تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أكاذيب لا تمر!

معاً على الطريق
الأثنين 28-10-2019
مصطفى المقداد

لا يحتاج مقتل أبي بكر البغدادي على أيدي قوات الكوماندوس الأميركية كثير عناء في التحليل لفهم أبعاد الحدث وتوقيته وارتباطه بالمشروع العدواني الإرهابي على سورية والمنطقة من جانب ، وارتباطه بالوضع الداخلي الأميركي من جانب آخر.

فالولايات المتحدة الأميركية استخدمت جميع الطرق والأساليب لفرض سيطرتها وتنفيذ إرادتها في سورية على مدى تسع سنوات دون أن تستطيع تحقيق أهدافها ، واستخدمت الإرهابيين والعملاء ووظفت المرتزقة في ميادين القتال ومحطات التلفزة ووسائل الإعلام ، لكن ثمرة القطاف كانت خائبة في كل المحاولات ، وها هي اليوم تخرج من أحد مخططاتها بالقضاء على صنيعتها الإرهابي أبي بكر البغدادي لتخفي معه جميع الوثائق التي يمكن أن تكشف مؤامراتها على سورية والمنطقة العربية ، فتعيد تنفيذ السيناريو المعتاد نفسه في القضاء على الصنيعة الموظفة إلى فترة محددة بعد استنفاد دورها، تماماً كما كان الأمر بالنسبة لأسامة بن لادن وبعده أبي مصعب الزرقاوي، وهو ما سيكون لاحقاً وقريباً مع أبي محمد الجولاني.‏

وهنا فإن الولايات المتحدة الأميركية تدخل مرحلة تنفيذ مخطط جديد يتوافق مع أطماعها في السيطرة على مصادر الطاقة بأدوات وشخصيات جديدة ، ليس بإمكان أدواتها القديمة القيام بها بعدما أصبحت أسماء البغدادي والجولاني غير مقبولة أبداً في المجتمعات الغربية والأميركية بخاصة ، وهذا ما بدا واضحاً خلال حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم أمس حين تحدث عن حماية حقول النفط وسرقة حصة منها أكثر مما تحدث عن العملية العسكرية التي قضى فيها على البغدادي.‏

وعلى الصعيد الداخلي الأميركي يسعى ترامب وفريقه لامتلاك أوراق ضغط قوية يواجه بها خصومه من الديمقراطيين الساعين إلى محاكمته وعزله، وهنا يظهر نفسه بموقع البطل الذي يتابع الإرهاب والإرهابيين في كل مكان وهو في هذه العملية يقضي على زعيم الإرهاب وينهي خلافة داعش كلياً وفق زعمه، ما يضعف موقف خصومه في الكونغرس ويوقف مساعيهم لمحاسبته ومقاضاته تمهيداً لعزله.‏

هذه العوامل الداخلية والخارجية اجتمعت لتلتقي في هذا التوقيت المتزامن مع الشروع بتنفيذ مخطط عدواني أوسع بدأت مظاهره تتجلى في كل من العراق ولبنان ، إذ يتضح أن الأمور آخذة طريق التصعيد بأسلوب جديد، وطريقة قلب المفاهيم في ظل دعم مباشر وتدخل واضح يعتمد شخصيات أميركية بصورة مباشرة للتأثير على المجتمعات العربية ودعم المحتجين ممن تلقوا تدريبات خاصة بهدف إنهاك الدول العربية وإخراجها من دائرة الفعل والمواجهة، وخاصة مواجهة العدو الصهيوني الذي يتابع المجازر العربية بأيدي العرب أنفسهم ، وينتظر المزيد منها في لبنان، إن استطاع المضي في مخططه وفق أجندته المرسومة.‏

وبعيداً عن مقتل البغدادي من عدمه فإن المواجهة ما زالت مفتوحة على احتمالات متعددة ، وتلك الاحتمالات معروفة وواضحة ومعروف طريقة مواجهتها والتصدي لها، فالجيش العربي السوري يقف بالمرصاد لجميع تلك المخططات وأثبت على مدى السنوات الماضية أنه تكفل بإسقاطها جميعها ، وهو اليوم يتابع مهمته المقدسة في مواجهة الإرهاب والحفاظ على وحدة سورية وسيادتها .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية