تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التطرّفُ الجميل.. !

على الملأ
الاثنين 5-2-2018
علي محمود جديد

دائماً كنّا.. ولا نزالُ نقول بأنّ التطرّفَ منبوذ، وأنّ الوسطيّة هي المُعدّل الأنسب لكل الأشياء، غير أنّ الحياة تُعلّمنا دائماً بأنّ أمورها تبقى نسبيّة، وأنّ التعميم على الأمور والحالات، ليس أكثر من ورطة نزجُّ بأنفسنا فيها، فمؤخراً بدأنا نستنتج بأنّ التطرّف يأتي إيجابياً في بعض الحالات،

كحالاتٍ مرّت سابقاً، وكالحالة التي أطلقها مؤخراً وزير الصناعة الجديد، وزادنا بها أملاً ونشوة، عندما قال بأنّه (لن تكون هناك حلول وسط لتنفيذ خطة وزارة الصناعة والتي ترتكز على استعادة العمل والإنتاج في كل المنشآت الصناعية التي يمكنها العمل باعتبار أن عملية الإنتاج هي البداية لتعافي الاقتصاد الوطني).‏

هنا لا يمكننا إلاّ أن نبارك لمثل هذا التطرّف الجميل فعلاً، لأنّ الصناعة تحديداً تحتاج إليه، لا كي تقوم بأعمالٍ خارقة، وإنما لتُحافظ على موقعها ومكانتها بوصفها قاطرة أساسيّة للنمو، والصناعة لن تستطيع الحفاظ على هذا الوصف فعلاً إلاّ بممارسة مثل هذا التطرّف قولاً وفعلاً، بعدم قبول الحلول الوسط، فإما تنفيذ الخطط الصناعية، أو تنفيذ الخطط الصناعية.‏

هذا المنطق الرائع هو التصميم بعينه، المجبول بالثقة، وهو إزاحة لفكرة التراخي والتراجع في تنفيذ الخطط، والمضي بها إلى أن تكتمل، وهذا يُشيرُ إلى أننا سنشهدُ طعماً آخر للقيم المُضافة القادمة، فالصناعة هي بالأصل ميدان لتحويل المادة الأوليّة إلى مادةٍ أو مواد أخرى مُصنّعة تكسبها قيمة مضافة، والصناعة في الحقيقة تحتاج إلى الكثير من الجهد والمتابعة بلا كلل، ولا سيما في هذه المرحلة الصعبة، لأنها مرّت بمحنةٍ قاسية، إذ كانت معاملها وخطوط إنتاجها، ومنشآتها، وحتى موادها الأولية المحلية، كانت من الأهداف الثمينة للإرهابيين أعداء الشعب والوطن، فاستهدفوا وخرّبوا ودمّروا وأحرقوا الكثير من المقدّرات الصناعية، غير أنّ صمود الشعب والجيش أفشل لهم كل المخططات، وصاروا يُدركون جيداً هم ومشغلوهم بأنهم لن يستفيدوا شيئاً، وأننا ماضون بالحياة التي نحب، رغماً عنهم، وذاهبون إلى إعادة الإعمار، لنغدو أفضل مما كنّا عليه، متمسكين بهذا التطرّف الجميل، برفض الحلول الوسط، والتمسّك بالنصر.. أو النصر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية