تمكن من ابراز صوته الخاص واستقطاب المتلقي محليا وعربيا ولا سيما تلك التي عرفها ا لناس باسم مرايا..
والسؤال الذي طرحه مدير الندوة الاعلامي والناقد عبد الرحمن الحلبي على المنتدين : ترى هل انشد الناس الى تلك المرايا لانهم وجدوا صورهم فيها ام لأنها جسدت لهم صور ومواصفات نماذج من المدانين لديهم سلوكا وممارسة, وهل أرادت تلك المرايا الاشارة الى افراد ندواتهم ام انها سعت الى توصيف حالة طرأت على البيئة الاجتماعية قوامها الرشوة والتحايل على القانون, والى اي حد استطاع ياسر العظمة ان ينفذ الى شيء من عمق الحالة التي يعالج وكيف كان ذلك من الوجهة الفنية??
تجربة خاصة
الاديب نور الدين الهاشمي له مساهماته العديدة في مسلسل مرايا وكتب العديد من اللوحات 2004,2003,2002,2001 يقول في تجربته :
اتيت الى المرايا من الادب ولي ما يقارب المئة لوحة منها ما هو سياسي او اجتماعي او انساني وهي اقرب الى الكوميديا, وكنت ارى في بعض القصص التي كتبتها ما يصلح لأن يكون لوحة في هذا المسلسل فألبسها ثوبا ممتعا من ( الصورة+الحدث) لتصل الى المتلقي بالشكل المطلوب وفي أحيان اخرى اعيد ترتيب بعض القصص العالمية وأشكلها بقالب محلي قريب من واقع المشاهد وحياته..
الفن يحب الولادة
يقف د. محمد مرعي عند نقاط هامة في تجربة ياسر العظمة يبدؤها بالقول:
ان لب الفن ولب العملية الفنية هو النص اولا واخيرا فهو اسس الاسس, واول ما يلفت الانتباه في عمل نور الدين وياسر العظمة وايضا مأمون البني انه يركب تركيبا, والفن كما هو معروف يحب الولادة..وكان الاحرى ان تترعرع هذه اللوحات في تربة خصبة تنمو وتولد وتنتشر فلا شك ستكون اقوى وافضل مما لو جاءت جاهزة بشكلها الحالي, هذا جانب والملاحظ في جانب اخر افتتان الفنان العظمة بنفسه, وهذا شيء مألوف , فكل فنان نرجسي بطبعه وهذا لاحظناه ايضا عند الفنان دريد لحام, كلاهما يحاول اغراق الجميع ليظهر, لذا نرى ياسر العظمة الاكثر حديثا, وهو الوحيد الذي يغني, ويتكلم ويهتم وبالماكياج الغريب.. لم كل هذه المبالغة .. ايعود السبب لتعلقه بالمسرح اكثر من تعلقه بالتلفاز . ربما لأنه شخصية مسرحية اولا..
ويتابع يستوقفنا تشابه التجارب بين اعمال حاتم علي ومأمون البني وسيف الدين السبيعي وهذا يعود لاستقطابه الجميع, وهم بدورهم حريصون على ارضائه مما شكل مشكلة كبيرة انعكست على التركيبة الدرامية وكان يظن ان ما يفعله كاف ليشكل جواز سفر للمشاهد, لكن في الحقيقة هذا لا يكفي, وخاصة عندما يأخذ موضوعا حيويا نعرف الكثير عنه, دون ان يربط الاشياء ببعضها واعادتها بصورة غير التي نعرفها لتلقى القبول المميز, ففقدان هذه الميزة جعل الكوميديا لديه اما الضحك عنده مكشوف وخاصة اننا لا نرى صوتا مميزا للمخرج ولا لأي مشارك به.
وبدوره يدحض نور الدين الهاشمي ادعاءات د. مرعي وان المخرج له مطلق الحرية في ان يناقش ويصل بالطريقة التي يراها مناسبة بعيدا عن تدخل الفنان العظمة..واما عن التركيب فيقول:
نحن امام عمل يومي فمن الصعوبة بمكان البدء دائما من جديد وخاصة العمل هو عبارة عن لوحات تحكي صورا مختلفة فيها الظالم والمظلوم. ويؤكد مدير الندوة هذه الفكرة بقول للامام علي ( لولا ان ا لكلام يعاد لنفد).
فلا بد أن تتشابه وتتكرر اللوحات بين حين وآخر
رؤية اكاديمية
وفي رده يقول د. مرعي: انا احب ياسر وعمله, وما اناقشه فقط الجانب الاكاديمي احلل لنصل الى الأدوات, اتحدث عن المخرج برؤية اخراجية ورؤيته كمبدع وليس ككائن يعطي الأوامر. واقول : ان ما يميز اعمال العظمة ا نه هو البطل فيها والمخرجون مكبلون بخطى الشخصية التي يريدها, فهو الجسر او المركز وكل الكادر مسخر له, لذا ارى ملامح واحدة تتكرر في كل اعماله والمخرج غائب ابداعيا..
