|
الملحق الثقافي مؤتمر الأمانة العامة لاتحاد الكتاب العرب والفعاليات الشعرية المرافقة له وفعالية دمشق عاصمة للثقافة العربية2008 والاحتفالية الشعرية النقدية عن محمود درويش والمناسبتان فرصة سانحة لتشخيص الحالة الشللية التي وصل إ ليها الشعر السوري الحديث من الاستبداد والتفرد وعقلية إلغاء الآخر هذه المصطلحات التي يدعي الشعر قبل غيره من الفنون أنه من ألد خصومها والعدو الطبيعي لها. لايخفى على المتابع لحركية الشعر السوري الحديث: أن الصراع بين قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة قد بدأ منذ ثلاثة عقود تقريباً يأخذ شكلاً مؤسساتياً،بمعنى أنه أصبح لكل شكل شعري مؤسسة رسمية يحتمي بها،وجرائد وملاحق تنطق بلسان حال مريدها،حتى تحولت كلتا المؤسستين إلى قلعة حصينة أحادية اللون والوجه واللسان،ولا تقبل وجود الآخر،أو حتى مجرد الاعتراف بأحقيته في المنافسة الشريفة والصمود أمام عامل الزمن(المحك الأعدل في الفرز) ولكي يكون الكلام خارج العموميات والتهويمات نسمي الأشياء بمسمياتها: وزارة الثقافة الحاضنة والمتبنية لتيار قصيدة النثر واتحاد الكتاب العرب المتبني لقصيدتي:التفعيلة والكلاسيك كلا الفريقين يعزز مواقعه ويقدم الأعطيات لمريديه:سفرات خارجية،ومهرجانات،ودوريات وملاحق تكرّس أسماء المنضوين تحت لوائه، دون أن يجرؤ أحد على وضع إصبعه على الجرح خشية ضياع امتيازاته،ووقوفه مع أهل الأعراف،متفرجاً على الجنة والجحيم بوصفهما وجهين لعملة واحدة..هي الشعر السوري في هذه الحالة. الأمانة العامة في احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية ومنذ البداية حسمت خيارها،وسلمت مفاتيحها لكهنة قصيدة النثر..وبشكل أدق لثلة من مدعي امتلاك الحقوق الحصرية للنطق باسمها،فلم تخذل بطبيعة الحال الهاتفين بمجدها،إذ أخرجت لنا شعراء من كل فج عميق،شعراء لم نقرأ لهم قصيدة واحدة،نحن المتابعين للشعر السوري منذ ثلاثة عقود،احتفاليات شعرية سقيمة وهزيلة استبعدت حتى الكثير من الذين تعبوا على قصيدة النثر السورية:نزيه أبوعفش/محمد المطرود،سليم بركات،محمد عفيف الحسيني،لقمان محمود،حسين حبش،عارف حمزه، ،عبد الرحمن عفيف،فراس سليمان محمد،نضال بشارة،بشير عاني،محمد الحموي،إبراهيم اليوسف،إبراهيم حسو،جاكلين سلام،طارق عبد الواحد،ميلاد ديب،أحمد حيدر،عبد البركو...الخ لا لشيء إلا لأنهم شعراء يغردون خارج سرب المؤسسة،والعلاقات الشخصية،والبعد الجغرافي عن العاصمة.. احتفالية محمود درويش رغم انتماء الشاعر الراحل محمود درويش إلى حقل قصيدة التفعيلة بامتياز يكاد يكون حصرياً في مجمل تجربته فإن الاحتفالية جاءت بشعراء لا يعرفون محمود درويش في شعريتهم لا من قريب ولا من بعيد،وزاد الطين بلة حشد مجموعة من (النقاد)الذين لا يحسنون حتى التفريق بين النثر والشعر من خلال تكريس كتاباتهم حصرياً لقصيدة النثر،ونقاد آخرين ملت الندوات النقدية من تكرار أسمائهم ..فجاءت الاحتفالية هزيلة على شاكلة معظم فعاليات دمشق عاصمة للثقافة العربية،ومنها الأسابيع الثقافية العربية التي كرست شعراء المؤسسات،والوزارات ومن دار في فلكهم.. ويكفي أن نلقي نظرة على أسماء الفائزين بمسابقة الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية: رائد وحش، مناف محمد،جولان حاجي،قيس مصطفى،هنادي زرقة، محمد ديبو، فيوليت محمد، معاذ اللحام،تمام تلاوي، سامر إسماعيل،غياث المدهون لنعرف مدى تطرف لجنة التحكيم لقصيدة النثرفكل الأسماء تنتتمي لتيار قصيدة النثر(باستثناء تمام تلاوي) وما دامت الدعوات موجهة من وزارة الثقافة السورية إلى وزارات الثقافة في الدول العربية،فليس لنا أن نتوقع حضوراً للأسماء الفاعلة في المشهد الأدبي العربي،أكثر من ذلك ما دامت اللجنة المشرفة على هذه الاحتفالية ذات صبغة واحدة،من أناس ليس لهم باع يذكر في المشهد الثقافي السوري،فليس لنا أن نتوقع احتفاء بالثقافة العربية الحقيقية،ما دامت الثقافة السورية نفسها غير حاضرة بكل أطيافها،مثلاً:ألم يكن من الإنصاف عقد ندوات نقدية واحتفالية بشعراء سورية الكبار ممن أغنوا الحركة الشعرية السورية،وتركوا فيها بصمات لا تمحى من أمثال:أدونيس،ورياض صالح الحسين(الذي لم تطبع له الوزارة حتى الآن أعماله الكاملة) ومحمد الماغوط،وممدوح عدوان،وسليم بركات،ونزيه أبوعفش... ألا يستحق الشعر السوري في المغتربات أن تقيم له الاحتفالية نشاطاً،وهو الذي مد الشعر السوري ولا يزال بالكثير من الإبداعات التي تستحق التكريم،ناهيك عن الفن التشكيلي الذي وصل للعالمية،ولم يطرق أبواب دمشق:بشار عيسى،يوسف عبدلكي،عمر حمدي.... احتفالية الشاعرات العربيات و..48 ساعة شعر..!! ولكي يكتمل»النق بالزعرور»كما يقول المثل الشامي جاءت احتفالية الشاعرات العربيات لتضيف المزيد من علامات الاستفهام على مدى عدالة وشمولية الانتقاء لمثل هذه النشاطات التي يفترض فيها تقديم نماذج حية أسهمت في حركية الشعر النسوي العربي فغابت أسماء لها وزنها مثل:سعدية مفرح،وروضة الحاج،وزينب عساف،وغيرهن.. ولكي تكتمل طرافة المشهد ارتأى المنظمون تسمية الاحتفالية:48 ساعة شعر..على غرار تسميات سينمائية مشابهة انحازت لها المعدة الشاعرة السينمائية هالا محمد..!! هكذا وبثقة مفرطة أعدوا لنا ما يفترض أنه 48 ساعة من الشعر وإليكم نماذج من هذه الساعات(الشعرية): ـ خائفة...حيث لا أثر لي/أرجوك ناولني/بعض الأغراض المبعثرة بقربك/فقط لأبعثرها قربي. ـ أمنا/الخادمة الصامتة كسيدة،غسلت أفواهنا بأسيد بكائنا/المقذع،بعد أسابيع من الجوع ـ البحر يرتفع فوق جسدها/فوق المدينة/فوق السماوات/وهي/ترتطم في الجاذبية/السحيقة/وتصرخ/فقط تصرخ. ـ لو مت من ذا الذي سيقرؤني السلام/من ذا الذي سيمسح عن جبيني ما أثقله/من ذا الذي سيغمض عيني. ـ يقول لي جدي دائماً أنها أجمل مدينة في العالم/أنا لم أرها../وجدي لم يزر كل مدن العالم../لكني رغم هذا،أصدقه كثيراً.. مؤتمر الأمانة العامة لاتحاد الكتاب العرب وبدوره حشد اتحاد الكتاب العرب ثلة من شعرائه المكرسين مسبقاً لاحتفالية الشعر العربي المعاصر،ولم يستطع تقديم شعراء قادرين على تمثيل الشعر السوري وموقعه المركزي في حركة الشعر العربي المعاصر،فخرج الشعراء السوريون المشاركون من عباءة المكتب التنفيذي للاتحاد،والشعراء العرب من عباءات المكاتب التنفيذية لاتحادات الكتاب العرب(باستثناء لبنان للأمانة)وطبعاً لا داعي للقول بأن الاحتفالية قد خلت من أي ممثل لقصيدة النثر العربية في سعي واضح لتكرار خطأ اللجنة المشرفة على أمانة دمشق عاصمة للثقافة العربية2008 وغابت أسماء عربية مبدعة وفاعلة في المشهد الشعري العربي،لا لشيء إلا لكونهم شعراء خارج مؤسسات الاتحاد.. عملياً انقسم الشعر السوري وشعراؤه إلى قطبين..وانقسمت الملاحق والدوريات الثقافية وانحازت إلى هذا القطب أو ذاك...فصار ملحق تشرين الثقافي،وملحق بلدنا الثقافي المكان الأنسب لكتابات تيار قصيدة النثر السورية،فيما كرست الأسبوع الأدبي والموقف الأدبي الدوريتان اللتان يصدرهما اتحاد الكتاب العرب للشعر الكلاسيكي ولقصيدة التفعيلة،طبعاً لكون المشرفين على هذه الدوريات ينتمون إلى هذه المؤسسة أو تلك.. ففي حين يتغنى ملحق تشرين الثقافي وتتغزل بمنذر المصري كحادي أوحد لشعراء النثر،نرى الأسبوع الأدبي تفعل نفس الشيء مع عبد الرزاق عبد الواحد... وفيما يكرس منذر المصري أغلب مقالاته لزوار بيته في اللاذقية(راجع مقالنا:منذر مصري وشركاه،المنشور في موقع الحوار المتمدن) نرى احتفاء محموماً بكتابات رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب في دوريات وندوات وملتقيات الاتحاد،فيما يغيب تماماً أي ذكر لكتابات رئيس الاتحاد السابق علي عقلة عرسان بعد أن كانت تملأ صحف ودوريات الاتحاد عندما كان رئيساً له.. وبدورها انقسمت المهرجانات الشعرية السورية بين الفريقين.. ففي حين تكرس مهرجانا الملاجة وجبلة لفريق النثر،خصص مهرجان رابطة الخريجيين والجامعيين وأغلب مهرجانات اتحاد الكتاب لفريق التفعيلة .. ويبقى السؤال الأهم:ما مصير الشعراء السوريين الذين لم ينضووا تحت ألوية الفريقين المتنازعين لملكية الشعر السوري؟؟ هل نطلق عليهم تسمية:شعراء عدم الانحياز..؟؟ |
|