|
عن كريستيان ساينس مونيتور وفي ضوء الحديث عن تقارير بأن كوريا الشمالية، ومنذ أن أخفقت في إطلاق قمرها الصناعي في نيسان الماضي تعكف على الإعداد لتجربة نووية ثالثة، فإن ذلك سوف يسهم في تصعيد التوتر في شبه الجزيرة الكورية، وهو ما يقتضي من المجتمع الدولي البحث الجاد عن نهج بديل، وأكثر فعالية للتعامل مع هذه الدولة. ولعل وجود زعيم جديد، وحدوث تغييرات إيجابية حتى وإن كانت محدودة في المشهد الكوري، يتيحان فرصة يجب الافادة منها لمحاولة إحداث تغييرات حقيقية في سياسات بيونغ يانغ. والنهج الذي اتبعته سيؤول في التعامل مع جارتها الشمالية بين عامي 1998-2008 والمتمثل في سياسة «الشمس المشرقة» للرئيس كيم داي- جونغ ثم سياسة «السلام والرخاء» لخليفته روه مو-هيون، لم يؤد لجعل سياسات بيونغ يانغ تعاونية وسلمية، بل دفعها لمضاعفة جهودها الرامية لتطوير أسلحة وإجراء تجارب نووية، وهو ما أدى لإحباط سيؤول والمجتمع الدولي . ومن جانب آخر، ساد نهج المقاطعة والعقوبات الاقتصادية على التعاطي الأميركي مع نظام كوريا الشمالية منذ انهيار ما عرف بـ«اتفاقية الإطار» عام 1994، وإن كانت واشنطن ظلت حريصة على إبقاء بعض قنوات الاتصال مع هذا النظام. ولكن المشكلة، كانت هي أن تلك العقوبات، لم تؤثر على النخبة الكورية، ولا على تماسك النظام، وإنما عانى منها الشعب الكوري الشمالي الفقير. وما يمكن قوله عموما ان النهج الحالي الذي يتبعه الغرب تجاه بيونغ يانغ يفتقر إلى الخيال والى البعد الأخلاقي، وهو ما يستدعي البحث عن خيار آخر. هذا الطريق الآخر يمكن أن نطلق عليه«الطريق الثالث»، ويتمثل في اتباع المجتمع الدولي استراتيجية جديدة هدفها « التطوير السلمي للنظام الكوري الشمالي»، ويجب أن تشتمل هذه الاستراتيجية على إجراء اتصالات شاملة مع الشعب الكوري الشمالي وليس حكومته فقط، ولا تقتصر على تقديم الطعام والوقود، كما كانت تنص الاتفاقيات السابقة بين البلدين، بل يكون له مدى أوسع نطاقاً، وأكثر تحديداً من المدى الذي ذهبت إليه سياسة «الشمس المشرقة» لكوريا الجنوبية. على واشنطن وبيونغ يانغ الاتفاق على تطوير ودعم برامج الزيارات المتبادلة للوفود الشعبية للدولتين، مع تعزيز برامج ومبادرات توفير المنح الدراسية لطلبة كوريا الشمالية، وتشجيع الفرق الرياضية المختلفة لهذه الدولة على المشاركة في المزيد من الفعاليات والمنافسات الدولية. ويمكن أيضاً استكشاف إمكانية إجراء اتصالات بين المؤسسات العسكرية الكورية الشمالية والغربية- حتى وإن كان ذلك الأمر لا يبدو متصوراً في الوقت الراهن. ويجب أن يتم الأخذ في الحسبان أن الاشتباك الإيجابي الشامل مع كوريا الشمالية لا يعني مباركة نظامها، بل السعي من أجل إحداث تغييرات إيجابية داخل البلد ذاته عن طريق التأثير على نخبته الحاكمة بتشجيع العناصر الإصلاحية، وعزل العناصر المتطرفة داخل هذه النخبة، (وهي سياسة قد تبدو خيالية ولكنها ليست كذلك في الحقيقة). وهذه الاستراتيجية يمكن أن تسهم في إحداث تغييرات داخل كوريا الشمالية ونخبتها الحاكمة على المدى الطويل تفوق بكثير المقاطعة والعقوبات. وتزداد احتمالات نجاح هذه الاستراتيجية إذا أخذنا في الاعتبار التغييرات الأخيرة الإيجابية للقيادة الجديدة . وفي الوقت الذي ينادي فيه الغرب بفرض المزيد من العقوبات على هذه الدولة المعزولة نجد أنها تسعى للتواصل مع غيرها من الدول، واكتشاف الطرق التي تؤدي بها للخروج من العزلة والتهميش، وتطوير اقتصادها. ويمكن النظر إلى الزيارتين الأخيرتين اللتين قام بهما،كيم يونج نام رئيس مجلس الرئاسة للبرلمان الكوري الشمالي لسنغافورة وإندونيسيا في هذا الإطار حيث تسعى من خلالهما لاجتذاب المزيد من الاستثمارات وتطوير التجارة المتبادلة مع الدولتين. وهناك ظواهر أخرى قد تبدو بسيطة، ولكنها عميقة الدلالة منها أن هناك صورة رسمية جديدة سمحت الحكومة الكورية بنشرها للزعيم الجديد تظهره، وهو يرتدي بذلة على الطراز الغربي ورباط عنق، كما تم نشر صور أخرى تظهر مواطنين كوريين متحمسين وهم يحتضنونه في حب واعتزاز. حيازة أسلحة نووية ليست هي الشيء الوحيد الذي يجعل هذه الدولة أكثر خطورة. واعتقد أنه إذا ما تم ضمان أمنها فإنه ليس من المتوقع لها أن تضطر للجوء لاستخدام مثل تلك الأسلحة. ولكي ينجح النهج الدبلوماسي الجديد المقترح من الضروري للصين والولايات المتحدة أن يتعاونا معاً ويوفرا ضمانات أمنية مشتركة لكوريا الشمالية. والزعيم الجديد لكوريا الشمالية ما زال في مقتبل شبابه، ومن غير الواضح ماذا سيكون عليه مستقبل كوريا الشمالية تحت قيادته. لذلك، يجب أن ينتهز المجتمع الدولي الفرصة الراهنة للتأثير على إحداث التغييرات المأمولة هناك من خلال النهج الجديد القائم على التواصل والتعاون والضمانات الأمنية. بقلم : زيكن زو |
|