ويعلق من بين الحضور د. عصمت على امرين اثنين :
الامر الاول يتعلق بالكتابة والثاني بالتمثيل, ففيما يتعلق بالكتابة سعى الفنان ياسر بداية للكتابة لنفسه مستعينا قراءاته ورؤيته الخاصة ومن ثم اعتمد على كتاب سوريين واستطاع ان يقدم سمة مغايرة اعتمد فيها على الادب لكنه في الان نفسه لم يكن روائيا بل قصصيا وفي احيان لم يكن بمقدوره تحقيق الشروط الدرامية لتأجيج الصراع فظهر التركيب عبئا عليه.. اضافة الى الكم الهائل من الاعمال التي يصعب معها التجديد والابداع ما جعل الشخصية تميل الى النضوب ..
ومن ناحية التمثيل اختلف العظمة عن معظم ممثلي الكوميديا العرب فهو لا يلعب صور النجم الواحد كاسماعيل ياسين او دريد لحام لان خبرته المسرحية رفدته بامكانات وقدرة على التمثيل متميزة, وهذه سمة ثمينة ونادرة في الاداء لا يملكها كثير من المؤدين وله صوت جرئ يصل الى الخط الاحمر ولا يتجاوزه فهو ثورة داخل الثورة.
الملل خطر يهدد المبدع
يزعم د. مرعي بأن الفنان العظمة انتهى كممثل كما انتهى دريد في شخصية غوار لأنه اربك نفسه وكبلها بالنمط ذاته وما يجب ان يشتغل عليه فناننا هو الكوميديا المأساوية التي تجمع بين الغصة والابتسامة, لأن الكوميديا عنده فقيرة بالضحك غنية بالكلام ( جناس, طباق, خطاب..) هو رجل مطبوع بطابع المسرح هذا من ناحية, ومن ناحية اخرى فان العمل باحداثه وافعاله وعقدته مسخر له وهذا ما ادى الى ضعف وهبوط لا يليق بالفكر..
ويؤكد الفنان محمد خير الجراح ان مرايا هي مشروع العظمة اولا واخيرا وهو ديكتاتور يبحث عن الفكرة ويسيطر على العمل ليقول وجهة نظره, يملك زمام الامور بيده ويخشى الخروج عن خط السير ما يوقعه في التكرار . .فهو من يدير العمل ويختار الممثلين ومكان التصوير والنص ولا يجد ضيرا في التدخل بأداء الممثل والمخرج ان امكن ذلك ..
ويختم الحلبي الندوة بسؤال هام.
لماذا احب الناس ان يشاهدوا ياسر العظمة باستمرار,هل لأنه جسد صورهم ام لأنه جسد المدانين لديهم.. ويجيب لا شك انه جسد الاثنين معا .
مداخلات
عبد الكريم ابازيد اكد ان المرايا هي الاكثر شعبية والاكثر عرضا يتابعه الصغار والكبار ويشد المشاهد لمعالجته الكثير من المشاكلات الاجتماعية التي تهم سواد الناس بأسلوب شائق ويعتمد في ذلك على امرين اثنين :
الممثل والفكرة.. وهذا لا يعني انه يعيش على ماضيه بل يسعى الى التجديد سواء في الافكار او الاداء وخاصة اننا نعيش حالة تنافسية شديدة..
الصحفية آمال الشعاع تقول ان خوف وحرص الفنان على عمله يدفعه للتدخل في كل صغيرة وكبيرة وهو بحق فنان متميز وقدير وجديرة تجربته بالاعجاب ..
وفي نهاية المطاف يؤكد د.مرعي ان ما يعنيه في هذه الوقفة النقدية الفكرة والبناء الفني عند ياسر العظمة ولا شك ان ثمة جوانب مضيئة وجوانب مظلمة لديه وهذا طبيعي في سيرورة اي عمل .
وهكذا على مدى ساعتين ونصف ظل الناس وقوفا وظل بعضهم يتساءل :
ترى: هل هذا الحضور الكثيف كان من اجل عيني سلمى المصري ام شوارب ياسر العظمة..?
الواقع انه كان لا من اجل هذا ولا ذاك بل كان من اجل الثقافة والمعرفة اللتين تعوداهما في كاتب وموقف والدليل ان ايا من سلمى وياسر لم يكونا بين الحضور ومع ذلك بقي وقوفا على مدى هذا الزمن كله..