تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الواقع الاجتماعي والاقتصادي للشباب الفلسطيني

شباب
الأربعاء 28-1-2009م
يحيى موسى الشهابي

للشباب الفلسطيني خصوصية فهم جيل عاش ونشأ تحت الاحتلال فعانى من تسلط من العدوان بأشكاله المتعددة بكل الممارسات القمعية وحتى ممارسات اقتلاعه من مجتمعه كالأسر والنفي أو القتل عبر سنين مرت

وحولت الشارع الفلسطيني إلى مجموعات متناثرة ما بين الداخل والخارج خلفت شرخاً كبيراً في التواصل الثقافي والحضاري والسياسي للشعب الواحد وأصبحوا مثل تجمعات سكانية مقولبة.‏

ولأن الحلول واتفاقيات ما يسمى بالسلام لم تكن على مستوى الطموح المقاوم خلقت حالة من خيبة الأمل لدى الشباب الفلسطيني مما أدى إلى الشعور بالاغتراب وعدم وضوح الهدف مضيفاً لذلك واقع اقتصادي ضعيف يعاني من عدة مشكلات أسهمت في زيادة الضغط على الشباب بسبب الملامح التالية للاقتصاد الفلسطيني:‏

1- التبعية لاقتصاد المحتل: إذ مازال سوق العمل الصهيوني المشغل الأكبر للأيدي العاملة الفلسطينية وبظروف سيئة للغاية.‏

2- غياب العدالة في توزيع الثروة وتفاوت الدخل وسوء استغلال الموارد البشرية وقلة الموارد مقارنة مع الحاجة مما يسبب خللاً في البنى الاقتصادية إذ أن الانفجار السكاني والزيادة السكانية الهائلة لابد أنها تشكل عبئاً على الاقتصاد الفلسطيني ذي الموارد المتواضعة ناهيك عن البطالة والمحسوبية في الوظائف ...‏

التبعات النفسية والاجتماعية لخلل الاقتصاد الفلسطيني‏

ونتيجة لكل ذلك كان لابد من تبعات نفسية اجتماعية لهذا الخلل يمكن تلخيصها على الشكل التالي:‏

1- التسرب من المدارس وقد شكل ما بين 25 - 34.5٪ من الشباب الذي يتركون مدرستهم قبل نهاية الصف الثاني عشر والسبب حسب عدة دراسات هي الحاجة المادية مما ينتج عن ذلك دمار نفسي واجتماعي عندهم.‏

2- الزواج المبكر للفتيات خاصة اللواتي يتركن المدرسة بسن مبكر حيث ذكرت دراسة قامت بها جمعية العلاقات العربية النمساوية أواخر عام 1996 على 220 عائلة مقدسية بأن 43٪ من الفتيات في المسح يتزوجن في عمر 16 أو أقل بسبب الحاجة المادية على الأغلب.‏

3- الدخول المبكر إلى سوق العمل وخصوصاً الشباب الذكور كعمال غير مهرة حيث أشارت احصائيات دائرة لاحصاء في السلطة الفلسطينية أن الشباب الذين يدخلون سوق العمل الصهيوني يقسمون على النحو التالي: 1- 11٪ في التصنيع 2-9٪ في الزراعة 3- 1٪ المواصلات 4- 14٪ خدمات عامة 5- 7٪ غيره 6- 8٪ في البناء وكل هؤلاء مستغلون اقتصادياً.‏

وهنا لابد من الاشارة إلى خطورة عملية دخول الشباب في العمالة أو الزواج المبكر وعدم وجود عدالة في توزيع الثروة أو الوصول إلى الموارد لأنها تزيد من إمكانية تعرضهم للاستغلال وبالتالي وقوعهم في مشاكل عديدة أهمها الإدمان على المخدرات.‏

التأثير الاجتماعي على الشباب.‏

إلا أن أهم ظاهرة اجتماعية يشعر بها الشباب الفلسطيني هي الاغتراب حيث يشعر الشاب بالوحدة والعزلة والبعد عن الذات وعن مشاعره وأفعاله وأدائه حيث يشعر بأن ما يفعله ليس له قيمة ولن يؤثر على محيطه الخارجي ومشاعر العزلة والوحدة وعدم الشعور بالأمان ذلك ينعكس على التفاعل الاجتماعي بين الشباب على المستوى الفردي أو الجماعي.‏

وبوجود هذه الضغوط المتكررة والدائمة يبحث الشاب عن التوازن والهدوء الداخلي والتكيف الذي يكون أحياناً بالغ الصعوبة مما يصبح في حالة مرضية اجتماعياً.‏

أما التسرب من المدارس فهي إحدى الآفات الاجتماعية التي يعاني منها الشباب وذلك لعدة أسباب أهمها: الذهاب لسوق العمل وما تسببه من ترك البيوت والغياب لساعات طويلة عن البيت مما قد يخلق حالة من الإهمال للعائلة والزوجة والأطفال..‏

الملامح الإيجابية والسلبية لشخصية الشباب الفلسطيني:‏

لقد شكلت سنوات الاحتلال جوانب هامة في شخصية الشباب الفلسطيني ولنبدأ بالجوانب الإيجابية:‏

1- المقاومة والقوة الذاتية محاولة تغير الوضع وقلب المعادلات المفروضة على الإنسان المقهور ومحاولات تغير الأوضاع الخارجية بما يتلاءم مع الحاجات والأهداف الحيوية وتحقيق الذات وهي حلول ذات فاعلية على المدى البعيد، الصلابة النفسية والقوة على التصدي وهناك جوانب تظهر بها هذه القوة.‏

2- أن يكون الشخص قادراً على التكيف مع الأوضاع الراهنة وأن يخلق شيئاً من لا شيء فمثلاً النضال بالحجر والمقلاع وحرق الأطر المطاطية، هذه أساليب مقاومة ابتدعها الشاب الفلسطيني وأصبحت مثلاً يحتذى به في العالم.‏

3- القدرة على الاستجلاب والاستفادة من دعم الراشدين إذ إن الشباب أحياناً يستطيعون الوصول إلى مستوى عال من الجدار (جدار الفصل العنصري).‏

4- وجود هدف بالحياة أو معنى اجتماعي وهذا يدعم الشخصية ويجعلها في كثير من الأحيان قادرة على العطاء في مجالات متعددة مثل الصداقة والعمل والحب.‏

فالشباب الفلسطيني في حالات المد والانتصار السياسي يكونون معطائين جداً وقادرين على احتواء الغير وإعطائهم الدعم النفسي والاجتماعي وهذا ما يظهر من انكبابهم على العمل التطوعي والتعاوني.‏

فلجان العمل التطوعي كانت مبادرات شبابية وكان الشباب أساسها وكذلك الأمر في الجامعات الفلسطينية لإيمانهم بعدالة قضيتهم وإقبالهم على التضحية من أجل الآخرين فالشباب الفلسطيني بمفهومهم للاستشهاد هو تجسيد مفهوم التضحية لأجل سعادة ومستقبل الآخرين.‏

ولكن في حالات الضبابية في الرؤية السياسية يظهر التشويه في المعنى الاجتماعي وتظهر الجوانب السلبية.‏

الجوانب السلبية:‏

1- الاغتراب: وهو عدم شعور الشباب بالانتماء للمجتمع بمفهومه الواسع والشعور بالرغبة بالعزلة والبعد عن الذات وعن أفعاله وأدائه حيث يشعر بأن ما يفعله ليس له قيمة ولن يؤثر على محيطه الخارجي.‏

2- العنف والعدوان: إذ إن سياسة المحتل عملت وخلال سنوات عديدة على تركيع المضطهد واذلاله نفسياً إذ إن الأساسي هو محاولة تجريد الشباب من إنسانيتهم وتهديم مستمر ويومي لشخصية الشباب وغرس عقدة النقص فيهم كل هذا يتم اختزانه عند الشاب وتحويله إلى مشاعر غضب وعدوان.‏

3- المبالغة في استخدام الأساليب الدفاعية التي تبعد الإنسان عن التعامل مع محيطه بواقعية ومن هذه الأساليب الدفاعية التي تنعكس على السلوك الاجتماعي والنفس الانكفاء على الذات ،النكوص، التمسك بالتقاليد، الرجوع للماضي المجيد، العشائرية، الاسقاط ، التماهي بأحكام المتسلط كل ذلك يجعل من اشراك الشباب في البرامج والمشاريع الموجهة لهم دوراً في تعزيز قدرات الشباب وبالتالي التخفيف من هذه الآثار السلبية وتعزيز الآثار الإيجابية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية