تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من داخل الهامش... احتفاء باطلاله..

ثقافة
الأثنين 25-3-2013
ديب علي حسن

لمَ الاحتفاء بيوم المسرح العالمي الذي حدد في 27 آذار من كل عام..؟ أحقاً هو تتويج لإنجازات الحركة المسرحية وعروضها كل عام..؟ أم أن علينا أن نقتنع أن الأمر كالعادة احتفاء بذكرى كل شيء كاد ينقرض ويذهب إلى غير رجعة، ولم يبقَ منه إلا أطلاله أو ذكرى..؟.

لست مولعاً بالمسرح إلا قراءة حين قرأت مسرح توفيق الحكيم وسعد الله ونوس، وشكسبير وغيرهم، و لذلك لا أدّعي أني أملك الإجابة على ذلك، لكن المؤشرات كلها تدل وتؤكد أن الأمر هو احتفاء وتكريم لأبي الفنون الذي كاد يودعنا إلى غير ر جعة وقد حلت مكانها فنون أخرى، وفوق ذلك تشابك وتداخل مع فنون وألوان إبداعية من شعر وصورة وصوت و.. وحتى التشكيل، بمعنى آخر صار أكثر ثراء وغنى وهو يودعنا في كل أرجاء الدنيا، وهذه صفة الحياة وتطورها والإبداع الذي لايتفاعل مع تطورات الحياة ويتجاوزها لابد أنه ميت ويابس.‏

واليوم ونحن نحتفي بالمسرح، بأطلاله، ببقاياه أترانا نخطئ حين نسأل لماذا لم يستطع المسرح أن يمد جسور التفاعل والتواصل الحقيقي إلى المجتمع؟.‏

الأسباب كثيرة ومتعددة، بدءاً من تطور الحياة ووسائل الترفيه والثقافة ووصول الرسالة الإعلامية والثقافية والإبداعية إلى المشاهد أو المتابع وهو في فراشه ودون تكاليف كثيرة، وبالتأكيد هذا سبب رئيسي في كل أنحاء الدنيا لكنه لدينا السبب الأول والأخير، إذ إن المسرح ومازال نشطاً في الكثير من دول العالم، ويجد محبوه ومتابعوه الفرصة للفرجة والاحتفاء به ومتابعته.‏

صحيح أن المسرح السوري قد مرّ بمرحلة ازدهار حقيقي لم تدم طويلاً وصحيح أيضاً أنه لدينا في كل محافظة مسرح وبنية تؤهل لأن يكون المسرح مزدهراً، ولكن الأصح أن الاهتمام بالمسرح بدءاً من المدرسة لم يعد قائماً، فالمسرح المدرسي والجامعي كانا النواة الحقيقية للمسرح العام أو المستكمل شروطه ولاننسى أن إغراء الشاشة قد سرق الممثلين الذين تخرجوا في المعهد العالمي للفنون المسرحية، ومازال يحمل الاسم نفسه بدلاً من أن يكون الآن المعهد العالي «للتمثيل».‏

ومن ثم أزمة النص المسرحي الحقيقي، إذ افتقدنا الكتاب الحقيقيين الذين أبدعوا وقدموا مسرحاً خالداً، واليوم قد تحولت النصوص إلى تهريج وتلميح تحمل في طياتها الإثارة الأنية والنكتة البذيئة من أجل استقطاب المزيد من المتابعين.. وبالتأكيد أيضاً الكاتب المسرحي لن يحصد مالاً كما كتاب نصوص المسلسلات لذلك تغيرت البوصلة من التأليف المسرحي إلى المسلسلات.‏

ربما اليوم ونحن نتذكر المسرح ونحتفي به، بأطلاله، ببقاياه علينا أن نتذكر أن الإبداع الحقيقي سيبقى ومسرحنا أصيل وراسخ في تاريخ حضارتنا، ولن نذهب في البحث عن جذوره في ثقافتنا وحضارتنا، فقد فعل ذلك باحثون بذلوا جهوداً متميزة أتت أكلهاوأثبتت أن المسرح ابن هذه الحضارة، وأن بدا طقوساً وثنية لكنه تطور ونضج ليصل إلى ماهو عليه، ولكننا لم نكن لننتبه إلى هذه الجذور التي أرادوا طمسها..‏

في يوم المسرح العالمي تحية لكل مبدعينا ورحم الله سعد الله ونوس فنحن محكومون بالأمل، محكومون بقامات مبدعينا الذين أثروا مسرحنا وونوس أهمهم عربياً وعالمياً.‏

d.hasan09@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية