تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أوروبا العجوز بين الأزمة الاقتصادية والعجز السياسي

مساحة للرأي
الأثنين 25-3-2013
بقلم د. قحطان السيوفي

    للعام الرابع على التوالي , بعد انطلاق الأزمة المالية العالمية ,تظل منطقة اليورو الحلقة الأضعف في الاقتصاد العالمي . وفي ظل هذه الأزمة المستمرة يتعرض الاتحاد النقدي الأوروبي( منطقة اليورو) لصدمة ثلاثية : صدمة مالية , أزمة ديون سيادية , وأزمة للمشروع الأوروبي مهدداً بعواقب سياسية متعددة.. .

يقول (مارتن وولف) في الفاينانشال تايمز : (يفترض أن يكون الاتحاد النقدي الأوروبي زواجاً كاثوليكياً لارجعة فيه , حتى وإن كان زواجاً سيئاً . وإذا لم يتفكك الاتحاد , فإن هناك احتمالاً لبقاء هذا الاتحاد لفترة أطول ...لأن تكاليف الطلاق مرتفعة للغاية ...)المشهد الاقتصادي العام الحالي  في منطقة اليورو يبدو سوداوياً ؛ تطبيق برامج إنفاق عام ترتكز على إجراءات تقشفية لمحاولة السيطرة على العجز المالي , والحد من نمو الدين العام  النتيجة الطبيعية لهذه السياسات , أن تصل مستويات الناتج والتشغيل أقل من مستوياتها الكامنة ...والطبيعي ,مع مثل هذه الإجراءات , أن تستمر البطالة في الارتفاع ؛ حيث وصلت معدلات البطالة في الاتحاد الأوروبي خلال الربع الأخير من عام 2012 إلى رقم قياسي (11.9%) ؛ أي أن هناك (26) مليون عاطل عن العمل في (27) دولة أوروبية .معدل البطالة في ألمانيا (5.3%) , في أسبانيا (26,2%) , اليونان (27%) . البيانات تشير إلى تراجع في استثمار الشركات , مع هبوط في الاستهلاك الخاص , مما أدى إلى تراجع اقتصاد منطقة اليورو بنسبة(0.6%) خلال الربع الأخير من عام 2012 , مع تراجع للصادرات والواردات بنسبة (0.9%) في نفس الفترة , وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي في دول منطقة اليورو بنفس المعدل خلال الفترة ذاتها . بالمقابل فإن التوقعات المستقبلية الصادرة عن المفوضية الأوروبية ترسم صورة ً مُحبَطة : في عام 2014 يتوقع أن يكون معدل البطالة أعلى من (25%) في اليونان واسبانيا ...ومن المتوقع أن يستمر الانقسام الاقتصادي والاجتماعي العميق في منطقة اليورو . ألمانيا اليوم القوة الاقتصادية الأولى في منطقة اليورو , فرنسا تعاني من تخفيض تصنيفها الائتماني ؛و(75%) من الفرنسيين يرفضون التدابير التقشفية... ويقول (مارتن وولف) في الفاينانشال تايمز ( حشرجة الموت الصادرة عن النموذج الاقتصادي الفرنسي لاتزال مسموعة , وعلينا أن ننتظر لنرى كيف ستكون النهاية ...)والوضع في بريطانيا ليس أفضل ...الواقع أن الفجوة الاقتصادية داخل الاتحاد النقدي الأوروبي من غير الممكن أن تستمر لفترة طويلة كما قال ( أبراهام لنكولن) ( إن البيت المنقسم على نفسه لايظل قائماً ) , وبالتالي من الصعب جداً أن يستمر الواقع الحالي لمنطقة اليورو . يقول رئيس المفوضية الأوروبية ( إن النشاط الاقتصادي في أوروبا خلال 2012 كان مخيباً للآمال )والقمم الأوروبية لإنقاذ منطقة اليورو لم تقدم حلولاً مرضية للمشاكل الاقتصادية التي تواجه أوروبا ,  ولم تخرج القمة الاقتصادية الأوروبية في بروكسل بتاريخ 14/3/2013 عن سابقاتها من القمم الأوروبية ...مقابل هذا الضعف والوهن الاقتصادي الأوروبي , تحاول بعض الإمبراطوريات الأوروبية القديمة البائدة استعادة بعض من  نفوذها الضائع وتحشر نفسها سياسياً في أوضاع الشرق الأوسط مباشرة أو بالوكالة ؛ كفرنسا و وبريطانيا ...وليس سراً أن جهودها هذه ستكلل بالفشل كسابقاتها ...فالأزمات والقضايا الكبرى تحسمها الشعوب...  وليس قوى الاستعمار القديم الضعيفة اقتصادياً في أوروبا العجوز ...والتي تعيش حالة من التخبط , والعجز السياسي ...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية